رأي – صحيفة ديلي تلغراف البريطانية اعتذرت من كريستيانو رونالدو وعوّضت عليه مادياً ، وفي وطننا العربي من يعوّض الاساءة الى كرامات الناس؟
وافقت صحيفة “ديلي تليغراف” البريطانية يوم الاثنين الماضي على تعويض نجم كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو ـ نجم ريال مدريد ـ ماديا، عن نشر خبر في تموز (يوليو) عام 2008 حول “سهرة ماجنة” للاعب خلال فترة تعافيه من إصابة في الكاحل، ثبت في النهاية أنه غير حقيقي.
وكان ذلك الخبر يشير إلى قيام اللاعب بالتخلي عن عكازيه للصعود إلى خشبة المسرح بأحد الملاهي الليلية ومراقصة أربع فتيات.
وأوضح ألان دنالفي محامي اللاعب أن الصحيفة أقرت بأن اتهاماتها غير صحيحة، واعتذرت عن الخبر، ووافقت على دفع تعويض لرونالدو عن الأضرار التي لحقت به مع التكفل بالنفقات المالية للقضية.
كانت الصحيفة قد تناولت قبل أكثر من عامين معلومة حول سهرة مفترضة للبرتغالي الذي كان يلعب لمانشستر يونايتد الإنكليزي في ذلك الحين، بأحد الملاهي الليلية في هوليوود عندما كان يتعافى من إصابة الكاحل.
وأضاف الخبر أن اللاعب ترك عكازيه كي يصعد ويشارك أربع راقصات إستعراضهم.
وأضاف المحامي أن اللاعب شعر بالقلق على سمعته وكيف سيتم استقبال الأمر في ذلك الحين من جانب إدارة مانشستر، ومديره الفني أليكس فيرجسون فضلا عن جماهير النادي.
ولم يمثل كريستيانو الاثنين أمام المحكمة العليا في لندن، في الجلسة التي تم فيها الاستماع لاعترافات الصحيفة، لكن من المقرر أن يمثل قبل إغلاق القضية.
هذه هي البلاد التي تحترم نفسها ومواطنيها من خلال قضاء عادل ومنصف لا يفرّق ولا يميّز بين هؤلاء المواطنين، بل ينصف المظلوم ويعاقب الظالم مهما علا شأنه، ومهما كانت الجهات التي تدعمه ، هذا هو القضاء الذي يبسط الحقّ والحقيقة مهما طال عمر الظالمين وأصحاب المخيلات الواسعة والقلوب المملوءة كرهاً وضغينة ، فالقانون البريطاني أنصف في نهاية المطاف صاحب الحق مهما طالت مدّة المحاكمة التي بدأت في العام 2008 انتهى الامر بالتعويض المادي والمعنوي لكريستيانو رونالدو، فاعتذار صحيفة بريطانية بحجم الـ “ديلي تليغراف” ليس الا دليلاً قاطعاً على براءته وتبرئته امام كل من خوّلت نفسه الاساءة له والسخرية منه واهانته والتمادي في شتمه وذمّه واتهامه بتهم رخيصة عارية تماماً عن الصحة. الا ان الحق كالشمس مهما حجبتها الغيوم والضباب يبقى نورهاً مشعاً في وسط السماء .
أقول كل هذا لأصل الى أمنية ان يصبح القضاء اللبناني يوماً بهذه الشفافية وهذا العدل وان يأخذ كل ذي حقّ حقه مهما علا شأن الجهة المتّهمة ومهما علا شأن الوجهاء واصحاب النفوذ والسلطة وراءه والاّ نستمر بزرع قناعة وترسيخها في عقول المواطنين في هذا الوطن العربي الكبير مفادها ان كل حق يموت ان كان وراءه مطالب مظلوم مستضعف لا يملك المال ولا حزب وراءه ولا جهة سياسية ونافذين او”زعران واصلين” لذلك نطالب دائماً بدولة القانون والمؤسسات التي تساوي بين مواطنيها وترسي الحق والعدل بينهم مهما كلفها ذلك .
على المواطن العربي ان ينام قرير العينين وهو متأكد انه سيصحو على “وطن” عادل وآمن يضمن له حقوقه وحقّه في عيش كريم ومحترم ، حقّه ان يعيش بكرامة وليس بهاجس الوقوع في شباك او فخّ بعض “الزعران” الحاقدين ، وهذا الحقّ يعمم على جميع المواطنين العاديين بالاضافة الى السياسيين والفنانين، فلو يدري كل من تخوّله نفسه اختلاق الاكاذيب والاشاعات واهانة جهة سياسية ام فنية ما، والتمادي في التطاول على الكرامات والعرض والعائلة، وفبركة الفضائح وتجنيد بعض الحثالة لنشرها والترويج لها .
لو يدري هؤلاء بمدى قساوة الاحكام القانونية وجديّتها سلفاً، ولو يقدّرون الاحراج المعنوي الكبير الذي سيتسبّب به اعتذارهم العلني من الشخص الذي تسببوا بأذّيته وبفداحة التعويض المادي عن هذه الاكذوبة، لكانوا حسبوا ألف حساب وفكروا ملياً قبل الاقدام على ذلك . الا ان قضاءنا العربي بدأ مؤخراً يفقد الكثير من مصداقيته وهيبته، ولم يعد المرجع الاول لشكوى المواطنين الذين يئسوا من التمادي باستعمال القضاء لتصفية الحسابات بين الجهات النافذة ولكثرة ما “حشوا” رأسه بأفكار عن فساد القضاء وتحيّزه وامكانية بيعه وشراءه لمصلحة هذا ام ذاك، ففضّل المواطن أخذ حقه بيده، وهذا ما يفسّر مؤخراً تضاعف جرائم القتل ، فالقضاء في وادٍ والمواطن المظلوم في وادٍ آخر. وهذا ما يعزّز لشريعة الغاب عندما تغيب الدولة واجهزتها عن حقوق المواطن والتي تماطل في الحكم و تتباطأ في اصدار الحكم لصالحه فيلجأ الى الانتقام وتحصيل حقوقه بنفسه .
قضية كريستيانو رونالدو فتحت شهيتي على مواضيع كثيرة سأتناولها تباعاً في الاسابيع المقبلة والى ذلك الحين…تصبحون على وطن!!