رأي خاص- فيليب اسمر مُخرج الأنفاس المحبوسة يحلّق بعيدًا في “للموت”
من الهندسة الداخلية الزراعية، إلى شغفه في الإخراج الذي سيطر على حياته واحلامه بتمكن كبير.
فيليب أسمر، مشوار فني درامي، لمخرج إلتَصَقَت بِه صفة الابداع بحروفِ نجاحٍ، إصرار وتمكن.
منذ طفولته، حيث كان يستعين بأسفل الزجاجة ويتخيّلها عدسةَ كاميرا يلتقط من خلالها المَشَاهد الوهميّة لشقيقته التي كانت حقلاً لتجاربه. إلى ان حملته الصدفة ليرافق واحداً من أهم مخرجي لبنان حيث بدأ فيليب حياته المهنية سنة ٢٠٠٩ كمساعد للمخرج “سمير حبشي”.
لم يتخل “أسمر” عن أحلامه وطموحاته، أطلَق العنان لتحديات الحياة منتظراً الفرصة الأكبر التي قرعت بابَه سنة ٢٠٠٩ من خلال نصٍ لأهمِ كُتَّابِ تلك المرحلة، الكاتب الكبير، “شكري أنيس فاخوري” بعنوان “خطوة حب” الذي فاز عنه بجائزة الموريكس دور.
مخرج الشغف والحلم، عَمَله إستمتاع بتفاصيلٍ لا يراها سواه، تفاصيل يُشَكِّلَها شخصيات يُلبِسَها ألواناً وحياة، تتمايل، فتنتشلنا من واقعنا، فترمي بنا على متن عدسة “فيليب أسمر” رحلةً بقيادته قبطاناً بارعاً يَصِلُ بنا إلى بَرِّ الأمان وهذا ما فعله في مسلسل “للموت”.
النص تحوّل من خلاله الى ملحمة إخراجية كاملة متكاملة، فكمّ التقنيات التي إستعملها مضيفا عليها روحه فِكرَه ورؤيته الفريدة، جعلت من هذا العمل بصمة للدراما العربية ومَضرَباً للمثل.
إضاءة، ألوان، مؤثرات صوتية، تقطيع موازٍ، حركة الكاميرا اليدويّة التي تجعلك في قلب الحدث وذلك فضلاً عن الإبداع والواقعية الكبيرة التي نراها في تمثيل وأداء الطاقم بأكمله من ابطاله إلى المارين في المشاهد مرورًا صامتًا.
عمل جبّار يملئه فيليب بروحه وطاقته الفريدة، فوقَّعَهُ بطلاً لا يُمَل.
وبحسب الاعلامية باتريسيا هاشم في مقال سابق فان فيليب أسمر، لا شك في انه ظاهرة الدراما التي لم تستكِن ولم تكلّ عن ابهار الجمهور الذي صفّق لكل اعماله التي تستمر في التفوق بشكل متصاعد حتى باتت حدودها السماء وكأنه موهبة اخراجية من خارج هذا العالم، “وحش” الاخراج هذا خطير حدّ الهذيان فيصدمك بكادراته، بأفكاره العملاقة، برؤيته الرائدة للاعمال الدرامية، بأماكن التصوير غير التقليدية، بصورة مبهرة تغازل ذوق المشاهد وتساهم الى حدّ بعيد بإرتقائه الى مستويات عليا، فلم يعد يتقبل المشاهد اللبناني والعربي مستوى اقل مما يقدّم هذا المخرج المبدع الذي يضاهي بإبداعه اهم مخرجي الوطن العربي والعالم سيما وان شركة الانتاج “ايغل فيلمز” سخّرت له كل امكاناتها مؤمنة بهذه الموهبة النادرة فاطلق فيليب اسمر العنان لجنونه الابداعي فلامس المستحيل وطوّعه ليخدم الورق والممثلين على حدّ سواء في “للموت”.