رأي- بين الشاعر سيد حجاب ونجومية نانسي عجرم أكثر من مليون معجب
“شخبط شخابيط لخبط لخابيط مسك الالوان ورسم ع الحيط
ارسم واحلم بالمستقبل واللي بيرسم بكرة ينول
وكل الجاي فعمرك اجمل كل هواية وليها اصول”
“امورة وحلوة وكتكوتة دي حبيبتي اجمل بنوتة
بتحب باباها وممتها ولا مرة تخاصم صحبتها
وعشان غلوتها ورقتها بسهر واحكيلها الحدوتة”
“كان ياما كان و زمان فيه واد سافر لف بلاد وبحور
حب العلم ولما اتعلم حن لبلده وناسه وعاد”
“كلم يا حبيبي صحابك والعب وافرح بشبابك
بس اوعى تضيع وقتك وتسيب درسك وكتابك”
“لو كنت عايز تبقى سعيد متقولش حاجة تزعل حد
و تقول كلام معقول ومفيد ولا يوم تهزر وفت الجد”
“يللي بيساعد رفقاتو شو منقله شاطر شاطر
يللي ما بيكذب بحياتو شو منقله شاطر شاطر”
هذه بعض الجمل من قصائد أغنيات الاطفال التي قدّمتها الفنانة نانسي عجرم والتي اعتبر الشاعر المصري سيّد حجاب إنها تحمل درجة من التفكك والتحرر، فضلا عن أنها دعوة للعب واللهو، بالإضافة إلى أن الهدف منها هو الربحية فقط.
للوهلة الاولى تشعر بالاستفزاز حيال ما يقال عن هذا الالبوم الذي “كسّر الدنيا” والذي دخل الى كل بيت عربي والذي لامس قلب كل طفل حفظ كل الاغنيات عن ظهر قلب وردّدها في حفلاته ومناسباته الخاصة، وهذه كلمات موجّهة للطفل فماذا كان يتوّقع ان يكتب؟ عن تغيّر المناخ والاحتباس الحراري ومؤتمر كوبنهغن او عن اكتشاف كوكب جديد او مناقشة الاوضاع الاجتماعية والسياسية في وطننا العربي؟؟
بدأت أغنيات الأطفال في الظهور خلال النصف الأول من القرن العشرين بمحاولات فردية لمطربين ومطربات، وإن كانت الغلبة فيها للمطربات لارتباط مفاهيم الاغنيات وكلماتها بعلاقة الأم بابنها او ابنتها أو المعلمة بتلاميذها، فنجد ذلك واضحاً في الاغنيات “أكلك منين يا بطة” أو “حبيبة أمها” لصباح، أو شادية فى أغنيات “عيون ماما” أو فيروز في أغنيات “ريما” و”تك تك يا أم سليمان”، كذلك غنّت السيدة ماجدة الرومي للأطفال “عندي بيسي اسما سيسي شعرا أشقر ومنقا”…وكل من غنّى للأطفال يكون حريصاً دائماً على تقديم مادة سهلة جداً وغير معقّدة ليستوعبها الاطفال ويسهل عليهم نردادها.
مع العلم ان الاغنيات التي كتبها الشاعر سيد حجاب للفنانة القديرة عفاف راضي لاقت استحساناً كبيراً حينها نذكر منها “شمس الشموسة” و”برلا برلا” و”تاتا تاتا” الا ان هذا لا يعطيه الحق بالتقليل من شأن سواه من الشعراء خاصة وان الحكم الوحيد هو الطفل نفسه.
لعل السيد حجاب لا يتحدّث من منطلق حرصه وخوفه على أغنية ألاطفال بل ربما لا يتقبّل اغنيات سواه بموضوعية فلا يجوز المقارنة بين الفنانتين كون نانسي عجرم فنانة شابة وعصرية قدّمت أغنيات للأطفال بأسلوب عصري يحاكي جيل اليوم وأطفال القرن الـ21 من كلمات عوض بدوي ولحن وليد سعد ويمثل البوم نانسي عودة للقيم التربوية والأخلاقية في الكلمات الموجهة للطفل مع إدخال بعض القضايا المعاصرة التى تشغله ونانسي لم تسىء للأطفال كما فعلت أخريات بالكاد تعتبرن مغنيات حين استغلين الطفل وقدّمن اغراءاً خالصاً عبر الفضائيات متذرعات بالغناء للأطفال علهن يعفون من المحاسبة والادانة.
ولم ينتقد الشاعر فقط أغنيات الاطفال التي قدّمتها نانسي بل انتقد نانسي نفسها واعتبر ان لديها إيحاء أنثويا لا يتماشى مع الطفل وبالتالي لا تتحلى نانسي بالنقاء والبراءة ، ولا أعرف في اي حالة نفسية يتخبط شاعرنا الكبير حتى يعتبر نانسي غير مؤهلة للغناء للأطفال، وان كانت نانسي لا يجب ان تغنّي للأطفال، فمن يفعل؟؟
لست هنا بوارد الدفاع عن نانسي عجرم وليست نانسي بحاجة الى مرافعتي، ولكن لا يجوز السكوت عن هذا الافتراء وهذا الظلم.
لعل نانسي عجرم من اكثر فناناتنا طيبة وعفوية وبراءة ومحبة للآخرين ولعلها اكثر الفنانات قرباً من الاطفال لما تتمتع به من وجه طفولي وخفّة ظل وشفافية ، واستطاعت ان تقتحم قلوب الاطفال بدون استئذان من خلال أغنياتها التي شكّلت تحولاً في عالم أغنيات الاطفال وجاءت تجربة الفنانة هيفا وهبي لتؤكّد على ان الطفل العربي العصري بحاجة لنوع جديد من الاغنيات ولمزيد من الابهار في الفيديوكليب، فلا يكتفي بمشاهدة قرد وهرّ وحصان بل بحاجة الى التفاعل مع ما تشاهده عينه من مؤثرات خاصة والوان وأشكال كثيرة ، من هنا نجحت نانسي في استقطاب أكبر شريحة من اطفال الوطن العربي.
عذرا سيد حجاب، لا أسألك ان تماشي العصر تماماً ولا ان تتخلى عن حنينك الى الماضي، ولكن اسألك ان تفكّر وتسمع وتشاهد بموضوعية فتدرك حينها ان كل فنانة كانت في زمنها نجمة فلا يجوز الاستخفاف بموهبة و”شطارة” نانسي عجرم ، فنانة المليون معجب على موقع الفايسبوك الذي اعتقد انك لم تسمع عنه بعد…