انتبهوا يا شباب العالم العربي ولا تتركوا الفاسدين يستغلون إيمانكم
كما ذكرنا سابقاً فإن مطلع الـ 2011 لم يحمل لنا بعد أي بصيص أمل لنشعر بشيء من التفاؤل، فالموت والتشرد والجوع والبطالة تهدد الشرق الأوسط وها هي عدوى التمرد تنتشر بين الدول العربية، والكل في الخارج يرى شرقاً أوسطاً جديداً بمعالم مختلفة ورؤيا مستقبلية أفضل ولكن فقط إذا ما بقيت النوايا هي نفس النوايا لنحصل على النتائج المرجوة.
في بادئ الأمر تحمس العرب لعمل نقلة في خط الزمن المتباطئ سياسياً حولنا فقام عدد كبير من شباب العالم العربي بصنع ثورة عبر التكنولوجيا الحديثة وبين ليلة وضحاها بدأت النوايا في التحول إلى وقائع ولكننا وللآن لم نرى سوى 10% فقط من النتائج.
وبعد خروج الرئيس التونسي المخلوع بن علي وزوجته من تونس ونجاح الشعب الذي حركه الشباب في صنع التغيير انتقلت عدوى التمرد إلى الكثير من دول العالم العربي، وها نحن اليوم نرى شيئاً من النتائج باستقالة بعض الحكومات وتشكيل حكومات جديدة وتغيير الهيكلية الإدارية في الكثير من البلدان بالشرق الأوسط ولكن وفي خط الوسط يبدو أن المسار سينحرف.
فبعد أن حرك التمرد ما في قلوب وعقول الشباب العربي وبعد أن صنع الحماس خطوات من التغيير بدأت بعض الأفواه تخرج بكلام غريب مستند على حقائق معروفة لم يفهم الشباب مقصدها فتتحول الثورة إلى إحباط، وبدلاً من صنع التغيير يحصل التأخير.
وكلنا نعرف أنه ولولا وجود الفساد في بعض هذه المناطق لما تحرك الشارع العربي وقام بصنع انتفاضة جماعية رغبةً في قمع خطط الفاسدين و إخراجهم من غرف السلطة وإبعادهم عن كراسي الإدارة ولكن فجأة ومن حيث لا نعلم وبينما نحن منشغلون في متابعة الأحداث وانتظار النتائج المرجوة بلهفة وتعطش اكتشفنا أن هناك أيدي خفية تحاول استغلال غيابنا وانشغالنا لتجر أبناءنا للخلف وتغلف عقولهم بالخوف وتجبرهم على التراجع.
ما إن بدأت الثورة ضد الفساد هنا وهناك حتى انتشرت مقالات وبرامج وفتاوى كلها تناقش علامات اقتراب يوم الحساب الذي نؤمن به جميعنا وننتظره بحرص رغبةً منا في الفوز بالثواب وتجنب العقاب .. ولكن هل ما يحصل الآن في الشرق الأوسط فقط علامة لاقتراب هذا اليوم أم هو عقاب من عند الله أوقعه على الفاسدين لينكشفوا ويُحاسبوا؟
يوم الحساب حقيقة تنتظرها الدنيا كلها، ولكن الفساد أيضاً حقيقة، والشباب حقيقة، ومقولة أن السلطة في يد الشعب يتركها برضاه للرؤساء ليحسنوا إدارتها حقيقة أخرى. كلها حقائق وهي إن لم تكن متشابهة فهي في الواقع متقاربة جداً وتصب في نفس المكان.
ونعلم جيداً أن انقسام العالم العربي وافتقادهم لمن يوحد كلمتهم ويحكمهم هو حقيقة وعلامة من علامات اقتراب يوم الحساب ولكن أن نظهر هنا وهناك فنقول للشباب لا تنساقوا خلف الدنيا و اتركوا المظاهرات واتجهوا لأداء الفرائض والعبادات ولا تغادروا بيوتكم في انتظار هذا اليوم فهذا ليس بكلام حقيقي و إنما كلام مبطن نفهم جيداً أسبابه و أهدافه..
فالانقلاب والغضب على الفساد جهاد ولا جنة ولا ثواب لمن يترك الفساد يأخذ مجراه في انتظار حياة أخرى في الآخرة أفضل و أأمن لأن من ترك الدنيا تغوص في المنكرات خسر دنيته و آخرته أيضاً..
انتبهوا يا شباب العالم العربي ولا تتركوا الفاسدين يستغلون إيمانكم وحرصكم على الآخرة بتمويه الحقيقة لكم في الدنيا.. فليس على من أراد الاستعداد ليوم الحساب أن يخاف ويتربص بعلامات اقترابه و ينسى الدنيا عائمة مع الفساد .. وكونوا على ثقة بأن ما يحصل اليوم من انقسام في الشارع العربي ما هو إلا نعمة من الله يريد بها كشف الفاسدين و إذلالهم ومحاربتهم وليس كما يقول البعض بأنه غضب أنزله الله من السماء عليكم رغبةً في تعذيبكم و تفريقكم .. فأنتم جبهة قوية إن استمرت بنفس النوايا والحماس ستحقق السلام وتفرض قوة العرب على الجميع..