تغطية خاصة بالصوت والصور: الدكتور زياد نجيم تحدّث بجرأته المعهودة عن حرّية الاعلام امام طلاب جامعة ( آي يو اس تي ) في الاشرفية

كثيرون يطلّون علينا عبر الشاشات، يصطنعون الجرأة، ويتطاولون على النّاس بهدف لفت الأنظار، وهؤلاء الكثر “يفقعون” كفقاعات الصابون بعد خروجهم مباشرة عن الشاشة…وقلائل يطلّون على الشاشة، فيلامسون النّاس، ويقولون ما نفكّر به، يرشدوننا، وينشرون المنفعة مستندين على سنوات وسنوات من الجهد والعمل والخبرة الاعلاميّة، ويتصدّر هؤلاء القلائل، الدكتور “زياد نجيم”، الذي أمتعنا و أفادنا في ندوة القاها أمس الجمعة، في جامعة ال “اي يو اس تي” في بيروت، تحت عنوان “حريّة الاعلام، أم اعلام الحريّة؟”.

ما يميّز الدكتور زياد، قدرته على السيّطرة على حواس المستمع الخمس، بحيث تشعر وأنت تصغي اليه، بأنّك أمام رجل ذو كاريزما خطيرة، وثقافة ناضجة لا يدّعيها. رجل يأسرك بكلامه، لأنّه يقول الحقيقة كما هي، بكامل شوائبها، بلا “روتوش” ولا “مايك أب”، كما عوّدتنا الوسائل الاعلاميّة، و اعلاميّو عالمنا العربيّ منذ نشأتنا ونشأتها.

حضر الندوة أيضا الاعلامي الصديق “نيشان ديرهارتونيان”، وأدار الحوار الذي قام بين الدكتور زياد والطلاب الذين حضروا بكثافة للاستماع للدكتور، ولمناقشته في آرائه، وفي واقعنا العربيّ واللبنانيّ. وتجدر الاشارة الى أنّ بعض الطلاب الذين كانوا حاضرين، هم طلاب نيشان في الجامعة.

أمّا أهمّ ما جاء على لسان الاعلاميّ “زياد نجيم” كان:

-توجّه الى الاعلاميّ نيشان، الذي قدّمه، قائلا: ” شكرا لك صديقي نيشان، وأنا أعتبرك نيشانا على صدر الصحافة العربيّة واللبنانيّة من أصل أرمنيّ، التي نفتخر ونعتزّ بكونها مكوّن أساسي من الثقافة والهويّة اللبنانيّة”.

-انا اليوم موجود بينكم ليس لأتكلّم بل لأستمع اليكم، لأنّ حلمي بالشباب قد تبعثر للأسف مع مرور الوقت، خاصّة بعد 25 سنة من الصراع المرير في الاعلام، وعندما أستخدم كلمة “مرير” أقصدها.

– الزحف الجارف للثورة الاعلاميّة، أدّى الى تفشي التفاهة، الحماقة، السطحيّة، و الانحطاط الفمكري، والتضليل الأيديولوجي والاعتداء المنهجي على الذوق العام. ناهيك عن الأدوار السياسيّة المشبوهة التي يقوم بها عدد من مقدّمي البرامج السياسيّة، وهؤلاء تحلّوا عن الحياد والموضوعيّة والأخلاق والقيم اكراما لمصالحهم وجيوبهم، ومصالحهم الملتحمة عضويّا مع بعض سياسيّي الثعلبيّة والزبائنيّة.

-هل تحوّلت المؤسسات الاعلاميّة اللبنانيّة والعربيّة الى متاريس حزبيّة و اجتماعيّة ومالية وفنيّة تقمع وتغيّب الحريّة الاعلاميّة…حتى لو شكلت في بعض الأحيان متنفّسا لبعض أنواع المعارضات المهادنة؟ وسترون أنّ بعض المعارضات أسوأ من الأنطمة القائمة!!

-هناك بزوغ للصحافة الالكترونيّة ومدوّنوها، الذين اخترقوا حدود اللامعقول،واغتصبوا الرقابة، وهنا الاغتصاب شرعي، لأنّه يحترم الفكر، وحريّة الصحافة و وحريّة العقيدة التي نظريّا قدّست في لبنان، ولكن فعليّا داسها الحذاء الاستخباري. لذلك القي التحيّة على كلّ الصحافيّين في الصحف الالكترونيّة الذي بدأوا الصلاة لهلاك الرقابة العتيد.

-الأخوان الرحباني عبر أعمالهم المسرحيّة علّمونا أن نتفائل بلبنان، بينما ذهبوا ولم يبق لهم الا شارعا في منطقة أنطلياس باسمهم…بينما هناك آخرون حازوا على استقطاب ومحبّة الجميع، وأعطوهم بمرسوم جمهوريّ النياشين ووضعوا أسماءهم على الشوارع…في حين لم نر شارعا باسم زكي ناصيف أو مي زيادة او جبران خليل جبران.

-يجب الغاء وزارة الاعلام، التي منذ ان نشأت لم تقدّم شيئا للاعلام اللبناني. فالوزير الذي يأتون به، وأنا هنا لا أتكلّم عن الوزير الحالي بل أتكلّم عامّة، “لا بيهشّ ولا بينشّ” أو تنحصر وظيفته على اقفال المحطات، كما تذكرون عند اقفال ال “اي سي ان” و اقفال محطّة ال “ام تي في” في ال2002، وحينها لم يتجرأ أحد على البوح بكلمة!!

-كان هناك ادّعاء سطّر من قبل اللواء “جميل السيّد” الذي كان يشغل منصب مدير الأمن العام، بأنّ برنامج “استفتاء” الذي كنت أقدّمه وأعده مع “سليمان ابو زيد” يساهم في خربطة العلاقات مع سوريا. وأذكر أنّ الشهيد “سمير قصير” قال لي مرّة على الهواء أنّه كان ملاحقا من قبل قوات أمنيّة وعندما سألته عنها قال أنّه الأمن العام. وتوقّف برنامجي وظلّ الملفّ مفتوحا ثلاث سنوات ومن ثمّ تمّ اغلاقه ولم يحرّك أيّ صحافيّ ساكنا.

-متى تنتهي بعض نشرات الأخبار من فبركة الأقوال السّامة، والتقوّل الرخيص، هناك بعض نشرات الأخبار عندما أشاهدها، أشعر وكأنني أمام العميد “عزيز الأحدب” عندما احتلّ شاشة تلفزيون لبنان وقرأ القرار رقم 1. على سبيل المثال ومع كلّ احترامي لشاشة الجديد، عندما أشاهد نشرتها الاخباريّة أشعر وكأنني أمام القرار رقم واحد، أو كأنني أمام انقلاب عسكريّ. كما أنّني أنظر الى عيون المذيعين والمذيعات على شاشة الجديد، انتبهوا أنا احترم شاشة الجديد ولكنّنا نقوم “بكاريكاتور” لأنّ الانسان لا يتقدّم الا عندما ينتقد نفسه.

-سلامي واحترامي وتقديري للشباب الذين غزوا شوارع لبنان مطالبين باسقاط النظام الطائفي، ولكن كيف ننتهي من الطائفيّة ورؤوس الطائفيّة لا يزالون موجودون؟ وأنا لم أشارك في التظاهرة لأنني للأسف لا أؤمن بجدوى هذا التحرّك، لأانّه من غير المعقول في لبنان أن نستطيع ازالة الوجوه السياسيّة والزعماء الطائفيّين، خاصّة أنّ لبنان تابع لمنظومة اقليميّة متوافق عليها.

-كيف تذكرت ال “ان بي ان” أنّ “صفوت الشريف” المسؤول الأساسي في الحزب الحاكم في مصر كان يستضيف الفنانات ويضغط عليهم ويجبرهم على ممارسة الجنس، ويقوم بتهديدهم بأنّهم ان رفضوا سيفضحهم؟ هذا وشاهدت تقريرا طويلا صباحا، أنّ الأستاذ صفوت مشارك في قتل او التحريض على قتل سعاد حسني.

-هل سمعت أحدا من قناة “العالم” ينتقد النظام الايراني؟ هل سمعت أحدا على شبكات ال “ام بي سي” و “العربيّة” ينتقد الأمراء السعوديّين؟ هل رأيت أحدا على شاشة المنار ينتقد شخص السيّد “حسن نصرالله”؟ هل سمعت أحدا في “المستقبل” يتجرأ أن يقول أن الشهيد رفيق الحريري قد يكون قد أخطأ يوما في حياته؟ هل يتجرّأ أي اعلاميّ على قناة “الجزيرة” أن ينتقد سياسة قطر؟ هل سمعت أحدا عبر ال “فرانس 24” ينتقد سياسة فرنسا الخارجيّة؟ أكيد لأ، لذلك لا يوجد حريّة للاعلام.

-لا تجرؤ أيّة قناة، وأنا أتحدّى الجميع، في السّماح لي بتقديم برنامج على هوائها، “ما بيسترجوا”.

-من كان يحلم يوما، أن لا يصبح “جمال مبارك” رئيسا للجمهورية؟ كنّا ندخل الى مصر خلسة ونعدّ الحلقات، وكان قلبي يدقّ وأنا خارج من مصر، خوفا من التقاط الشرائط بحوزتي، لأنني أعلم أنّني لو احتجزت لن يسأل عنّي أحد. من كان يحلم بخلع بن علي؟ ومن كان يحلم بهزّ عرش القذّافي؟

وعلى هامش الندوة، التقينا بالاعلامي “نيشان درهارتونيان”، وعندما سألناه عن سبب اختيار الدكتور نجيم لتقديم الندوة قال:”بما أنّني أستاذ في الجامعة الأميركيّة للعلوم والتكنولوجيا، وأعلّم فيها صفّا حول فنّ الحوار، أقوم بدعوة مفكّرين ومثقفين و اعلاميّين الى حرم الجامعة لكي يتواصلوا مع هؤلاء الطلاب، فاقترحت على الدكتور فرحة أن نقوم بدعوة الدكتور نجيم، فرحّب بالفكرة. وأنا سعيد جدا بهذا التواصل بين الاعلام وطلّاب الاعلام، حتى يأتوا بنفع، ليستفيدوا بجدوى وجود هذه الصورالاعلاميّة، ليستقوا من خبرتهم، ثقافتهم، وتوجيهاتهم. وزياد خير نموذج للاعلامي المثقف، المنفتح، ويستطيع أن يرتقي بالرأي الى مقام أرقى”.
أمّا ردّا على سؤالنا، اذا ما كان القمع الموجود في الاعلام السياسيّ، موجود في الاعلام الفنّي، واذا ما كان يتعرّض لذلك قال:” نحن نعيش في أنظمة مقموعة، ودائما لدينا ال “لأ”، ولدينا دائما سقف الاحتجاز، و مصادرة الرأي، ولكن في المجال الفني الاجتماعي قد يكون أقلّ، ولكن دائما هناك بعض الحرمات والأخلاقيات الدينيّة التي من الممنوع تجاوزها حتى بالطرح”.

للاستماع للمزيد مما قاله الاعلاميّ نيشان استمعوا الى الاوديو التالي.كما أنّه كان لنا لقاءً سريعا مع الاعلامي “زياد نجيم”. سألناه فيه عن المرارة التي عانى منها خلال 25 عاما من مزاولة الاعلام فقال:” تعرّضت للضغوط والارهاب النفسي، وتوقيف كلّ برامجي التي قدّمتها دون أيّ تبرير ولا احترام. ولكنّني مؤمن بتأدية رسالتي الاعلاميّة، كما ايماني برسالتي الطبيّة، ايماني كبير جدا يمكنهم “هزّه” ولكن لا يستطيعون زعزعته. وأنا لست الوحيد الذي تعرّض لهذا القمع، لأنّ هناك من دفع حياته ثمنا لجرأته، فمي شدياق كادت أن تموت، سمير قصير مات، نسيب المتني مات، رياض طه مات، جبران التويني كذلك. أنا كنت محظوظا لأنّه لم يتمّ التعرّض لي جسديّا”.
وفي محاولة الاستفادة من رأي الدكتور زياد نجيم في القضيّة التي أثرناها مؤخرا ولم نغلقها بعد، حول قضيّة السماح للمواطنين الاسرائيلييّن بالمشاركة فيها، استغرب الدكتور الأمر وفوجئ بما رويناه له، وطلب التأكّد من الموضوع والبحث فيه قبل التصريح عنه وأكّد أنّ هناك عدد كبير من الاسرائيليّين الذين هم ضدّ ما تقوم به اسرائيل وهؤلاء يحقّ لهم المشاركة، وأنّه ليس كلّ يهوديّ صهيونيّ، ويحق لمن يعترضون على سياسة الصهاينة أن نسمع صوتهم وليس جميعهم.

للاستماع الى المزيد من التصريحات المشوّقة للدكتور زياد الرجاء الاستماع الى الأديو التالي.  

  

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com