رأي خاص – نادين ن نجيم زهرة تفتّحت كوميديا في صالون قضايا النساء
مزيج من الكوميديا والصراعات الدرامية داخل أحد الأحياء الشعبية، تفتح فيه نادين ن. نجيم محلها الخاص للعناية بالسيدات ضمن أحداث مسلسل “صالون زهرة”، من كتابة نادين جابر وإخراج جو بوعيد وانتاج صباح أخوان. الرجال غير مرحب بهم في هذا المكان الذي تملكه وتعمل فيه زهرة، ويساعدها ابتسام (نهلة داوود) ورشا (زينة مكي) ولينا (لين غرّة).
ومع عرض الحلقة الأخيرة من “صالون زهرة” على منصة “شاهد”، يدخل موقع “بصراحة” في تفاصيل العمل.
نذهب مباشرة الى نجمة العمل الممثلة- الظاهرة نادين نسيب نجيم التي قدّمت دورًا كوميديًا مميزًا جدًا، حيث حصدت اصداءً رائعة، اضافة الى آلاف التعليقات المُثنية على دورها الكوميدي الذي أجادته بتفوّق وهذا ما تمّ ترجمته بتصدرها أسبوعيًا وسائل التواصل. نادين القادمة من نجاحات درامية كثيرة، تخرج اليوم من “صالون زهرة” بشهادة “ممثلة جوكر” اي التي “كيفما رميتها وبأي دور ورّطتها، تجدها واقفة” شامخة ومتفوقة. من لا يحب نادين ن.نجيم سيجد الف عذر لكي يسلبها لقبها كالنجمة الدرامية الاولى. ومن يحبها يكون يحتفي الآن بنجاح جديد لهذه الممثلة- الحالة. فنادين حالة استثنائية وخليط نادر بين القَدَر والقُدرة أي بين الحظ والموهبة. فربما هي ليست افضل ممثلة وقفت امام الكاميرا، إلا انها دون أدنى شك تملك جاذبية ترخي بظلالها على كل عمل جديد فتسحرك تلك السمراء المشاغبة والعنيدة؛ فكانت ملكة جمال لبنان مزيجًا عجيبًا بين القدر الذي انصفها دائماً وبين القدرة على تجيير طاقاتها لهذا القدر وخوض فرص جديدة تكللت دائمًا بتصفيق حار للجماهير العربية.
وكم لاقت نادين بالكوميديا، فهي كوميدية بالفطرة سريعة البديهة والحركة. لغة جسد طبيعية دون مبالغة منفّرة من اجل اضحاك الناس. ومن يعرف نادين عن قرب يعرف جيداً انها سيدة المواقف الطريفة. نُكتتُها العفويّة والذكية جاهزة دائمًا لذا لاقت كثيرًا بزهرة وزهرة تفتّحت في نادين التي لن تنتظر بعد اليوم موسماً درامياً لتُزهِر ابداعاً.
أما عن دور معتصم النهار الذي ننصحه بتكرار تجربته في الكوميديا لأنه أثبت انه ممثل جدير بثقة الناس الذين كانوا يتابعونه لإكتشاف “الكوميدي” الموجود بداخله وأثبت أنه جدير بهذا الدور، طبعًا النص استطاع أن يخدّم دوره لكنه أبدع بتجسيد شخصيته. وهذا الثنائي أي نادين نجيم ومعتصم النهار يصلح لتكرار تجربة الكوميديا مجددًا بل هما مطالبان بتكرارها.
معتصم النهار الذي تابعناه في السنوات الاخيرة بأدوار جدّية، كسر بـ “صالون زهرة” الصورة النمطية وخرج الى جمهوره ممثلاً مختلفاً وكأنه ولد من رحم الدراما كوميدياً بالفطرة . فعيناه قالتا كل شيء ومشيته باحت بالكثير وتعابير وجهه كشفت المستور في “صالون زهرة” وجاءت كتابة نادين جابر لتحسم أمر هذا النجم وتلبسه عباءة الكوميديا عن استحقاق وجدارة.
أما طوني عيسى فقدّم دورًا جميلاً جدًا وهذا ليس بجديد على هذا الممثل المشاغب الذي يتحدى نفسه في كل استحقاق جديد وكأنه يعتبر اي دور جديد قضيّة حياة او موت. وكم لاقت به شخصية يوسف- “ابو عضل” التي وإن كُتبت له، إلا انه جيّر لها كل خبرته ورؤيته ونجح في انتزاع نجاح جديد يستحقه عن جدارة.
وكعادتها كارول عبود أبدعت. فهذه الممثلة تتخطى نفسها في كل دور جديد وهذا أمر بديهي لدى نجمة بخبرتها وحنكتها ودهاء ذكائها هي العالمة بما تستطيعه وما تبدع فيه، فلبست شخصية “هنادي” وأبت ان تنزعها عنها فالتحمت السيدتان واتحدتا وتآمرتا على المشاهد مرة جديدة بعد مسلسل “للموت” فأبدعت وتفوقت من جديد.
أما نهلة داوود، زينة مكي ولين غرّة فقدّمن أدوارهن بشكل ممتاز وعشنا معهن قصصهن بتفاصيلها واقتنعنا انهن زميلات “صالون تجميل” وشريكات “قلوب مكسورة” بدرجات متفاوتة ودخلت الأم المعذبة انجو ريحان على خط الانكسارات لنعيش معها مأساة كل زوجة مهمّشة ومهشّمة ومسلوخة عن اولادها بفعل زوج طاغية وظالم ونجحت انجو في جرّنا الى التعاطف معها فسجّلت نقاطاً اضافية تُحسب لها.
وعلى الرغم من ان البطولة في الاجمال نسائية، إلا انه لا بد من رفع القبعة لباقي كاست المسلسل بدءاً من مجدي مشموشي، فادي ابي سمرا، نقولا دانيال، نوال كامل، سمارة نهرا، عمر ميقاتي، ناظم عيسى، جورج دياب، جنيد زين الدين، هشام أبو سليمان، كميل يوسف، حسين مقدّم وعلي سكر الذين كانوا العامود الفقري لهذا المسلسل.
ولكننا نعترض على نهاية المسلسل التي كانت “كلاسيكية” كما كل المسلسلات التي تنتهي كل مشاكلها في آخر خمس دقائق من العمل. وكنا نتوقع نهاية اكثر منطقية واحداثاً مترابطة واكثر واقعية فتحوّل المسلسل في حلقته النهائية الى وجبة سريعة غير مُبررة الاحداث، متى تصالح الاب بهيج (نقولا دانيال) مع ابنته زهرة؟ متى تصالح فواز (فادي ابي سمرا) مع زوجته وكيف راجع نفسه واعترف بذنبه؟ هل حاول انس او (معتصم النهار) ان يعتذر من زهرة قبل ان يطلبها للزواج وقبل ان توافق عليه؟ لمَ لم تحصل اي مواجهة قوية بينهما؟ ماذا حصل لمرام؟ وماذا عن يوسف(طوني عيسى) وكيف يغيب عن نهاية المسلسل وهو كان اساساً في حياة زهرة؟ وكيف كشفت زهرة ابنتها غير الشرعيّة للجميع بعد عن خبئتها عنهم طوال ١٤ حلقة؟ كيف تقبل أهل الحي زهرة فجأة بعدما اعتبروها متمردة و “فلتانة” لسنوات؟ أسئلة كثيرة لا إجابة عليها في الحلقة الاخيرة، إلا ان كانت الشركة المنتجة او الكاتبة تقصدتا اضافة الغموض على الحلقة النهائية الا ان ذلك لم يخدم النهاية التي جاءت باهتة على الرغم من أحداثها السعيدة وعلى الرغم من الورق الجميل الذي ابدعت بكتابته الكاتبة النجمة نادين جابر.
لا بد ايضاً من التوقف حول موضوع لافت جدًا في المسلسل وهو اللغط الحاصل بتحديد الزمن الذي وضعت فيه الأحداث، فمن جهة يتم معالجة المسلسل ضمن حقبة الثمانينات من حيث الازياء والديكورات والسيارات وتسريحات الشعر والماكياج والأعمال الغنائية وغيرها بينما يتم ذكر قضايا يعاني منها لبنان حاليًا وهي سعر صرف الدولار، إنفجار مرفأ بيروت ووضع البنوك. ما ترك عدة علامات استفهام ولو ان هذه التفاصيل قد تبدو قزمة امام الفكرة الكبيرة للعمل، الاّ ان الفصام في تحديد الزمن لا يُشعِر المرء بالارتياح لدى متابعة المسلسل.
دون ان ننسى تتر المسلسل الذي غناه الفنان مايك ماسي والفنانة الشابة يال سولان، حيث حملت الشارة عنوان “شو أوريجينال”، وأعطت هوية اضافية تشبه أجواء مسلسل “صالون زهرة”. كما وقّع الموسيقى التصويرية مايك ماسي.
في المحصلة، مسلسل “صالون زهرة” مسلسل جميل وخفيف يمر كالنسمة على المشاهد الذي ملّ مسلسلات اما ” النكد” أو ” الجريمة” ويستحق المشاهدة والمتابعة ولا شك في ان المخرج الخلوق جو بو عيد ساهم في تقديمه الى المشاهد ضمن قالب جميل وممتع للعين وتعتبر تجربته الدرامية هذه مقدمة ناجحة لمسيرة قادمة في عالم الاخراج الدرامي.
ومع النجاح الكبير الذي حققه المسلسل على منصة شاهد، الجمهور الذي لم يتسنى له متابعة المسلسل عبر منصة “شاهد” هو على موعد معه مجددًا بعرض أول على الشاشة ابتداءً من يوم الأحد القادم على MBC4من انتاج شركة صباح أخوان. وقد اوضحت نادين نجيم في حديث سابق أن “أحداث العمل تكشف حكاية هذه الشابة مع بيئتها ووالدها وشقيقتها وزوج هذه الأخيرة، ونستنتج لما هي متمردة وقاسية، ضمن كوميديا سوداء فيها خطوط درامية عدة”. وتشير إلى أن “زهرة تشبة الناس البسطاء الذين نلتقيهم يومياً في حياتنا، والذين يحاولون أن يخلقوا صنعة للاسترزاق منها، وهي مقتنعة بأنها إذا لم تكن قادرة على الدفاع عن نفسها، فلن تجد من يدافع عنها”. وتؤكد “أنني كنت أفكر بمشروع مشابه منذ سنوات عدة ضمن عمل لا يخلو من الكوميديا، لكننا لم نكن نجد الفرصة والوقت والنص، إلى أن كان “صالون زهرة” الذي نقدمه اليوم”. وعمّا إذا كانت الشخصية ستنفرد بعبارات ثابتة تكررها دوماً، تسارع إلى الإجابة قائلة “أنها تستخدم قاموساً من العبارات”. وعن العلاقة مع معتصم النهار، تقول: “أنس يدخل الحي ضمن ظروف معينة، وحينما التقى بزهرة أحس كل منهما بمشاعر غير مفهومة، ونرى كيف تتبدل ملامح هذه العلاقة خلال 15 حلقة”.
أما معتصم النهار فيطل بشخصية أنس، وهو شاب يعمل في تنجيد المفروشات والموبيليا، ويتورّط في عمل خارج القانون، فيضطر بحكم ذلك للدخول إلى الحي الشعبي”، ويتابع: “يُضطر أنس للتقرب من زهرة، ونراه يقع في مستنقع يصعب عليه الخروج منه”. ويوضح أن “هذا النوع من الأدوار جديد عليّ ويستهويني إذ يحمل مواقف كوميدية طريفة، وأحداثاً وقصص حب”، لافتاً إلى أن “الموضوع غني ودسم وممتع، ونتجه هنا إلى كوميديا الموقف، وهو الذي يقدم مادة مضحكة مبنية على الحالة التي توضع فيها الشخصية، ثم الحلول التي تصل إليها للتخلص من موقف ما”. ختاماً يؤكد معتصم أن “الجانب الرومانسي في العمل مبشّر، وكل الظروف والعوامل تخدمنا لجهة النص والإخراج والتفاعل بين الممثلين عموماً وبين نادين وبيني خصوصاً”.
محدث الكاتبة نادين جابر:
أما الكاتبة نادين جابر شكرت موقع بصراحة على المقال وكتبت: “شكرًا بصراحة، و بخصوص النهاية معكن حق وحقكن علينا، بس فيه مشاهد مكتوبة بتوضح الاسئلة اللي طرحتوها و للأسف ما تصورت اعتقد بسبب ضيق الوقت لأنو انا ما كنت بعرف انها انحذفت! المهم الحمدالله العمل نجح والاصداء حلوة، والكل ابدع”.