المساكنة …فيلم أميركي طويل
لا أنكر أنني كنت و لا أزال من أشد المعجبات بالإعلامية هيام أبو شديد ، فلجرأتها وحرفيتها بصمة تركت أثرها في الإعلام اللبناني المرئي المعاصر فلطالما بلغت في كثير من الأحيان التميز والتفرد في أسلوب الحوار و الطرح و إدارة البرامج الحوارية وكانت مثالاً يحتذى به من قبل الكثير من الإعلاميين والإعلاميات في وطننا العربي الكبير.
هيام أبو شديد وبعيداً عن معرفتي الشخصية بها منذ بدياتي الأولى في الوسط الإعلامي إذ كانت محفزي الأول لدخول التجربة الإعلامية في دولة الإمارات العربية المتحدة إيمانا منها بالفرص الجديدة و اكتشاف المجهول في حياة كل اعلامي طموح ، وبعيداً عن ذكريات الحوار الإذاعي الأخير لي معها ، كانت كما يعرفها الجميع نجمة تلفزيون ام تي في اللبناني و عقب إغلاقه استقبلتها قناة الحرة بالترحاب، لكن الحرة لم تناسبها فترة طويلة و عادت الى ام تي في و الى جمهورها اللبناني و العربي من خلال قناة تلفزيونية يحبها الجمهور العربي و يتقبلها. قرأت أنها تقدم برنامجا تحت عنوان “و انا كمان” فانتظرته لاشاهد احدى حلقاته.
و لسوء حظي وقعت على حلقة “المساكنة”! لن اعلق على اسلوب حوار هيام لانه لا غبار عليه و لا على اسلوب ادارتها للحلقة لانها استاذة في ذلك، لكني فوجئت بموضوع الحلقة و تساءلت لاي جمهور توجهه هيام! ان كان الهدف الجمهور العربي في اوروبا و دول الاغتراب فان المساكنة لديهم في المجتمعات الغربية امر اعتيادي و لا تدار بشأنه حلقات حوارية تلفزيونية، و اذا كان الجمهور المستهدف هو الجمهور اللبناني و العربي فان الامر برمته مرفوض جملة و تفصيلا في قانون كل الاديان السماوية و الاعراف الاجتماعية. و اذا كان ضيوف الحلقة يعتبرون انفسهم فوق البشر “العاديين” المتمسكين بالتقاليد و الذين يحترمون مجتمعم، لانهم متحررون من كل تلك القيود من خلال اسلوب حياتهم المعتمد على المساكنة، فانهم بذلك لا يمثلون الا انفسهم او يمثلون شريحة صغيرة جدا من المجتمع اللبناني، لا تستأهل ان تبث لاجلها حلقة حوارية تلفزيونية. فماذا سيكون هدف الحلقة يا ترى؟ اقناع الشاب اللبناني المغترب الذي يعيش في كندا ان لبنان متحرر؟ وا فرحتاه! اجل فقد عبر في ختام الحلقة عن فخره بوجود اناس تفكر بهذه الطريقة فان المجتمع بالف خير اذن! ما هو هدف الحلقة؟ حث الشباب و الشابات على تجربة الحياة الزوجية خارج الرباط المقدس او الرباط المدني على اقل تقدير؟ هل الهدف من الحلقة “اخراس الناس” كما تباهى هذا الرجل الذي ساكن صديقته عشرين عاما و تقبل التعازي في وفاة والدها بعد ان سمح لها بمعاشرة غيره حتى لا يملان من بعضهما؟
أعتقد أن الجمهور غير معني بهذا النوع من المغامرات العاطفية والأفكار الثورية عن الحب و الخيانة، تحرر مزيف يرمي بالحب و احترام الشريك عرض الحائط. إن الحب هو رباط مقدس و الخيانة خيانة في الحب أولا قبل الزواج، فكيف يسمح شخص كهذا لنفسه بنفي تهمة الخيانة خارج إطار الزواج؟ اجل هذا ما فاجأ به زميلته في الحلقة التي تخلت عمن تساكنه بسبب خيانته لها و لم تخبره حتى بحملها! فيلم اميركي طويل! و قد طعنت تلك السيدة نفسها بكلام المحامي الذي أكد أن المساكنة زنا في كافة الأديان، و اعتبرت أن الزنا هو تعدد الزوجات!!! نعم لقد سمحت لنفسها و سمحت لها أيضا هيام أبو شديد الإعلامية المخضرمة أن تتجرأ على الإفتاء دون علم والإيتاء بتفسير باطل لما ورد في القرآن الكريم حول تعدد الزوجات ، نطقت به بلسان الهوى ، فأفتت حول الزنا من عندها! يا جماعة “إذا بليتم فاستتروا”!
لقد تعرض برنامج احمر بالخط العريض للإيقاف بسبب المجاهرة بالزنا و سجن من سجن في المملكة العربية السعودية و اقفل مكتب للمؤسسة اللبنانية للإرسال بسبب ذلك أيضا. هذا يعني ان الجمهور العربي و الجمهور الخليجي و الجمهور السعودي تحديدا يرفض هذا النوع من الطرح و اذا كان لل mtv نية المنافسة فضائيا و عربيا فعليها دون شك اعادة حساباتها لان مشاهديها ليسوا فقط من اللبنانيين “المنفتحين”. و ما قدمته هيام في تلك الحلقة – كمضمون حواري – هو أيضا مجاهرة بالزنا و تحريف لشرع الله وخروج عن النص الشرعي ، و تعميم أمثلة بسيطة على المجتمع كافة. فان فشل بعض الزيجات لا يعني أن مؤسسة الزواج فاشلة و نجاح بعض حالات المساكنة لا تعني انه الحل الأنسب لتفادي الطلاق مثلا؟
إحدى الحالات و هي ام لشابين، لم تنشئ اية علاقة مع جيرانها و ليس لديها اي وقت لهم لذلك لا يعنيها رأي احد في حريتها الشخصية ما دامت لا تؤذي احد و لا تتدخل في شؤون احد! و برايها ان المساكنة هي حالة اعلى من الزواج فهي التزام انساني مع حرية و حين يكون الالتزام حقيقيا بفضل اللقاء الفكري و الانساني تنجح العلاقة،هذه السيدة اشعرتني فعلا انها ربما عانت من الزواج و الارتباط و قررت عدم خوضه مجددا و لم يستفزني حديثها كما الاخرين.
لكني اتساءل لماذا كانت هيام حريصة لهذه الدرجة على مشاعرهم عند عرض رأي المحامي فهل تخاف من اتهامها بالانغلاق ان هي عارضت ضيوفها “المنفتحين”؟
اعذريني هيام ابو شديد لكن تلك الحلقة لم يكن لها اي داع و ليس فيها اية فائدة تذكر لا بالنسبة للضيوف و لا المشاهدين بل بالعكس ستكون ردود الافعال عليها سلبية للغاية و ستتعرض للهجوم و ربما يكون هذا هدفكم، اثارة الجدل! و ان لم تكن فهذا يعني ان نسبة المشاهدة لم تكن جيدة ربما.
هيام ابو شديد ليس هذا عهدي فيك. اعلم ان برنامج كلام نواعم لم يكن ابدا مكانا لائقا بمستواك الاعلامي لكن ربما انت بحاجة لخبرة في تلفزيون خليجي ليصقل لديك حسن اختيار مواضيع الطرح في “و انا كمان” ما دمت تتوجهين لجمهور عريض من كافة الانتماءات وجب احترامه.
سؤال اخير ” و انا كمان” شو؟ اريد المساكنة؟ اريد ان افهم عقلية من يساكن؟ اريد ان اتعاطف مع سيدة حامل بدون زواج؟ “و انا كمان “شو؟
لقد صرح منذ سنوات العلامة اللبناني المطران جورج خضر حين سئل عن الزواج المدني: ان بنات رعيتي يحلمن بالطرحة البيضاء و مراسم الاكليل الكنسي و لا يتخلين عنه بسهولة! فهل تريدينهن ان يتخلين عنه؟ و هل يجزم ضيوفك ان حلم الزواج الذي يداعب احلام كل فتاة عربية او السواد الاعظم منهن اصبح تخلفا برأي ضيوفك الكرام؟ حتى المرأة الاوروبية و الاميركية تتمنى الارتباط و لا تختار المساكنة الا لتصل الى هذا الهدف. فهل اصبح المجتمع اللبناني برأيكم مسرحا للمساكنة؟ لا اعتقد ذلك