قراءات في سوريالية غاندي بو دياب، في الشعر والرسم والنحت
بدعوة من بلدية مدينة الشويفات، أقامت اللجنة الثقافية الرياضية الإجتماعية ندوة حول ” السوريالية في أعمال الفنان غاندي بو ذياب بالرسم والنحت والقصيدة ” في قاعة مكتبة الأمير شكيب أرسلان الدولية، حضرها وزير المهجرين الأمير طلال أرسلان ممثلاً بمنير الريشاني ووزير التربية مروان حمادة ممثلاً بنجله كريم حمادة ومدير المخابرات العميد انطوان منصور ممثلاً بالعقيد يوسف نجم واللواء وليد سلمان ورئيس بلدية مدينة الشويفات زياد حيدر ممثلاً بحسان أبي فرج والأمير عادل ارسلان والدكتورة منال عبد الصمد والأستاذ الجامعي مارك ضو وعضو الحزب التقدمي الإشتراكي خالد صعب وعضو المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز ناجي صعب ورئيس لجنة الأشغال في البلدية هشام الريشاني وقيادات أمنية وحزبية وهيئات ثقافية وأندية شبابية وجمعيات أهلية ورؤساء بلديات ومخاتير
استهلت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني وتلاوة برقية من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي نوّه فيها بالقيّمين على اللجنة الثقافية الإجتماعية الرياضية في بلدية مدينة الشويفات مثمناً عالياً كل جهد تبذله لتعزيز الثقافة والفن وتقديره لتكريم رئيس جمعية كهف الفنون الفنان غاندي بو ذياب
وكانت كلمات لكل من الرئيس السابق لصندوق المهجرين المهندس الدكتور شادي مسعد والفنان التشكيلي والأستاذ الجامعي الدكتور حسن جوني وكاهن رعية الشويفات للروم الأورثوذكس الأب الياس كرم ورئيسة مجلس الفكر الدكتورة كلوديا شمعون أبي نادر والناقد الفني الإعلامي الدكتور جمال فياض وعضو المكتب الثقافي في بلدية الشويفات هيثم عربيد الذين قدمتهم الصحافية رندة الحرفوش وتغيّب عن المتكلمين أمين عام مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ الدكتور سامي أبي المنى بسبب العاصفة الثلجية وانقطاع الطرقات،
وجاء في كلمتة الذي أرسلها عبر الهاتف أن في المكتبة الرمز، وفي المدينة النموذج يُكَرّم ابن الجاهلية الفنان الرمز والنموذج غاندي بو ذياب، أحد ابناء هذه السلالة المعروفية العربية المناضلة وتلك الأسرة الوطنية اللبنانية المتماسكة الذين تجاوزوا المِحن والفِتن ونسجوا من خيوطها الحمر ثوب فرح وإبداع ووطنية، وإذا كان فن غاندي يتميز بالسوريالية ، فهذا ليس بالعيب او الغريب، بل هذا ما يضفي عليه المزيد من التألق والتميز، غاندي لم يخرج عن المألوف ولم يطلق فنه احتجاجاً على الواقع والتراث ولم يُهلوس مثل الكثيرين من السورياليين، لكنه بقي متجذراً في واقعيته وأصالته معبراً عنها بذكاء وشغف ولم يعتمد خداع أهله ومتذوقي فنّه ولم يتخلّ يوماً عن حقيقة انتمائه
وقد رأى الدكتور مسعد في كلمته حول أعمال غاندي بو ذياب أنه حان الوقت لكي نبذل قليلاً في ثقافة التعاطي مع الفن والثقافة والإبداع، حان الوقت لكي ننسى ثقافة الاهمال والتغاضي عن الإنجازات الفكرية والإنجرار وراء المصالح، وحان الوقت لنقول شكراً غاندي بو ذياب وأمثاله من المثقفين الرواد. فهؤلاء يصنعون لبنان المميز، الذي نفاخر به ونعتز، ومن أجله نحيا ونعمل ونجاهد ونستشهد. غاندي مبدع آخر يسجّل اسمه على لائحة الشرف في فضاء الإنجازات،
واعتبرت الأديبة أبي نادر أن بو ذياب ليس ككل البشر، يتنفّس الحياة ابتكاراً ويرى الناس والأشياء بعين مخرِّبة، وهو كملهمٍ سوريالي يستلد الجمال من رحم القشعريرة المُصغِية لما يتخطى الحواس، غاندي بو ذياب مُحْتَرِفٌ في لُعبةِ التَّحَوُّل الذي يبدو شَكْلياً ومُصطنعاً، لكأنَه يهوى إبْليسيّةَ اللَّعبِ على الكلام! إلاّ أنّه يُغَرِّرُ بالقوالبِ الكلاسيكيّةِ المَمْجُوجة لِيخْلُقَ أكواناً بِكْراً تَسْحَرُ العقلَ المسكونَ باللاّوعي الخلاّق.
وقال الأب كرم أن الإرادة الإلهية شاءت أن يتزامن هذا التكريم ودون سابق تصور وتصميم مع تعييد الكنيسة في هذه الليلة لمؤسس الرهبنة المسيحية القديس أنطونيوس الكبير الذي ترك مجد العالم واقتحم الصحراء وحولها الى واحة للقديسين، في حين أن غاندي بو ذياب حول كهوف وأقبية الأرض إلى متحف من نوع آخر وجعل الحجارة تنطق بما عانته من العهد العثماني لتغدو منارة فنية تراثية لبنانية شارفت على الإندثار
ولفت الإعلامي فياض إلى ان غاندي بو ذياب لم يكن يوماً إلا شاعراً ورساماً ونحاتاً وإنساناً فيه الكثير من السحر، وبأن غاندي أصعب من أن ننظر إليه بسطحية وتعبير جميل. هذا الفنان الشامل أصعب من أن نفهمه من قصيدة أو لوحة أو منحوتة، وسنحتاج لكثير من الوقت لنفهم عمق الشاعر الذي يكنز التعابير ولا يسرف، ودلائل الرسام، ولا يُفصح، وروح الصخرة المنحوتة، ولا يُخرجها منها.
وأكد الفنان جوني على أن الفنان غاندي بو ذياب رسام ونحات وشاعر أراد أن يحتفظ بحنينه من خلال ما رسمه من التقاليد والعادات القروية بواقعية إلى جانب الشعر بالمحكية اللبنانية في غاية الشعور التعبيري الخاص به، ما جعله يستحق التكريم الذي أقيم له.
وشدد عربيد في كلمته أن بو ذياب عابرٌ ومتألِّقٌ بكلِّ هذا البُعدِ الوجدانيِّ الخلّاقِ، لأنَّهُ يمنعُ ضبابَ الحيرةِ والإلتباسِ، ويكتبُ وحيَ الحبِّ المتعقلنِ، ليُحْي حلاوةَ الأيّامَ الآتيةِ بوجدانيَّةِ المحبَّةِ، كي ينظِّمَ ما تنثرٌهُ الحياةُ، وينثرُ ما نظَّمَتْهُ، بروحٍ من لولبةِ ودندنةِ لغةِ الأقوى والأمضى في عبقِ الحقِّ الإبداعيِّ، والإبداعِ الحقيقيِّ.
كما حيّا رئيس جمعية كهف الفنون الفنان غاندي بوذياب رئيس وأعضاء بلدية مدينة الشويفات على التكريم الذي اقامته خصيصاً له، شاكراً الحضور والمحبين الذين قدموا من مناطق بعيدة متحدّين العاصفة الثلجية والذي غصت بهم قاعة الإحتفال
وقال بوذياب: الفنُ كالوقتِ، يأسُرُنا ولا نأسُرُه، مِنطادٌ يحلِّقُ بِنا في فضاءِ الفكرِ والثقافةِ والخيالِ والإبداع، سُرياليةٌ تهدُمُ لتبني في آن..
وبِما أننا توَّاقونَ إلى تدويرِ زوايا القهرِ وتجميلِها في زمنِ التبعيةِ والعنفِ والإنهيار،
وبِما أننا عَمِلنا على وضعِ بصمةٍ فنيةٍ صغيرة، وسنعمَلُ سوِياً في كهفِ الفنونِ على استكمالِ إنشاءِ واحةٍ ثقافيةٍ تراثيةٍ سياحيةٍ بيئيةٍ هامة، تساهمُ في بناءِ الوطنِ الآتيِ، وفي رفعِ إسمِ لبنان ولو بسُرياليةٍ خاصةٍ بِنا، كي نَفرَّ منَ الظلمةِ إلى النور .. ومنَ الموتِ إلى الحياة.نُكرّرُ أننا ما زِلنا حتى اليوم، نخدُشُ العتمَةَ لنُخرِجَ النور .. وننبُشُ الصخورَ لنستَرِقَ الحقيقة، على كلِ حال .. ورغمَ كلِ الصعوباتِ والتحدياتِ والعوائقِ والمخاطرِ في هذه الحياة العابرة .. لا شيءَ مستحيل .. الحلُمُ تحَقَّق .
بعدها قدمت بلدية مدينة الشويفات دروعاً تقديرية للفنان بو ذياب وللمتكلمين، كما قدّم بو ذياب درع شكرٍ وتقدير للبلدية. واختتمت الندوة بعرض فيلم وثائقي قصير عن كهف الفنون ومراحل إنجازه وحفل كوكتيل على شرف الحاضرين.