الدعارة بين المال ورجال الأعمال… وعهر رجال يكسر احتكار النساء
روزي (اسم مستعار) 35 عاماً تمارس الدعارة منذ 17 سنة تقول: “في المرة الأولى وأثناء مغادرتي بيت ذاك الرجل بعد الانتهاء من ممارسة الجنس معه ارتبكت كثيراً احسست بأن كل العيون متجهة نحوي تلاحقني وكأنها تعلم أين كنت ومع من وماذا فعلت فأحسست بأني حقيرة ووضيعة ولكن لم تمضِ لحظات حتى تذرعت بحاجتي المادية وعدم توفر البديل. في المرات التالية بدأت اشعر بالاستمتاع حتى اقنعت نفسي بأني أمارس عملاً واستمتع في نفس الوقت حتى أصبحت بعد ذلك عادة”.
الدعارة انحراف في الشخصية
ان الدعارة في جوهرها نوع من انحرافات الشخصية مثل السرقة والكذب والتزوير والرشوة والقمار والإدمان. تُعرف الدعارة انها علاقة جنسيّة غير مشروعة تقوم بين رجل وامرأة بقصد الحصول على فائدة مادية أياً كان نوعها. من وجهة نظر علماء النفس نواجه هنا شخصاً يتاجر بجسده وهذا يدل على انحراف في طبيعة العلاقات الإنسانيَّة السويَّة والسبب ان الإنسان يسعى إلى إقامة علاقة مع الجنس الآخر فتتركز معه كل عواطفه واحاسيسه ولا تقتصر على اتصال جنسي المجرد من العنصر العاطفي وتنتهي مفاعيله في وقته.
هذه الظاهرة لازمت كل المجتمعات القديمة عبر التاريخ البابليَّة والفرعونيَّة والإغريقيَّة والرومانيَّة. أما عند العرب في الجاهليَّة كانت النساء “الداعرات” تقمن في بيوت خاصة. وكانت في مرحلة معينة شكل من أشكال التقرب من الآلهة.
بين المال والأعمال…
مؤخراً لعب العامل الإقتصادي من مستوى الضرورة والحاجة إلى مستوى الرفاهيَّة دوراً هاماً في الإتساع حيث تتخد تجارة الجنس “أرقى” أشكالها فتختفي صورة الفتاة الفقيرة المتبرجة التي لم تترك أي من مساحيق التجميل إلا ووضعتها على وجهها لتحل محلها صورة سيدة مجتمع راقيَّة ملائكيَّة الوجه تعمل من أجل “الصالح العام” وفق حسابات دقيقة للغاية.
فالدعارة اليوم لها حساباتها الخاصة في عالم المال والأعمال (business) حيث تستغل الشركات الكبرى الجنس للحصول على العقود وتوفد النساء للترحيب بالعملاء الأجانب والعرب في الفنادق الفخمة والبقاء معهم وارضائهم جنسياً للحصول على تواقيعهم. هل يستطيع أحد اتهام رجال الأعمال اصحاب تلك الشركات بأنهم قوادون وان الدعارة ليست سوى مهنة تمارسها النساء يديرها ويستفيد منها الرجال؟
الإغراء والطموح
اللافت في الموضوع ان عدد كبير من تلك النساء وبعد التحدث إليهن يتمتعن بقدر لا بأس به من التعليم (إلا انهن محدودات الثقافة والذكاء). وتقول رانيا (اسم مستعار) 24 عاماً وهي متخرجة من كلية الحقوق “انها تمارس الدعارة منذ 4 سنوات” وتشير إلى ان “هناك من دفعها لممارسة الدعارة وقدم لها العديد من الإغراءات بالإضافة إلى طموحها بالظهور بمظهر لائق”. هل سألت نفسها رانيا أي مظهر لائق ستظهر به داعرة؟
هل يملكون الإختيار
بعد كل المعاناة النفسيَّة والجسديَّة والأحكام المسبقة المتراكمة وبعد مرور العديد من السنوات عندما تُسأل النساء “الداعرات” هل سيتركن الدعارة يجبن بأنهن يرغبن ذلك ولكن هل سيكون لهن حريَّة الإختيار بين البقاء في وحول الدعارة والخلاص منها. هل سيُسمح لهن بذلك بعدما كن داعرات يتاجر بلحمهن الرخيص قوادون؟
ليست للنساء فقط… عهر رجال
الفكرة الشائعة ان الدعارة مسألة نسائيَّة والرجال يحضرون كزبائن أو كقوادين. إلا ان الصورة تغيرت الآن فالدعارة لم تعد حكراً على النساء بل هناك ظاهرة انتشرت مؤخراً تُسمى “عهر رجال” ليست سوى الدعارة التي يمارسها شباب عاطل من العمل في المدن يقدمون الخدمات الجنسيَّة مقابل المال لنساء كبيرات في السن.
ان الدعارة تعكس التأثيرات السلبيَّة التي تنتشر في المجتمع كإنهيار القيم الأخلاقيَّة والمبادئ بالإضافة إلى تعميم ثقافة الماديَّة وما لها من تأثير قوي ومباشر في بعض الأشخاص التي تؤدي في نهاية المطاف إلى انحرافات في الشخصية؛ للأسف الشديد كل شيء يُشترى ويباع في السوق الإستهلاكي والدعارة وسيلة مغريَّة للكسب المادي السريع دون بذل جهد كبير. وقد قدر الخبراء ان تجارة الجنس تجاوزت الف مليار دولار في العالم.
هل ستحقق نجاح أي حملة توعيَّة من أضرار مزاولة الدعارة على كافة المستويات الصحيَّة والنفسيَّة والعصبيَّة والإجتماعيَّة والمعنويَّة؟
هل ستنفع الدعوة إلى محاصرة هذه الظاهرة المنتشرة أمام مليارات الدولارات؟