رأي خاص- خلافات النجوم… حين ينقلب السحر على الساحر
لطالما ضجت الساحة الفنية بخلافات بين النجوم في كافة المجالات الفنية. بعضها تطور الى ازمات معقّدة طالت فصولها وبعضها الاخر انتهى على الفور بعد مواجهة وتوضيح.
قبل مواقع التواصل الاجتماعي، كان بعض هذه الخلافات سرياً فاقتصر على تصريح او توضيح مٍن قِبل اصحاب الشأن وفي بعض الاحيان بقيت الخلافات بعيدة عن اغلفة المجلات والمقابلات التلفزيونية برغبة من أصحابها، الا ان اليوم، ومع وجود مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية والمنصات، لم تعد هذه الخلافات مخفيّة عن احد بل تطوّرت لتأخذ منعطفاً خطراً تورّط فيه النجوم ومعجبوهم على حدّ سواء.
واخذت هذه الخلافات في معظم الاحيان منحى تصاعدياً بشعاً حيث تطورت التصريحات المسيئة بين النجوم وتحولت الى حروب افتراضية عنيفة لم يسلم منها احد، فتصدرت خلافاتهم عناوين معظم المواقع وتحولت الى مصدر رزق لأصحاب هذه المواقع كونها تؤمّن نسبة قراءة مرتفعة فتضمن ولوج عشرات الآلاف من المتابعين الفضوليين اللاهثين وراء خلاف من هنا وشجار من هناك.
واللوم لا يقع فقط على الصحافة الصفراء ولا على الجمهور الباحث عن التسلية الالكترونية، انما على اصحاب العلاقة من النجوم ممن يستمتعون ببث سموم خلافاتهم في العلن غير آخذين بعين الاعتبار مسيرتهم وتاريخهم ومكانتهم.
ولعلها المرحلة الفنية الأسوأ على الاطلاق حيث فقد بعض النجوم صوابهم واحترامهم لأنفسهم وجمهورهم وساروا مع تيار افتراضي مفخّخ لا يسلم منه الا الحكماء والاذكياء من المشاهير ممن يحكّمون عقولهم ويلجمون غضبهم وغيرتهم على حدّ سواء، فيتعاطون مع الخلافات المفروضة عليهم برقي وتجاهل فيسلمون من المطحنة الافتراضية التي اما ترفع هؤلاء النجوم وتنصفهم اما تنهي مسيرتهم وهكذا “غربلت” مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الماضية النجوم، فتضاعفت القاعدة الشعبية لدى البعض، والبعض الآخر خسر الكثير من رصيده لدى جمهوره في معادلة افتراضية سهلة لا تتهاون مع الاغبياء ومفتعلي الخلافات…
وقد يذهلني حتى اليوم إضاعة الكثير من المشاهير وقتهم الثمين على افتعال المشاكل وعلى التصريحات المسمومة الفارغة في حين عليهم التفرّغ لفنهم وجمهورهم ومواكبة عصر فنّي يزداد صعوبة والبحث عن جديد يخرق جدار الملل الذي يتخبط فيه الفن المتأرجح اليوم بين الفارغ والرتابة.
خلافات كثيرة شهدها الوسط الفني في السنوات العشر الاخيرة وحتى ما قبلها، الا انه مرفوض بشكل قاطع ان يبتكر النجوم خلافات عشوائية وسخيفة بين الحين والآخر من اجل تعويم اسمهم فيتصدرون عناوين المقالات والنشرات الفنية ويصبحون حديث الساعة بدل ان تتصدر نجاحات اعمالهم وانجازاتهم وحفلات تكريمهم هذه العناوين حتى ان الخلافات لم تقتصر على النجوم بين بعضهم البعض بل امتدّت لتطال خلافاتهم مع شركاء حياتهم وافراد عائلاتهم في سابقة اعلامية خطيرة ينحدر مستواها سنة بعد سنة فتلامس الحضيض.
المسؤولية لا تقع فقط على الاعلام الذي يُحمَّل دائماً مسؤولية هذا الاسفاف، بل تتسّع رقعته لتطال اصحاب الشأن من النجوم والمشاهير الذين يزوّدون الاعلام بمادة دسمة من حيث يدرون او لا يدرون، فتكون النتيجة واحدة، مزيداً من المفرقعات الاعلامية التي تضمن لهؤلاء النجوم بعض الاوكسيجين الاعلامي والبقاء في الواجهة لمدة اطول، وذلك لا يعكس للأسف الا افلاساً وسقوطاً، فالناجح والمبدع والموهوب والمجتهد بغنى عن اي فضيحة او خلاف او تصريح ناري ليبقى في الواجهة ليتصّدر انما الضعفاء والفاشلين الذين لا حول لهم ولا قوة.
وفي النهاية، نصيحة الى كل النجوم…تعقّلوا وانضجوا وتحلوا بالحكمة والذكاء، وحلّوا خلافاتكم بعيداً عن مواقع التواصل الاعلامي والاعلام، واعطوا لجمهورهكم مادة فنية عظيمة ينشغلون بها بدل الانشغال بخلافاتكم السطحية التي لا تنفع احداً، فسجلّات التاريخ الفنّي يا سادة لن تذكر مع من تشاجرتم ومع من تنافستم ومن شتمتم ومن عاديتم انما ستذكر بخط ذهبي عريض اي اعمال عظيمة وخالدة قدّمتم واي خدمات كبيرة لمجتماعتكم قدّمتم… فهل تتّعظون؟