رأي خاص- صناعة التفاهة على مواقع التواصل… هل تنتهي؟
“نحن نعيش في عصر التفاهة، حيث حفل الزفاف أهمّ من الحب، ومراسم الدفن أهمّ من الميت، والمعبد أهم من الله”.
تلك المقولة الشهيرة للروائي إدوارد غاليانو، باتت مثالاً حيّاً على ما يعاصر عالمنا في الوقت الحالي، بفضل منصّات التواصل الاجتماعي التي تحولت الى “حلبة” مصارعة بين “شحّاذي” الاعجاب او “اللايكات” المعروفين اصطلاحاً تحت مسمى المؤثرين وما شابه من ألفاظ، فالتسمية لا تهم بقدر ما للغاية من أهمية جليّة تبرز في تصرّفات هؤلاء، فنجدهم تارة يفتعلون الخلافات الواهية ويسارع كل طرف لإلقاء التهم على الطرف الآخر ويجمع جمهوره في صفه علّه يوفّق في الوصول لمبتغاه، ثم يعود بعد أيام ويعتذر ممن شاركه ذات اللعبة وكأنّ الأمر تمّ بالصدفة البحتة ولم يكن مخططاً له. لا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل يذهب البعض إلى لعب دور الضحية فنراهم يتبكاون ويستنجدون بمن يحصّل لهم حقوقهم المسلوبة، معتمدين على محاكاة البُعد العاطفي والإنساني عند الناس.
فكل شيء مباح ما دام ما يقدمونه ينال المتابعة والإعجاب، مستخدمين عبارة طنانة “حريتي الشخصية” لكل من يتجرّأ على محاسبتهم أو حتى انتقادهم.
وتدرك هذه الفئة أن الجمهور سيشعر بالملل عند تعرض لنفس الشخصية على مدى الطويل، فيلجأون إلى تلك الوسائل لتوسيع قواعدهم الجماهيرية وتحقيق أرباح أعلى نتيجة الإعلانات. وعلى مبدأ كلما كنت سخيفاً كلما أصبحت مشهوراً أكثر ، يتعمّدون اصطناع المواقف وفبركة حياتهم الواقعية وتضخيم بعض الأحداث وأخذها على منحى الشخصي عبر التأليف والدراما.
ومن المؤسف أن يكون من ساهم بشهرة هذا الصنف من البشر هم أناس محدودي المدارك كالمراهقين والسذّج، نتيجةً لغياب الوعي الكافي الذي يؤهّلهم للتفكير ومقاربة الأمور بشكل منطقي بعيداً عن العبثية.
وبالطبع لتحقيق هذا الأمر يجب تفعيل ثقافة الوعي بشكل مجدي وفعال بدءاً من الأسرة وانتهاءاً بالمجتمع، علنا نستطيع التخلص من نداءات التسوّل والغوص في ترهات لا نهاية لها.
بقلم: هاني المقطرن