شخصيّة الأسبوع- خالد يوسف مخرج عشوائيّات أم منقذ للسينما المصريّة؟
“شخصيّة الأسبوع” محطة أسبوعيّة ستجمعنا بكم، لنعرّفكم على شخصيّة فنيّة مهمّة من عالمنا العربيّ، ولنسلّط الضوء على تاريخه الفنيّ، ومسيرته الحافلة بالانجازات والانتصارات…ولأنّ دورنا لا يقتصر على انتقاد الأعمال الفنيّة، وتصويب الأخطاء، و معالجة القضايا السّاخنة المستجدّة على السّاحة العربيّة، أردنا أن يكون لنا معكم هذا اللقاء الأسبوعيّ، لنكرّم كبارنا، كما نجومنا في عالم الغناء، والتمثيل، والاخراج، واعطائهم حقّهم المعنويّ أقلّه، لقاء مساهماتهم المميّزة، وأعمالهم التي تشهد لهم!
في الأسبوع الأوّل، اخترنا أن يكون ضيف صفحاتنا، المخرج المصري الموهوب جدا، “خالد يوسف”، لما له من مكانة خاصّة في عالم السينما العربيّة، ولأنّه ابن مصر العبقريّ الذي تتلمذ على يد الكبير، اللبناني الجذور، الراحل “يوسف شاهين”، والذي استطاع أن يشرب من نبع عطائه، حارفا السينما المصريّة عن مسارها التقليديّ، خالقا بصمة خاصّة به، خارجا من جلباب والده الفنيّ المبدع، محقّقا لنفسه انتصارات، يثنى عليها، ليصبح اليوم أحد روّاد الشاشة الكبيرة، وأحد أعمدة العصر الجديد، وأحد صنّاع الفنّ الأرقى، فنّ السينما، التي ان كانت بخير، فانّما تدلّ على صحّة الأمّة والمجتمع والعكس صحيح!
ولد خالد يوسف في قرية “كفر شكر” عام 1965، درس “الهندسة الكهربائيّة” في جامعة “بنها” في “شبرا” وتخرّج عام 1990 حاملا شهادة الباكالوريوس. أثناء دراسته الجامعيّة قام باخراج مسرحيّة المهرّج للكاتب السّوري الكبير “محمد الماغوط” على مسرح الطليعة، وتعرّف على يوسف شاهين أثناؤ الندوات التي كانت تعقد في الجامعة، حيث كان خالد يعرض أفلامه الوثائقيّة و مسرحيّاته، وعمل معه كممثّل في فيلم “القاهرة منوّرة بأهلها” عام 1991، ليدخل مع الكبير، عالم الكتابة، منجزا كل من “المصير”، المهاجر” و “الآخر” الذين كانوا من اخراج يوسف شاهين. وكانت تجربته الأولى في عالم الاخراج، كمخرج مساعد، مع يوسف شاهين، في فيلم “اسكندريّة نيويورك” الذي بدأ من خلاله يلمع اسم خالد يوسف ويكبر.
في العام 2001، انطلق خالد في مسيرته الاخراجيّة المستقلّة، وأخرج فيلم “العاصفة” بطولة حنان الترك، هاني سلامة، والنجمة يسرا، وحقّق الفيلم حينها نجاحا كبيرا، سامحا لخالد في متابعة المسيرة بخطى واثقة، ليخرج عام 2003 فيلم ” جواز بقرار جمهوري” بطولة حنان الترك وهاني رمزي…تلاه فيلم “انت عمري” بطولة هاني سلامة و نيللي كريم. أمّا عام 2005، فعاد خالد بفيلم “ويجا” الذي كان أحدث له نقلة نوعيّة وكان من بطولة منّة شلبي، هاني سلامة، هند صبري و منير شريف، ليطل العام التالي بفيلم “خيانة مشروعة” بطولة هاني سلامة، ميّ عزّ الدين، عمرو سعد وسميّة الخشّاب.
في ال2007، قدّم خالد فيلما من نوع آخر، بل تحفة فنيّة، أحدث صومعة من الانتقادات والاثناءات، قاسما الرأي العام بين مؤيّد لحرفيّة الاخراج واختلاف النصّ والأداء ، ومعارض لفكرة تسليط الضوء على العشوائيّات في مصر، وعلى حالات الفقر المدقعة، فكان فيلم “حين ميسرة” بطولة سميّة الخشاب، غادة عبد الرازق، و عمرو سعد، الذي بسببه نسب الى خالد بوسف لقب “مخرج العشوائيّات”…متّهمين ايّاه بالاساءة لصورة مصر، متناسين أنّه ابن هذه البلد وأنّه فنّان من الطراز الرفيع، وضع الاصبع على الجرح، فأيقظ الضمائر الغافية التي لا تريد أن تستيقظ…فهاجموه!ا
وفي نفس العام، شارك يوسف شاهين اخراج آخر أفلامه “هي فوضى” بطولة منّة شلبي، خالد صالح، هالة صدقى وهالة فاخر…ليليه عام 2008 بفيلم “الريّس عمر حرب” بطولة خالد صالح، هاني سلامة ،سميّة الخشّاب وغادة عبدالرازق. أمّا العام 2009، قدّم خالد فيلم “دكّان شحاتة” الذي فاجأ فيخ الجميع، باطلاق النجمة اللبنانيّة هيفاء وهبي، ممثلة بارعة وشاركها البطولة عمرو سعد وغادة عبدالرازق…أما هذا العام قدّم فيلم “كلّمني شكرا” من بطولة غادة عبدالرازق، عمرو عبدالجليل، النجمة شويكار، الوجه الشاب حورية والمقدّمة اللبنانيّة كارولين دي أوليفييرا، ونال عليه ما ناله من الانتقاد و الهجوم بسبب بعض المشاهد الجريئة فيه.
لا يمكننا أن ننكر أن خالد يوسف جريء جدا ومثير للجدل، وتتضمّن بعض أفلامه مشاهد جريئة، ولكنّنا لا نستطيع أن ننسى أنّه من “أشطر” المخرجين الموجودين على السّاحة، وأن كادره مختلف، وصورته مغايرة، ويحدث في كلّ فيلم له موضة جديدة، وانجازا جديدا. كما أنّ عددا كبيرا من الممثلين النجوم، يتمنّون الوقوف أمام كاميرا خالد يوسف، لأنّهم يدركون تماما أنّهم معه، سيظهرون بصورة جديدة و بنمط مختلف عن كل ما قدّموه سابقا. كما يمكننا اعتبار خالد يوسف مطلق أهم النجوم، اليوم، على الساحة السينمائيّة، كمنّة شلبي، هاني سلامة وغادة عبدالرازق الذين شاركوه في أكثر من فيلم في السنوات الأخيرة، وكان له الفضل في رفع أسهمهم و اطلاقهم نحو الصفوف الأولى.
أخيرا، يجدر علينا الذكر، بأنّ فيلم خالد يوسف المقبل سيكون “كفّ القمر” والذي لم يتمّ بعد الانتهاء من تحديد كلّ أبطاله والأسماء المطروحة كثيرة منها خالد صالح، حسن الرداد،هيثم أحمد زكي، غادة عبدالرازق، وجومانة مراد ويحكى أنّ الفيلم مهمّ جدا وقصّته مميّزة…وبذلك يكون مشوار هذا المخرج، الذي لا يزال شابا، عامرا بالانجازات والأفلام التي حفرت اسمه ضمن لائحة أهمّ مخرجي القرن…ما دعانا الى توجيه هذه التحيّة له ولاسمه، منتظرين منه أعمالا أكثر وأهمّ وأقوى…لتبقى السينما مرأة للمجتمع العربي، ومصدر تغيير، و منبع ثورة!