باتريسيا هاشم – فضيحة فيلم سينمائي عن خادمة في الخليج لا تقّل شأناً عن فضيحة البلد الذي سمح بتصويره على أرضه
لا شك في ان عالمنا العربي تحت مجهر الغرب باستمرار ولأنهم يجهلون عاداتنا وتقاليدنا وطريقة ادارتنا لامورنا الحياتية اليومية ، يعتقدون في معظم الاحيان اننا مسخ مخيف واننا منقسمون اما الى ارهابيين او الى بربريين همجيين. ولكن كيف نلومهم على اعتقادهم هذا ، ان كنا نحن لا نقدم نحن صورة جميلة وحقيقية عنا في السينما العالمية ولا نجتهد لتمويل افلام عالمية تصوّر مجتمعنا العربي على حقيقته، فنحن بمعظمنا شعب مثّقف ومؤمن ومحبّ واجتماعي وحالم وطموح ومبدع وكريم ومسالم ووفي وشهم وصادق ، فماذا ينقصنا اذا للقيام بذلك؟
المال؟ وما اكثر ما ينفق في الخليج العربي على كل انواع الاستثمارات والمشاريع، افلا تستحق صورتنا المشوهة في الغرب بعض التضحية ؟ فنحن نسمح في ان نكون “فشّة خلق” بعض المخرجين المتعصبين والمتطرفين او المدسوسين، فيصورونا على اننا اما عديمي الانسانية والاخلاق والفهم اما قوادين نحقّر المرأة نبيعها ونشتريها اما نسيء معاملة خدامنا وننكّل بهم اما نلهث وراء المال الذي برايهم اصبح الهنا الوحيد اما اننا فقراء نعيش في مكبات النفايات وعلى ارصفة الشوارع اما نحن نهرّب المخدرات او نتعاطاها اما ارهابيون نفجّر انفسنا واخواننا اما ان الوطن العربي تحوّل الى كباريه وعنواناً للمتعة والتسلية والسياحة الجنسية .
هذا ليس نحن ، بل هذه شواذات في جميع المجتمعات وشوائب كل المجتمعات، ومن غير العدل تصوير المواطن العربي على انه مجرم بحّق الانسانية فيما تلهو المافيات وجمعيات المتطرفين دينياً وعقائدياً ومهربي ومتعاطي المخدرات و شبكات الدعارى والمجرمين المهووسين والقتلى المأجورين في جميع انحاء العالم وتحديداً في عاصمتي السينما “هوليوود” و”بولييود” ، ويتحوّل المجتمع العربي الى “ضحية” على مذبح اللاعبين الكبار الذين لا يفوتون فرصة لينقضوا على العرب وتصويرهم بأبشع صورة وهذا ما جعل المجتمع الغريب ينفر من كل من يحمل الهوية العربية، فوضعوا كل العرب في سلّة مهملات واحدة في حين نحن لا نحرّك ساكناً و نهمل لعب دورنا في تقديم سينما عالمية تضيء على الواقع العربي الحقيقي وتسلط الضوء على الجوانب المشرقة والمشرّفة من وطننا العربي ، سينما تغوص في شهامة المواطن العربي وطيبته وكرمه وتضحيته من اجل من يحب ، والاضاءة على عشرات المفكرين والمبدعين والمثقفين العرب واعطاء صورة مشرفة عن المرأة العربية ، المرأة المكرمة والراقية ، المرأة المتعلمة والعالمة، المرأة المناضلة والمنتجة والمؤثّرة في مجتمعها والمتفوقة على الرجل في بعض المجالات ا، المرأة العربية لتي يصورها الغرب في معظم الاحيان على انها ساذجة ومستسلمة مهزومة مهضومة الحقوق معنّفة ومستعبدة .
لماذا اغوص في كل هذا اليوم ؟ لانه وببساطة استفزني كيف يحول البعض، المواطن العربي الى “مكسر عصا” والى مادة دسمة للسينما التي تبحث عن الاثارة والفضيحة ، وآخر هذه الانتاجات هي Gaddama ، عنوان الفيلم السينمائي الجديد وقصة هذا الفيلم الهندي تحكي عن تجربة امرأة هندية تعمل خادمة في السعودية، وتتعرض للتعذيب على يد مخدوميها وأطلقوا على الفيلم اسم “Gaddama خدامة” وهو الاسم الذي نطلقه على العاملات المنزليات.
دخلت حوادث الاعتداء على الخادمات في الوطن العربي وتحديداً في الخليج إلى الإنتاج السينمائي فتحولت القصة إلى فيلم سينمائي تجسده ممثلة هندية تدعى “كافيا مادهافين” التي صرّحت مؤخراً إنها دخلت حالة اكتئاب من جراء تمثيل هذا الدور، وتأثرت كثيرا به. ويفترض أن يشارك في هذا الفيلم -بالإضافة إلى عدد من الممثلين من الجنسية الهندية- نجوم سينمائيون من مصر، وبطلان من إندونيسيا ولان من الصعب أخذ تصريح لتصوير الفيلم في السعودية، قاموا بتصوير عددٍ كبير من مشاهد الفيلم في الإمارات.
وبحسب الكاتب؛ فإن مصدر خطورة الفيلم هو أنه سيخرج كل أسرار بيوتنا الخليجية المغلقة، وسيرسم عنا صورة قد لا ترضينا، ولكنه يمنحنا فرصة مراجعة النفس.
يؤسفني فعلاً ان تتحوّل بعض الاستثناءات في وطننا العربي الى “قاعدة” يبني الغرب على اساسها حكمهم علينا ويؤسفني اكثر ان تشرّع الدول العربية ابوابها لتصوير افلام مماثلة وان تشارك دولة الامارات في صنعها فتسمح باستغلال طبيعتها وبيوتها وشوارعها وحافلاتها لتوريط العرب في تهمة سوء معاملة العمال الاجانب وان تساهم دولة الامارات بطريقة مباشرة ام غير مباشرة في تأمين كل التفاصيل التقنية لهذا العمل الذي يدين الشعب العربي بأكمله وان يشارك ممثلون عرب في هذه المهزلة التي تضعنا على خارطة المتخلفين اجتماعياً وانسانياً ….
“فظيعين نحن العرب ، اديش نحنا عاطلين بحق بعض !!!!”
سأكتفي بهذا القدر اليوم وسأنتظر حتى اشاهد الفيلم ولكل حادث حديث…
اليكم بعض المشاهد من تصوير الفيلم في الشارقة – الامارات المتحدة