رأي خاص – بين محطة ضاقت عليها وأخرى لم تشرّع لها الابواب بعد، ناديا بساط ورقة اعلامية رابحة في زمن الاوراق المحروقة
ناديا بساط اسم لموهبة اعلامية من الطراز الرفيع، في حضرتها تعيش عِزّ الاعلام اللبناني فهي اعلامية بدرجة امتياز لما تتمتّع به هذه المرأة الخارقة من ثقافة وسرعة بديهة ولياقة وذكاء ودهاء وسياسة ورقي واحترام للمشاهد، لتكاد تكون مجموعة من الاعلاميات المحترفات في شخصية فريدة واحدة.
تستمع اليها فتجد نفسك مدمناً على حضورها القوي والاستثنائي على الشاشة ، فهي تحاور دون ان تكابر ودون ان تتذاكى على ضيوفها، وتتنقل بين افكارها بسلاسة عازف البيانو المحترف، فلا تمّل برفقتها ولا تتذمّر، فأفكارها أشبه بالنوتات الموسيقية ،سلسة ومتجانسة، فلا نشاز ولا نوتات في غير مكانها …
ناديا بساط في برنامجها الصباحي “mtv alive” وبالإذن منها أستطيع تشبيهها اليوم بالمارد الذي يجبروه على الاختباء في وكر للنمل تحسباً لسقوط الامطار الغزيرة ، مع ان النمل يُشهد له بمثابرته واجتهاده وتصميمه وعناده لانجاز ما يريد، ويتقن فعل التخطيط للغد بذكاء، الاّ ان المارد يستحيل ان يكون مكانه بينها، فهو مارد في نهاية المطاف ، لا تساعه هذه الاوكار لانها صغيرة عليه وهكذا هي موهبة ناديا بساط ، موهبة ماردة لا تكفيها أماكن قزمة ولا احاديث وحوارات عادية يمكن إسنادها لأي كان، بل هي تحتاج الى سماوات حوارية لتتمكن من بسط جناحيها والتحليق عالياً ، وهي اثبتت وفي اكثر من مناسبة انها حصان رابح ان في المحطة التي ضاقت عليها أي محطة “المستقبل” او المحطة التي انتقلت اليها والتي لم تقتح لها النوافذ بعد لتحلّق عالياً اي محطة “ام تي في”. وبين المحطتين موهبة استثنائية تُهدر سدى كل يوم دون الاستفادة منها.
ولا نستبعد ان تأخذ هذه الاعلامية الفذّة اي برنامج تقدّمه ويُخصص لها، الى اماكن “غريبة عجيبة” لا تشبه اي مكان سبقتها اليه أي من زميلاتها، فلناديا بساط اسلوب مصبوغ بشغفها، وملوّن بألوان ابداعها، محاك بثقافتها ومحفور بذكاء لا يتكرّر .
ونحن نطالب الاعلام اللبناني عامة ومحطة (ام تي في) خاصة ان تشرّع لها الابواب لانها ورقة اعلامية رابحة في زمن الاوراق المحروقة وهي ستكون –وانا اجزم هنا- بوابة العبور الى الاعلام الجديد الراقي بعدما مرّ الوسط الاعلامي بمخاض عسير وقاتم وبمرحلة سوداوية وبانحطاط مأساوي، نتمنى ان تساهم ناديا بساط وسواها من كبار الاعلاميات اللبنانيات -وهن اصبحن نادرات اليوم- بقلب هذه الصفحة السوداء من تاريخنا الاعلامي والارتقاء بالاعلام الى مستويات التميّز والابداع.