مقابلة- نتاشا شوفاني: اهدي “سفر برلك” لروح المخرج حاتم علي وهذه أصعب المشاهد التي أدّيتها في المشروع
حالة من السعادة والنشاط الفني تمر بها الفنانة اللبنانية نتاشا شوفاني فبعد النجاح الكبير الذى حققته حلقات الموسم الاول من مسلسلها “دكة العبيد”، ها هي تدخل المنافسة الرمضانية بمسلسلها “سفر برلك” والذين تفخر نتاشا بالمشاركة في أعمال ضخمة مثلها عن “دكة العبيد” وعن “سفر برلك” تفتح نتاشا قلبها في الحوار التالي:
*ما هي العوامل التى دفعتك لقبول دور “توجان”؟
إنّ ما دفعني لهذا للدور شخصية توجان بحد ذاتها، وتطّوّر شخصيّتها، حيث تبدأ توجان بشخصية بريئة تثق بسهولة، وضربة تلو الضربة تكبت في داخلها كل ذلك الألم إلى أن يتم خطف أختها الصغرى في الحلقة الأخيرة من الموسم الأول. وفي الموسم الثاني، تصبح توجان شخصية مختلفة، تعبّر عما بداخلها، قويّة ومقاومة وتبدي انفعالها لأيّ شيء لا تتقبّله.
*كيف حضّرت للدور؟
حضّرت للدور من خلال بعض القراءات عن حياة فتاة قرويّة تعيش في جبال القوقاز في أوائل القرن العشرين، وذلك لأنني أريد من توجان أن تحصل على البراءة اللازمة للشخصية وأن أظهر افتقارها للمعلومات عن هذا العالم وأن تكون شخصيتها ساذجة تثق بسهولة وذلك بسبب عيشها في الغابة وثقتها بالطبيعة والأمان الذي تشعر به في وطنها. ولكن، تم دفعها إلى عالم مختلف تماماً لم تتوقّعه في أعمق أحلامها حتى. كما أنّها تثق بوالديها بشكل مطلق إلى أن بدأت تلاحظ واقع الأشياء كما هي. لذلك كان هذا الشي مهمّ جداً لأركّز عليه.
*لا بدّ أنّه كان من الصعب العمل مع نفس الممثلتين لمعظم مشاهدك، كيف استعديت لهذا الأمر؟ وكيف انسجمتنّ بهذا الشكل الرائع وكم من الوقت استغرقتنّ لتصلن إلى هذا الانسجام؟
كان من المهم جداً بالنسبة إليّ أن أوطّد العلاقة مع الممثلات الأخريات. لم نكن نعرف بعضنا جيداً إلّا أننا شعرنا بارتياح لبعضنا منذ البداية، فالترابط والانسجام الذي ترونه على الشاشة طبيعيّ ولم نكن بحاجة لادّعائه. لقد وطّدنا علاقتنا في خلال فترة عملنا في ظروف صعبة بسبب الليالي الطويلة التي قضيناها في التصوير والمواقع البعيدة. هذه الظروف خلقت لنا تجربة لن ننساها.
*كيف حضّرت لتأدية الدور باللغة الإنكليزية؟ وهل كان أمراً صعباً عليك؟ كيف تعاملت مع اللغة الإنجليزية؟
إنّ التكلّم باللغة الإنجليزية أمر طبيعيّ بالنسبة إليّ ولم تكن المرّة الأولى التي أمثّل فيها باللغة الإنجليزية، لأنّه على الخط القوقازيّ أتى عدد كبير من الممثلين من بلاد عديدة مختلفة، لذلك كان علينا أن نوحّد اللهجة باللغة الإنجليزية وهذا كان التحدّي الذي واجهناه وأكثر ما عملنا عليه في المشروع.
*كيف كان العمل مع ممثلين عالميين؟ أخبربنا عن تجربة العمل مع ممثلين من مختلف البلاد.
كان من الرائع أن أكون جزءاً من هذا فريق. كنت فخورة جداً بأنّ أم بي سي أتاحت للممثلين العالميين من الشرق إلى الغرب الاجتماع في الوسط وأن يصلوا إلى مكاننا في هذا العالم وأن يأخذوا أدواراً في برامجنا.
ولا تنسوا أن هذا أكبر مشروع نفّذته أم بي سي حتى الآن، إذ انضمّ ٢٢٠ ممثّلاً و١٧،٠٠٠ ممثّل إضافي من ١٠ جنسيّات مختلفة على الأقل وأكثر من ١٠٤ مواقع مختلفة. كما إنّ موضوع المشروع جعل الجميع يشعر بشغف تجاه العمل، فتشاركنا جميعاً المشاعر ذاتها تجاه قسوة العبودية. كان من المثير للاهتمام بالنسبة إليهم أن يصوّروا في لبنان ومصر والإمارات العربية المتحدة. جميعهم قدّر هذه التجربة ووطّدنا علاقتنا من خلالها.
*ما هو أصعب مشهد قمت بتأديته في هذا المشروع؟
كل مشهد من كلّ قصّة كان مشهد صعب. أحيّي طاقم العمل لمثابرتهم على العمل في هذه الظروف القاسية. أدّيت بعض المشاهد العاطفية الصّعبة في الموسم الأوّل من المسلسل وفي الموسم الثاني القادم، ولكن هذه المشاهد كانت أيضاً شاقّة جسدياً، إذ إننا تنقّلنا من أماكن متجمّدة ورطبة إلى أماكن حارّة طوال المشروع. استمتعت بتطوّر شخصيّاتنا وبما أصوّره في الوقت الحالي. كان هذا المشروع تحدّ أسعى له كممثلة وأنا فخورة أن أكون جزءاً منه.
*أخبرينا عن عملك مع أم بي سي. تم وصف هذا المشروع للجمهور على أنّه مشروع عالميّ، كيف ينافس هذا المشروع المشاريع العالميّة الأخرى؟ وكيف يُقارن معها؟
إنّه لمن دواعي سروري دائماً أن أعمل مع أم بي سي. فخورة أن أرى هذا الاستثمار في الإبداع والقصص المهمّة والقضايا الاجتماعية لكي نقوم نحن بدورنا في استكشافها من خلال الفن. كما أنني فخورة لأرى أن صناعتنا تتوسّع عالمياً. شهدت تطوّراً كبيراً في هذه الصناعة من مشروع إلى مشروع وأنا واثقة من أنّها عبّدت الطريق لمشاريع عالميّة أخرى ستترك أثراً في المستقبل أيضاً.
*ما هي أفكارك حول شخص وصل إلى مرحلة قرّر فيها أن يبيع بناته؟
لأنني كبرت في حضن عائلة محبّة تتعامل بمبادئ معيّنة، كان من الصعب أن أتقبّل كيف يمكن لأب أن يفعل ذلك ببناته بدلاً من حمايتهنّ. ولكنّي أعلم أنّ هذا هو الواقع، لأنّ الحقيقة المُرّة تقول بأنّ العبودية لازالت موجودة حتى يومنا هذا، وهناك آباء لا يزالون يبيعون أطفالهم من أجل حاجاتهم الماديّة الأساسيّة.
إنّ أكثر ما أقدّره في هذا المسلسل أنّه يقدّم إحتمالات غير مريحة للطبيعة البشرية. بماذا يمكن أن تضحّي من أجل إيمانك؟ ما هي أولويّاتك كإنسان؟ إذا تم دفعك إلى ظروف قاسية، ماذا ستفعل؟ من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستلعب الشخصيات أدوارها في الموسم الثاني وأيّ طريق ستختار أن تسلك، لأنّه حدث غير متوقع أبداً.
يقولون أنّ الحرية هي أهم شيء في حياة الإنسان، ولكن هذه ليست الحقيقة. الأمان أهم من الحريّة، وعندما نجد الأمان، يتحرّر العقل من قلق البقاء على قيد الحياة ومن ثمّ ينتقل إلى فكرة الحريّة. تنتمي مُثُل الحرية إلى أولئك الذين يمتلكون كل شيء، وإلى من لا يملكون شيئًا، والجميع بين ذاك وذاك يبحث عن أمل إيجاد الأمان.
*هل نتاشا في الحياة سلبية أم إيجابية؟ كيف تتشابهين مع شخصية توجان؟ وما الذي يمكن أن نتوقّعه في تطوّر شخصية توجان في الموسم الثاني؟
أنا واقعيّة. أحاول أن أكون إيجابية ولكني أيضًا لا أتجاهل السلبيات. لأن السلبية يمكن أن تكون أيضًا قوة وطريقة لحماية نفسك. وإذا لم يوازن المرء بين الاثنين بحكمة، سيعاني. لم يكن لدي طريق توجان في الحياة، ولكن مثل أيّ طفل بريء كبرت إلى واقع عالم مخالف، أمّا الآن فتغيّرت. أنا أشبه توجان بحديثها القليل والانطباع الذي تتركه بأنها حسّاسة، ولكن فيها قوّة وصرامة أكثر مما تعرفه وأكثر مما يعتقده الناس عنها. أحب كيف ستُظهر ذلك في الموسم الثاني، حيث تتطوّر شخصيّتها هي ولاريسا إلى أشخاص مختلفين. أجد الكثير من الأشياء المشتركة معها في كيفية تعاملها مع المآسي، حيث أدركت أنها لا تملك رفاهية العيش في اكتئاب وعليها أن تواجه المشاكل بشكل مباشر من دون أن تفقد قلبها في هذه العملية. تجد لاريسا وتوجان قوّة داخل نفسيهما لم تعرفا أنهما تمتلكهما.
*هل لديك أيّة أخبار لتشاركيها معنا عن عملك؟
بصراحة، يستهلك الموسم الثاني كل وقتي في الوقت الحالي. المشاهد معقدة للغاية بحيث لا يمكننا تصوير أكثر من مشهد واحد أو مشهدين في اليوم الواحد. أشكر الله على كل نعمة وأقدّر كل فرصة. لديّ مشاريع في انتظار الإعلان عنها وسأحرص على إخبارك بها أوّلاً عندما يحين بالوقت!
*حدثينا عن تجربتك مع مسلسل سفر برلك المعروض حاليا في رمضان؟
أنا سعيدة جداً بأنّ مسلسل “سفر برلك” سيُعرض في شهر رمضان. إنّه مشروع رائد يعكس فترة زمنيّة مهمّة من التاريخ.
شخصيّتي في هذا المسلسل تدعى هنا وهي ابنة بيك. استمتعت بقراءة دور “هنا” لأنّها من نوع الشخصيات التي أقدّرها كثيراً، فهي متعلّمة، تقضي معظم وقتها في المكتبة وهي شخصيّة قويّة وذكيّة وتضع كلّ حدث يدور حولها موضع تساؤل حتّى نوايا والدها.
كبرت في حياة مريحة ولكنّها ليست مدلّلة. هي شخصيّة لطيفة وتريد أن تفعل الصواب دائماً.
فخورة جداً بهذا العمل وسعيدة جداً لأنني كنت في اثنين من أعظم المشاريع التاريخية لـ “أم بي سي” في خلال السنوات القليلة الماضية.
سيبقى هذا المشروع شهادة إبداع المخرج الشهير حاتم علي (رحمه اللّه) الذي وافته المنيّة قبل عشرة أيام من بدء التصوير.