رأي خاص- فرح بن رجب تحول نفسها الى كراكوز والمسطول الحقيقي هو من سجل هذا الفيديو عزيزتي
من المؤسف حقاً ما شاهدناه في الفيديو الذي نشرته الاعلامية التونسية فرح بن رجب على صفحتها الخاصة على موقع فايسبوك حيث كان العنوان العريض للفيديو “كل مسطول وله سطله” رداً على كل محاولات النجوم والمشاهير في الوطن العرب قبول التحدي Ice Bucket Challenge.
ولكن كان من المستغرب ان تبادر الاعلامية التي اعتدناها راقية ومثقفة وحضارية الى وصف كل نجوم الوطن العربي الذين دعموا هذه الحملة العالمية “بالمساطيل”، وهذا ان دل على شيء فيدل على انها ربما ارادت اثارة الجدل ن خلال كل ما صرحت به.
فما قامت فرح به ربما نعتبره طريفاً ويندرج تحت خانة التهكم على ابعد تقدير، ولكن للاسف كنا نتمنى ان تبادر فرح ايضا الى التعبير عن رأيها ضمن اطار حرية التعبير بشكل راق اكثر وان تقول انها لا تشجع هذه الحملة وان هناك في الوطن العربي كما صرحت اموراً اكثر اهمية واكثر جدية واكثر خطورة او سخونة تحتاج الى دعم نجوم ومشاهير الوطن العربي، ولكن دون الاساءة الى كل الذين حاولوا او تحدوا في هذه الحملة والتقليل من شأنهم واحتقارهم فهو امر غير مسؤول وغير منطقي.
فربما فات فرح بن رجب ان هذه الحملة هي حملة انسانية بالدرجة الاولى والحملات الانسانية العالمية التي تعنى بامور صحية بهذه الخطورة ليس لها بيئة او مجتمع او دولة ما خاصة بها وهي عابرة لكل القارات، وان كان العالم او الدول الغربية ستجد يوماً ما علاجاً لهذا المرض، فهذا دون ادنى شك سيستفيد منه كل المصابين او المرضى في الوطن العربي الذين وبحسب الاحصاءات يشكلون 2/1000 من عدد الشعوب.
وقد فات فرح بن رجب ايضاً ان الدعم لهذه الحملة من قبل النجوم ليس من باب التباهي ولو انه كان هناك للاسف بعض الاستثناءات، ولم يكن من داعٍ للمشاركة في هذه الحملة إلا من باب اثبات الوجود او من باب الالتزام او دعم امور غير فنية، فالمشاهير لهم دور توعوي اساسي في المجتمع، وربما فهم البعض هذه الحملة خطأً، فالهدف من الحملة بالاساس هو في شقين: شق توعوي، وشق تبرعي بحيث ان النجوم اما يدعمون هذه الحملة من باب توعوية مجتمعاتهم حول خطورة هذا المرض وهذا هو الاساس، والشق الثاني هو التبرع بالمال وهناك منظمات وجميعات عالمية ساهمت في التبرع لهذه الحملة، وبالتالي ليس علينا دائما ان نهين او نهزأ او نقلل من شأن الاخر ان كنا نرفض ما يقوم به فقط لاننا لسنا مقتنعين به او لسنا نتمتع بالجرأة الكافية للقيام به فيصبح كل مخالف لارائنا وافكارنا على خطأ ونحن على حق، فلكل فرد حريته في التعبير عن دعمه لهذه الحملة وحريته في قبول التحدي او رفضه .انطلاقا من هنا ليس لفرح بن رجب الحق في السخرية من الذين قاموا بهذه الحملة ونعتهم بالمساطيل.
وهذه الاعلامية المسؤولة التي كان يجب عليها بدلاً من ان تنشر هذا الفيديو والسخرية من الذين قاموا بهذا التحدي والاستهزاء بهم وتحويل نفسها الى “كراكوز” كان يجب عليها ان تأخذ هذا الوقت وتستفيد منه في التسجيل لمحاولة توعية جمهورها العريض، ونحن متأكدون ان جمهور فرح بن رجب كبير في الوطن العربي بما انها كانت من اهم الاعلاميات على شاشاتنا العربية.
إلا انها اختارت ان تثير الجدل من خلال هذا الفيديو وبدل من ان تعود “فرح” في برنامج كبير يليق بمسيرتها الاعلامية عادت بفيديو هزلي اضحكت من خلاله الكثيرين وربما اعتقدت انها بذلك قد تجذب بعض الاضواء اليها من جديد.
المساطيل عزيزتي فرح بن رجب هم الاشخاص الاغبياء الذين لا يتمتعون بفكر ما او بمنطق ما لتحليل الامور او حسن القيام بها، اما من قاموا بهذا التحدي فهم من خيرة نجومنا وخيرة اعلاميينا وخيرة ممثلينا الذين ارادوا ان يدعموا هذه الحملة التي اكرر انها ليست حملة غربية فقط بل هي حملة تعني كل مريض في الوطن العربي مصاب بهذا المرض الخطير.
حرية التعبير عزيزتي فرح بن رجب تملي علينا ان نحترم رأيك ولكن نرفض الطريقة التي اثرت فيها الموضوع والطريقة في احتقار من قاموا بهذه الحملة.وربما لو قام العرب مرة واحدة بانشاء موقع رسمي وبتنظيم حملة دعم مماثلة بهذا التنظيم وهذه الاحترافية لهدف طبي او انساني ما لكان نجومنا العرب من اول المبادرين والمشاركين فيها وانا واثقة من كلامي لان هؤلاء لم يتوانوا يوما عن دعم القضية العربية المحقة بكل ما اوتوا من امكانات لذا من المعيب وصفهم بالمساطيل ونزع اي صفة انسانية عنهم.
المتعة في اجراء هذا التحدي ليست عيباً، والاستمتاع بها ليس عيباً ايضاً فربما ملّ هذا الوطن العربي من الدراما والاحزان والعنف والدمار وهذه كانت صورة مشرقة ومفرحة وسعيدة لعمل انساني بهذا الحجم. وصورة مشرفة عن الوطن العربي الحضاري المتضامن بعيدا عن صورة الاجرام والارهاب التي التصقت به مؤخرا.
المسطول عزيزتي فرح بن رجب هو الشخص الذي يقبل ان يهين سواه من الناس او الزملاء فقط لأنه لم يشأ او ليس مقتنعاً بهذه الخطوة فحريتك تبقى حريتك ولكن عليك بالمقابل احترام حرية الآخرين والا تتخطي حدودك في التشويش على ما قام به هؤلاء النجوم الذين تحلوا بالجرأة الكافية لكي يدعموا هذه الحملة.
وفي النهاية لا بد من ان نشعر بخيبة امل كبيرة تجاه مجتمعنا حيث يحلل البعض لانفسهم ما يشاؤون ويحرموه على سواهم انطلاقا من مبدأ انهم دائما على حق رافضين الاعتراف بالاخر وتقبّل كل ما يصرح ويقوم به.