رأي خاص- على اللبنانيين مقاطعة المهرجانات الصيفيّة اللبنانية التي تقاطع بدورها النجوم اللبنانيين … خلصنا بقا
لم ننسى بعد التصريح الشهير لوزير الثقافة التونسي مهدي مبروك حول مهرجان قرطاج الدولي حيث شدّد الوزيرعلى عدم دعوة بعض النجوم العرب “ولو على جثّته” انطلاقاً من مبدأ اعلاء مستوى المهرجان والحفاظ على “رهبته”.
ومن بين هذه الاسماء النجوم اللبنانيين فضل شاكر واليسا ونانسي عجرم والمصريين تامر حسني وشيرين عبد الوهاب وغيرهم من النجوم العرب ولن ندخل اليوم بالعاصفة التي احدثها هذا التصريح لان الوزير عاد وأوضح وجهة نظره بعد ضغط اعلامي ونقابي وشعبي لبناني كبير ،مؤكّداً حرصه على افضل العلاقات مع نقابة الفنانين اللبنانيين والفنانين انفسهم ومثنياً على فنّهم وشارحاً ان ما قاله يندرج تحت خانة المحافظة على مستوى مهرجان “قرطاج” واستعادة رونقه وهالته وتميّزه بين مهرجانات الوطن العربي بعدما كانت تعّمه الفوضى ايام حكم النظام السابق.
مع ان الوزير تراجع نوعاً ما عمّا صرّح به عن نجومنا اللبنانيين، الا ان سؤاله لي خلال مناظرة معه عبر اذاعة Mosaique التونسية لا يزال يتفاعل في رأسي وما زلت اشعر بالغضب والخيبة لاني لم اتمكّن من الاجابة بمنطق وبثقة عليه حين سألني ” لماذا نحن مضطرون في قرطاج لإستضافة نجومكم اللبنانيين في حين لا تستضيفهم اهّم مهرجاناتكم اللبنانية؟”
بصراحة أي جواب على سؤال الوزير كان سيبدو سخيفاً لأنه محّق بالفعل فـ”شو إلنا على قرطاج اذا بيت الدين وبعلبك وبيبلوس و جونية وغيرها مش شايفين نجومنا اللبنانيين؟؟” باستثناء طبعاً بعض المشاركات اللبنانية الخجولة كل عام في هذه المهرجانات الدولية او في مهرجانات مناطقية .
و أخيراً “فشّلي خلقي” وزير السياحة الحالي فادي عبّود الذي صرّح انه ابتداءً من العام المقبل لن يدعم أي مهرجان لبناني اذا لم يكن هنالك مشاركة لبنانية في برنامجه وربما غمز الوزير في كلامه الى مهرجانات بيبلوس الدولية لانها لم تخصص هذا العام اي ليلة لبنانية في برنامجها بعكس العام الماضي حيث استضافت مسرحية “دونكيشوت” للرحابنة وقبلها التريو الفني المتميز وديع الصافي، نجوى كرم ووائل كفوري وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي حضره لاطلاق المهرجان.
ومهرجانات جبيل ليست الوحيدة التي استبعدت النجوم اللبنانيين او اي عروض او اعمال فنيّة لبنانية، فمهرجانات بيت الدين كانت اكثر تشدّداً هذا العام والغت اي برنامج لبناني من جدول سهراتها ، وهي أصلاً ليست من محبّي او محبّذي دعم النجوم اللبنانيين بل “بتشط ريلتها” على النجوم العالميين والعرب، فالنجم العراقي الكبير كاظم الساهر مثلاً أخذ مهرجانات بيت الدين “مقاطعة” اي انه كان مشاركاً دائماً فيها طبعاً باستثناء بعض الحفلات التكريمية لكبار نجومنا بين العام والآخر ، اما مهرجانات بعلبك فبالاضافة الى كبار نجوم الوطن العربي تستضيف المسرح اللبناني احياناً واحياناً أخرى فرقة كركلا ولكنها بالتأكيد لا “تعبّر” النجوم اللبنانيين ولا تقوم بمجهود فنّي ما لجمعهم في ليلة لبنانية واحدة . اما مهرجان جونية الذي استضاف العام الماضي الكبيرة ماجدة الرومي في ليلة من الف ليلة ، تبّرأ هذا العام من النجوم اللبنانيين ايضاً ، فكانت لمهرجانات البترون الدولية حصّة الاسد اذ تستضيف هذا الصيف الماجدة التي ستحّل ضيفة عزيزة على الجمهور الشمالي ، اما مهرجانات ذوق مكايل فلعلّها الاكرم دائماً في دعم نجومنا اللبنانيين .
“يسلم تمّك” معالي الوزير ونتمنى ان يتحوّل ما صرّحت به الى قانون يجبر القيمين على هذه المهرجانات بتكريم النجوم اللبنانيين مداورة كل عام وتعريف السواح الاجانب والعرب عليهم وجعلهم قبلة الاعلام الاجنبي والعربي الذي يقوم بتغطية هذه المهرجانات اللبنانية الدولية وتدليلهم واعطائهم حقهم المعنوي فان لم تكّرم الدولة اللبنانية أبناءها النجوم الذين يشرّفونها في اي بلد يزورونه والذين يحصدون الجوائز العربية والعالمية ويرفعون راية لبنان، فمن يا ترى يكّرمهم؟ أو ننتظر الوزير مبروك ليفعل ؟
عيب على أمّة تكّرم الغرباء ولا تكّرم ابناءها وعيب على مهرجانات تستميت لاستقطاب نجوم العالم الذين تنفق اموالها عليهم ونجومها يسافرون الى “آخر ما عمّر الله” لاحياء حفلات هنا وهناك .
نحن نعلم ان لبنان تحوّل مؤخّراً الى وجهة سياحية فنّية اذ استطاعت مهرجانات الصيف ان تجذب متذوقي الفن والموسيقى من جميع انحاء العالم ولكن هذا لا يمنع ان نلتفت الى نجومنا على غرار باقي الدول العربية التي تكّرم نجومها أولاً قبل ان تكّرم النجوم الآخرين والا فلا تتغنوا بوطنيتكم او تدّعون الانتماء الى هذا الوطن الذي تتبّرئون منه عندما تبدأون في عدّ الاوراق الخضراء .
ليست المشكلة في استضافة النجوم اللبنانيين في مهرجانات بلدهم لبنان ، فهم “فيها وبلاها اسماءالله منورين وناجحين” انما المشكلة في عقول اللبنانيين منظمي هذه المهرجانات والقيمين عليها وفي عقول المسؤولين الذين لا يعون مدى الاساءة التي يلحقوها بنجومنا والوزير مبروك كان اول المُتّهمين فبأية حجة تريدوننا ان ندافع ، فشكرا من جديد وزير السياحة فادي عبود الذي رفع العصا في وجه مافيات المهرجانات ونتمنى ان يتمتّع اللبنانيون بحدّ ادنى من الوطنية فيقاطعون المهرجانات التي استبعدت النجوم اللبنانيين الذين يشرّفونها ويشرّفون “اللي اكبر منها” …