خاص- عودة اسطورية لشريهان وتتقاسم المجد مع كوكو شانيل في ساعتين
باتريسيا هاشم: بعد ثلاثين عاماً من غيابها عن خشبة المسرح، وما يقارب العشرين عاماً من الغياب عن الأضواء، عادت حورية النيل الى حيث تنتمي… الى عالم الابداع!
عادت النجمة شريهان من خلال مسرحية “كوكو شانيل”، عادت الى حضن الابداع الذي لم تساوم يوماً عليه منذ ثلاثين عاماً…
عادت كالحلم، كالسحر، كالسرّ… عادت كالكذبة الجميلة التي يختلقها الاطفال ليسعَدوا بتفاصيلها، عادت كـ “حدّوتة” حلوة يرويها الحكواتي في رمضان، عادت كـ “بسبوسة” العيد على رفوف محال الحلوى. عادت ليرحّب الملايين بعودتها ويبتسم كل من شاهدها تصول وتجول وترقص وتغنّي وتمثّل على مسرح مسرحية “كوكو شانيل”. عادت لتتسارع دقّات قلوب معجبيها في كل انحاء الوطن العربي والعالم، فعودتها دغدغت حنينهم وذاكرتهم وذكرياتهم ولامست افئدة لطالما تحسّرت على غيابها.
الا ان العودة لم تكن عادية…كانت العودة بمستوى الغياب، ثقيلة وصادمة. وكان لها وقع فقدان الذاكرة، وكأن شريهان لم تغب يوماً ولم تعتزل يوماً ولم تفارقنا ابداً، وكأن بعودتها رمت بثلاثين عام غياب في قمامة النسيان، فأكملت من حيث توقفت وتفوّقت….
في مشهدها الاول من مسرحية “كوكو شانيل”، تقف متسمراً في مكانك وكأنك التصقت بالهواء، فتكاد لا تصدق روعة ما تشاهده عيناك.روعتها هي قبل أي شيء آخر…الجميلة نفسها، الموهوبة نفسها، الثائرة والمجنونة نفسها، والشغوفة نفسها والفنانة الحسّاسة نفسها… لم تتغير ابداً بل تغير زمن جميل منذ ان قرّرت الغياب، تغيّر زمن الفن كثيراً لدرجة انك حين تراها تعود لتقف على المسرح تتمايل وتغنّي من جديد، تشعر وكانك استرجعت عمراً جميلاً بكامله وكأنك ازلت التراب من فوق ذكريات دفنتها مرغماً تحته وكأنك قرّرت البحث مجدداً عن الحنين الذي غرزته في حفرة تحت شجرة بعيدة واضعته هناك.
تقرر مع شريهان ان تستعيد سعيداً مرحلة كاملة من حياتك كانت هي رفيقتها الجميلة والاستثنائية والنادرة… وأتت مسرحية “كوكو شانيل” لتكرّم شريهان، فتقاسمت السيدتان المجد خلال ساعتين على المسرح. من المستحيل ان يكون اختيار حياة “كوكو شانيل” وليد صدفة او رغبة بريئة بالاضاءة على مسيرة مهنية مضيئة لامرأة مبدعة، فلا شك ان لشريهان وغابريال (الاسم الحقيقي لكوكو شانيل) قواسم ألم وأمل وجنون وشغف وانهزام وانكسار وغياب وعودة مشتركة… قواسم سطّرت حياة السيدتين وتركت بصمتها في عالم المجد الذي استحقّتاه عن جدارة بعد مشوار شائك ومضني، انهكهما و انهاهما الا انه في النهاية كرّمهما!
اشترطت شريهان في عودتها الضجيج فلم يكن الصمت احتمالاً يفيها روعة عودتها، فعادت بانتاج خيالي حقّق كل احلامها في عودة عظيمة تليق بشوق الاحبة لعودتها. عادت بانتاج عالمي مبهر يليق بسيدة الفوازير ومحبوبة الملايين، فكانت قصة المبدعة كوكو شانيل في خدمة مقارنة مسيرتها معها وكان الانتاج المبهر والخيالي في خدمة رقي العودة وكان الاخراج المتميّز في خدمة تاريخ فني يجب صقله وحمايته من أي تآكل أو خدش وكانت الاغنيات والرقصات والازياء في خدمة العودة الاسطورية بعد غياب …
بإختصار لاقت العودة الباهرة كثيراً بسيّدة الغياب، ولاقت كل الطاقات والامكانات التي جُيّرت لهذا العمل بملكة الاستعراض ولاقت كوكو شانيل بشريهان، فكان للعودة وقع مختلف، عودة لقّنت المشاهد دروساً كثيرة في الحياة والحب والاجتهاد والصبر والمجد والوفاء والجنون والوطنية والتضحية والاصرار على النجاح. فلم تشأ شريهان ان تعود بمسرحية هامشية بل اصرت ان تلقّن عودتها درساً لجمهور تحرّق شوقاً لملاقاتها في العيد، فكان اللقاء على قدر التوقعات وكان الدرس على قدر الشوق، مدوّياً!
وتعتبر “كوكو شانيل”، إحدى أشهر الأسماء في عالم الأزياء والموضة في العالم، والتي بدأت مسيرتها بشكل متواضع بعد أن نشأت في أحد دور الأيتام، قبل أن تصنع بكدّ وتضحية وعذاب شهرة وصلت أصداؤها إلى العالم وكانت حياتها مثيرة للجدل ومليئة بالأحداث المشوّقة ومليئة بالانهزام والخسارة والانكسار قبل ان تتمرد في كل مرة على واقعها وتهزمه وتتفوق عليه وتفوز في كل تحد مع قدر لم يكن منصفاً دائماً الا ان المجد كان جائزتها الكبرى وتعويضها الاهم في آخر الطريق… كذلك شريهان!
نذكر أن مسرحية “كوكو شانيل” من تأليف مدحت العدل بمشاركة الرؤية الفنية النجمة شريهان، إخراج هادي الباجوري، منتج فني محمد حلمي، الرقص الاستعراضي هاني اباظة، اشراف ديكور محمد عطية، أشعار مدحت العدل، الحان إيهاب عبد الواحد، توزيع فهد، ستايليست شريهان، المصممة ريم العدل التي صممت أزياء الممثلين والراقصين في المسرحية، إنتاج “العدل غروب”.