كتبت باتريسيا هاشم: لماذا أغنيات اليوم تولد ميتة؟

باتريسيا هاشم: على الساحة الفنية اليوم محاولات ومحاولات مبتورة من قبل صُنّاع الاغنيات والنجوم من اجل خلق اغنية تنجح، تنتشر وتعيش… ثلاثية “التاء” الضامنة لاستمرارية النجوم وتشريفهم المكتبة الموسيقية التي ملأها عمالقة الغناء باروع الانتجات الا انها نادراً ما استقبلت اعمالاً جديدة تستحق وضعها على رفوف التاريخ الفني الحديث كوننا نشهد في السنوات الاخيرة على ظاهرة الاغنيات التي تولد من رحم الفراغ ميتة …

لم يولد من “عصر السرعة” ابداع يخلّد اسم صاحبه. فالصورة طغت في معظم الاحيان على المضمون وتسابق معظم النجوم على اغراء عيون جمهورهم قبل اغراء آذانهم، فكان الابهار آنياً ومؤقتاً ومرتبطاً بدعم هذه الاغنيات والاستماتة لتسويقها ووضع شركات الانتاج امكاناتها بتصرّفها الا انها ككرة الثلج سرعان ما تذوب مع رفع الدعم واليد عنها… 

فبعض الشعراء تحولوا الى المتاجرة بالكلمة والقوافي وحولوا الشعر الى تجارة مربحة ورتبوا قوافيهم وصفصفوها على عجلة وعرضوها في اسواق شعبية وباعوها بالقطعة مع حسومات مستمرة وعروضات خاصة بالمناسبات، لعيد الحب والاضحى والفطر ورأس السنة والصيف والشتاء…

أغنية لكل الفصول تتماشى مع درجات الحرارة وموضة الازياء فكانت خفيفة للصيف وثقيلة للشتاء وفضفاضة لباقي ايام السنة.

فولدت اغنيات موسمية تنتهي بهرجتها مع انتهاء الموسم سيما تلك الصيفية العشوائية والخفيفة التي تصنف للسهر والتي تلقى حتفها على وسادة من عادوا تواً من السهرة منهكين من الرقص ومرهقين.

واسوأ ظاهرة على الاطلاق هي ظاهرة الاغنيات التي تصنف “حزينة” وهي عبارة عن اغنيات “نكد” حصرية ولا تمت الى احزان العشق او الحياة بشيء انما اطالة لسخف معالجة المشاعر الانسانية لا تلامس اي جانب للحياة او العشق انما توضع فقط في خانة الاكتئاب الفوضوي.

اما اللحن، فحدث ولا حرج، تحول في السنوات الاخيرة الى زحمة خانقة للآلات الموسيقية وفوضى نوتات عارمة واستعانة عمياء للحاسوب والمِكسر الذي يدخل اليه اللحن مولوداً ويخرج منه مفقوداً… الحان في معظم الاحيان مكتومة القيد. لا أب ولا أم ولا أقارب لها. لا يعترف بها او يتبناها الا فنانين منتحلي صفة يفتقدون الى الثقافة والذوق والرؤية، يشترون الحاناً كمن يشتري اطباقاً جاهزة دون التأكد من تاريخ صلاحيتها وجودة مكوناتها.

واخيراً ماذا نتوقع من فنانين يشترون الاغنيات بالواسطة او عبر مدراء اعمالهم دون لقاء الشعراء والملحنين، فلا يطرحون رؤيتهم ولا يفرضون ذوقهم وليس لديهم اي فكر او توجه فنّنين؟ فهل تكفي الثقة بالشيف دون تذوق الطعام قبل تقديمه؟ وهل يجوز دعوة الجمهور الى المائدة قبل الحكم على جودة الطعام؟ ايكتفي الفنانون برأي مدير اعمالهم بهذه الاغنيات دون التمعن بمضمونها والاخذ برأي اخرين؟ الا ان كان الفنان من محبذي المصفقين له فقط وغير آبه برأي المعترضين الصادقين على اعماله، فحينها فقط يدفع وحده ثمن غبائه وغروره وهذا ما يحصل في السنوات الاخيرة حيث نشهد على تراجع عدد كبير من النجوم الذين يخسرون باستمرار ثقة جمهورهم الذي يخيب املهم مع اصدار كل اغنية جديدة لهؤلاء.

في النهاية على نجوم الوطن العربي مراجعة حساباتهم ومحاسبة انفسهم علهم ينقذون ما تبقى من هيبة مسيرتهم والاهم عليهم ان يقرروا ان كانوا يستميتون ليوقعوا اسماءهم في سجل التاريخ الفني او انهم يكتفون فقط بنجاحات وهمية مؤقتة؟ هم وحدهم يقررون…

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com