رأي خاص- الدراما الخليجية خارج الطوق
لطالما طوقت الغربة الدراما الخليجية عن المجتمع الخليجي، فكانت تخرج تارة من مجتمع لا يشبهها وتارة من مجتمع يظلم واقع الخليجيين كثيرا برغم كل الضخامة التي كانت تُقدم بها تلك الدراما، حيث كان ينطبق عليها المثل القائل (جوع من بعد شبع) هي التي أخذها روادها في الثمانينات إلى أرقى وأكثر المراكز تميزاً وبساطة في آن معاً.
كنا نتهم صناع الدراما في السنوات الأخيرة بالعمل عليها عن طريق الاقتراض، حيث هبطت إلى المراكز الأخيرة بسبب أن القصص لم تكن تخرج من قلب الشارع الخليجي، ومن شدة غربتها كانت تبدو وكأنها كُتبت كأفكار دون أن يكون هناك سيناريوهات أو مسار واضح للأحداث فيرتجل صناع المسلسلات الدرامية الخليجية في أحداثها ونهاياتها بعد أن يكونوا قد بداوا في تجسيد أفكارهم المبدئية أمام الكاميرات ومع فريق عمل متكامل.
هذا العام تتألق الدراما الخليجية في غالبية ما تم طرحه من أعمال، فتبدلت الأفكار وأصبح هناك توجه جديد وفكر مُغاير، والنضج بدا جليا في اختيارات النجوم الشباب، واصبح للدراما الخليجية لون وطعم مختلفين برغم أن هذا التغيير ليس بنسبة مئة بالمائة ولكن فلنقل أن نسبة خمسين في المئة كبداية وفي موسم واحد تعتبر نسبة عالية تنبئ بأن هذه الدراما ستقفز قفزات سريعة وستلحق مثيلتيها المصرية والسورية في وقت وجيز.
أكثر ما حقق للدراما الخليجية هذا الموسم هذا القدر من النجاح هي روح الماضي في عدد من الأعمال التي أخرجت المسلسلات من التكلف الذي انغمست فيه خلال السنوات الأخيرة فانصرفوا من التركيز على الشكل إلى التركيز على المضمون و الأداء، و لم يعد التنافس بين الدراما الخليجية وبين انواع الدراما الأخرى قائم على الرفاهية و الترف بل أصبح التنافس على تجسيد التاريخ والفكر والأدب كما كان من المفترض به أن يكون منذ سنوات.
وبرغم أن حقبة زمنية تاريخية واحدة غلبت على طابع تلك الأعمال إلا أن الواقع كان حاضراً أيضا وقد تم تجسيده في عدد منها وهذا يعد بمستقبل درامي مهم.
وبالتأكيد تبقى بعض الأعمال المترامية بين عدد من القنوات التي تستقطب الجمهور اعتماداً على نفس عوامل الجذب السابقة الشكلية في غالبيتها، ولكن وجودها صحي جدًا كما هي موجودة في كافة أجناس الدراما الأخرى لأن السيء يجعلنا نستشعر بما حققناه من جودة، فهنيئاً للدراما الخليجية انطلاقتها الجديدة وهنيئاً لصناعها الذين استطاعوا أن يكسروا الطوق.