رأي خاصّ- صراع محموم للفنّانين على الألقاب… أزمة إفلاس أم انهيار؟
باتريسيا هاشم– صراع الفنّانين على الألقاب بات محمومًا في السّنوات الأخيرة وكأنّها قضيّة حياة أو موت.
يتسابقون على الألقاب مخلّفين وراءهم الشّغف بالفنّ والتميّز. وبدلًا من أن يتنافسوا على إصدارات إبداعيّة متجدّدة، باتوا يتلهّون بزخرفة ألقاب برّاقة على حساب جودة أعمالهم.
ونحن نتساءل اليوم، ماذا سيغيّر اللقب “المفخّخ” في مسيرتهم وماذا قد يضيف إلى سيرتهم؟ هل سيتذكّرهم الجمهور بألقابهم أم بإصداراتهم؟ هل ستسطّر ألقابهم ذكريات الناس أم وقع أغنياتهم؟ أسئلة كبيرة يجب على الفنّانين أن يطرحوها باستمرار على أنفسهم….
كثرت الألقاب في السّنوات الأخيرة وبهتت الأعمال الفنّيّة وكأنّ التّلهّي بالقشور صعّب على النّجوم اختيار أعمال ناجحة، فبات اللقب والأزياء وتسريحة الشعر والمجوهرات والسّيّارات والطّائرات وعدد المتابعين والإعجاب والجوائز أهمّ من عمليّة البحث عن قوت أرشيفهم، فوُلدت أغنياتهم ميتة في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى ولدت ناقصة، مشوّهة او مبتورة.
ولأنّنا بتنا في زمن قحل المحاسبة، تمادى الفنّانون في تجاهل بعض الأصوات الخجولة التي اعترضت على ما يقدّمون، فاستباحوا حرمة الفنّ وقدسيّته واستبدلوا به الشّكل المبهرج أحيانًا والفيديوهات المثيرة للجدل أحيانًا أخرى وعرّجوا بعض الأحيان على افتعال أحداث تلهّى بها جمهورهم، فتفادوا بذلك شرّ الرّجم بحجارة الانتقاد.
لطالما كانت الألقاب جائزة أو مكافأة تمنح للمتميّزين في مجالاتهم، إلّا أنّها كانت دائمًا مناسبة للإنجاز دون مبالغة أو مغالاة، ولم تُمنح هذه الجوائز يومًا للفاشلين أو المتراجعين أو من راوحوا مكانهم، إلّا في الفنّ، إذ يُغدق المشاهير على أنفسهم ألقابًا وتكريمات.
ففي زمن الفساد على كلّ المستويات، حيث لم يعد مستحيلًا شراء جائزة أو مرتبة أولى، سمح بعض المتمادين من الفنّانين لأنفسهم شراء لقب لم يكلّفهم سوى همس اللقب الذي يحلمون به في أذن أصحاب الأقلام أو النّفوذ والمتعهّدين ومنظّمي الحفلات والمهرجانات وحتى بعض أفراد نادي المعجبين بهم، ثمّ عاشوا الدّور، صدّقوه والتصقوا به وغالوا في مدح أنفسهم إلى حدّ الهوس والهلوسة، وسط عجز الجميع على الاعتراض على اللقب أو إمكانية سحبه منهم.
مؤسف حال بعض هؤلاء الفنّانين، الذين يسكرون بلقب ولا يعون حقيقتهم ولا يعرفون كم هو حجم نجوميّتهم، وهم في قرارة أنفسهم لا يريدون أن يصدّقوا أنّ لا أغنيات متفوّقة ينتجون ولا حفلات جماهيريّة يقيمون ولا ثناءً وتقديرًا يتلقّون، إلّا أنّهم مصرّون باستمرار على “نفخ” الأنا المتضخّمة لديهم علّهم بذلك ينجون…
أقوى الفنّانين وأكثرهم تمكّنًا هم أولئك الذين يسعون لأن يكون اسمهم هو لقبهم الأهمّ ويجتهدون ليحقّقوا نجاحًا حقيقيًّا وليس نجاحًا مزيّفًا وموقّتًا، ويشقون لينتجوا أغنيات عبقريّة تضمن لهم الحفلات والجوائز والمراتب الأولى المستحقَّة، فلا يفتعلون نجاحات وهميّة تضمن انهيارهم السّريع وسقوطهم المدوّي عندما تتراجع شعبيّتهم أو يتراجع مموّلوهم أو يتراجع حظّهم…
تابعوا قناة bisara7a.com على الواتساب لتصلكم اخبار النجوم والمشاهير العرب والعالميين. اضغط هنا
إرموا الألقاب في سلّة المهملات وتعالوا نفكّر معًا بالإرث الفنّيّ الذي ستورّثونه للأجيال القادمة وبالأغنيات التي سيرقص عليها المراهقون يومًا بعد رحيلكم عن هذه الدّنيا وأي ألبوم من ألبوماتكم سيهدى العشّاق بفخر محبوبيهم في مناسباتهم السّعيدة، وأيّة أغنية ستكفكف دموعهم يوم فراق أحبّتهم وأيّة أغنية ستمنحهم القوّة ليواجهوا أقدارهم وظلم الحياة؟ وأيّة أغنية ستثبّت حبّهم للوطن والأرض والحياة؟ وأيّة أغنية ستشعل فيهم الشّغف والتمرّد والأمل والانتصار لأنفسهم؟ وإن فشلتم في الإجابة عن هذه الأسئلة فبئس ألقابكم وثرواتكم والحياة الفنّيّة الفارغة التي هدرتموها عبثًا…