رأي خاص- أغنية (بيروت) غلطة من؟ مارسيل مدوّر او عاصي الحلّاني؟
لم تأت أغنية “بيروت” الجديدة لفارس الغناء العربي عاصي الحلاني على مستوى أوجاع و هموم وآلام وانكسارات وخيبات بيروت. ولو اننا في موقع “بصراحة” من الحزب الحلّاني ومن مناصري اللون الغنائي الذي يغنّيه عاصي، الاّ اننا لم نقتنع باغنية “بيروت”، لا بكلماتها ولا بلحنها ولا بتوزيعها ولا بصورتها ولا بأداء عاصي نفسه، فجاءت كمن يغنّي إما بالاكراه او “رفع عتب”، فلم يكن الاداء “فظيعاً” ولا “مثاليا” وبعيداً عن العنفوان وصرخات العزّة التي اعتدنا عليها في الاغنيات الوطنية، فلم يتوافق اللحن والتوزيع “النيّئين” بمدينة عنيدة كبيروت، بمدينة تنزف كل يوم وتستميت وتصارع كل يوم للبقاء، وبدا عاصي وكأنّه يغنيّ مرغماً على الغناء لمدينة الحدث وكل الاحداث بيروت او كأنه يغّني “باب عم يبكي” بنفس الشجن ونفس الانكسار والالم، الا ان ذلك الاداء لا ينفع في الغناء الوطني او “الثورجي” و لا حتّى في رثاء مدينة او شخص عزيزين، ففقدت الاغنية هويتها ولم نعلم ان كان يبكي بيروت او كان يعتذر منها او يواسيها او ان كان يحرّضها على التحدّي و الصمود، الا اننا سمعنا اغنية دراما تبعث على اليأس والاستسلام، لا الامل والصمود وجاءت الاغنية كما لم يشتهِ عاصي .
والبكاء على الاطلال لا يليق بهذه المرحلة الصعبة، وان كان عاصي او مارسيل مدوّر يريدان ان يبكيا بيروت ويعتذران منها فاعتقد ان الوقت غير مناسب. فبيروت بحاجة الى استعادة دورها الريادي وهي بحاجة الى اغنيات تذكّرها بكبرها وبعظمتها و بعنفوانها، لا نعيها اوالشفقة عليها وبكائها، لذا لطالما كانت الاغنيات التي غنّاها كبار الفنانين لبيروت اغنيات محرّضة على التغلّب على المآسي و محرّضة على الصمود وعدم الاستسلام ولعّل الاغنية الاقوى التي لن تموت ابداً وهي حيّة ترزق اغنية الماجدة “يا بيروت” حيث حثّ الكبير الراحل نزار قباني بيروت على التغلّب على احزانها وعلى انكساراتها ومآسيها فقال لها “قومي من تحت الردم …ان الثورة تولد من رحم الاحزان” فخلق من الضعف قوّة ومن المأساة أمل وهذا دور الشاعر الذي يستثمر الاحداث الحزينة والفاشلة والصعبة ليخلق من المعاناة افراحاً وتحدّيات و أمل .
لا شك في ان اغنية “بيروت” لن يكتب لها الصمود في وجه البروتيين والشعب اللبناني فنحن شعب جبّار يحب الحياة مهما عصف به الموت والدمار ويبروت كطائر الفينيق متمّردة قويّة لا تستسلم ولا تهزم. وكان الاجدى بعاصي ان يغني الوحدة الوطنية ويحثّ الشعب اللبناني عامة والبيروتي خاصة على لمّ الشمل والاتحاد لأن في الاتحاد قوّة، لا البكاء والنحيب والاعتذار فكل هذه الدراما لا تجدي نفعاً في بلد أهلكته الاحزان واطياف الشهداء ورائحة البارود.
“قلّن انّك لبناني” للنجم عاصي الحلاني شكّلت طاقة امل لكل اللبنانيين ومتنفسّاً لكل خيبات الامل وجعلت اللبناني يفخر بنفسه وبوطنه ، مدّته هذه الاغنية بالطاقة والعزّة والجرأة والوطنية والوفاء فكان واثقاً بنفسه ابيّاً، وقف كالمارد يقول لهم انه لبناني ، فكانت هذه الاغنية بمثابة نشيد وطني ثان لللبنانيين المقيمين والمهاجرين. وكنا نتمنى ان يستكمل عاصي مهمّته الوطنية بأغنية (ملحق) للاولى، فيدعو الى وحدة وطنية و الى المحبة بين الاخوة ، الى وقف الشجار و الدمار، الى أي شيء… ولكن ليس البكاء والنحيب اللذين تجلّيا في العمل المصوّر الذي زاد الطين بلّة …فجاءت أغنية “بيروت” دون المستوى الحلّاني المعتاد ولم يتلقّفها الجمهور بفرح ولا برضا للأسف.
نذكر ان الأغنية من كلمات مارسيل مدور، ومن الحان عاصي الحلاني، ومن توزيع داني حلو، ومن اخراج عادل سرحان.
شاهدوا الاغنية