رأي خاص- باتريسيا هاشم: اولاد آدم عزَفَ على قيثارة الروح وماغي بو غصن ملكة من شقاء
باتريسيا هاشم- في كل اعمالها تألقت…
ذابت في كل الشخصيات وبحنكة تقمّصت…
لبست عباءة الكوميديا فأبدعت…
وتزينت بالتراجيديا فتميّزت…
تحدّت كل الكاميرات وامامها بثقة وقفت….
لم تعتد الخسارة على الشاشة، هي التي على نفسها تفوّقت…
وفي #اولاد_آدم مرة جديدة نجحت.
نجحت في اثبات انها الممثلة القادمة من رحم النجومية لأنها تؤمن ان النجومية ليست شكلاً انيقاً وجمالاً صارخاً ودلالاً زائداً، انما هي شقاء على الورق يُترجم شقاءاً خلف الكاميرا وامامها.
لم تؤمن يوماً بالنجومية المؤقتة ولم تسعَ اليها…هي التي راكمت النجاحات حتى ارتفعت فوقها ولامست النجوم بثقة وجدارة.
اعتادت ان تبني قصوراً من حرفية ومهنية، فاستحقّت لقب ملكة الشاشة الصغيرة. ولمن اعتاد على ملكات من ورق يعصف بهن أول اخفاق فيقعن ويتراجعن لأن تاجهن مؤقت ووليدة الصدفة، سيتعرّف مع ماغي ابو غصن على ملكة من نوع آخر…. مملكتها الخبرة والتعب واسم نظيف لامع ومحبة جمهور كبير يصفّق لها بعد كل نجاح…. ملكة عادلة، اعطت كل دور حقّه من الاجتهاد ولم تبخل على اي شخصية لعبتها من اعصابها وكيانها ومعاناتها، فمنحتها روحاً طافت فوق كل تحدٍّ جديد، فكسبت الرهان في كل مرة….
في #اولاد_ادم هذا العام، عادت ماغي ابو غصن الى حلبة المنافسة الدرامية بعد شقاء في التصوير المتعثر احياناً والمؤجّل والمتراكم احياناً اخرى بسبب التعبئة العامة التي فرضها فيروس كورونا اللعين. وعلى شاشة mtv الذهبية عُرض المسلسل المنتظر الذي لم يتوقع احد نجوميته في الشهر الفضيل لأن احداً لم يتوقع عظمة ما تجرّأ على كتابته رامي كوسا… هذا الحالِم المتفوّق على خياله الذي رسم شخصيات اقل ما يقال فيها انها خارقة للحواس والفكر والوجدان الانساني.
وجاءت شخصية ديما علم الدين أي ماغي ابو غصن لتكون الدواء لداء الكاتب الذي تورّط في التحقيق بالذات البشرية، ميولها، غرائزها، عبقريتها وضعفها، كينونتها ونزواتها… حتى انه غاص في كل ابعادها النفسية متجاوزاً الخطوط الحمراء التي وضعها في السابق بعض المتخلفين في الدراما العربية. ولعله لم يكن يتوقّع ان تلامس خطوطه الشقيّة، خيوط عنكبوت الحياة المتربص بروح المشاهدين المعذبة جراء كل تجاوزات الانسانية، فلامس ارواحهم وفكرهم واوجاعهم ولا وعيهم….
مسلسل اولاد آدم ليس مسلسلاً عادياً، لا بالشكل ولا بالمضمون ولا بأداء كل الممثلين المشاركين فيه، من الأقدمهم شهرة الى الأقلهم خبرة… وكانت ماغي ابو غصن المحرّك لكل الادوار التي رسمها بدهاء وفلسفة رامي كوسا، فدار حولها كل شيء في بداية المسلسل ليصل اليها كل شيء في نهايته ولتختصر هي صراعاً بين الخير والشر، فتختار بمرارة بين محاربة الذات او محاربة الفساد. صراع انساني واجتماعي ووطني عاشته ديما علم الدين التي احترقت على طفل بريء في احشائها وحرقت طفلاً بريئاً في طريقها الى الامومة…
انتهى مسلسل اولاد آدم….
يعود الممثلون بعد غدٍ الى حقيقتهم ويعود المخرج المبدع والقدير الليث حجو الى تقييم عمل لن يمر مرور الكرام على فهرس الابداعات الرمضانية وسيعود رامي كوسا الى ورقه ليرسم شخصيات جديدة وسيعود جمال سنان صاحب الشركة المنتجة “ايغل فيلمز” الى القمة التي اختار الاّ يفارقها ولكن ديما علم الدين ستبقى في ارشيف ذاكرتنا ولن ترحل الى اي مكان كذلك غسان وسعد ومايا….شخصيات سترفض الذاكرة ان تتخطاها او تنساها لفترة من الزمن، لتُسكِن فيها شخصيات جديدة… وسيراوح هؤلاء مكانهم على ألسِنة جمهور عريض تفاعل مع هذه الشخصيات واستمتع بمرافقتها خلال ثلاثين يوماً.