رأي خاص- عندما حاولت الفنانة أصالة التذاكى على السعوديين هكذا كانت ردة فعلهم
ربما هو سوء الطالع أو شيء يشبهه ما جاء بأصالة كل تلك الكيلومترات إلى جدة حتى تلقى هجوماً يشبه ذاك الذي ما زال يُشن عليها حتى اللحظة بسبب (كثرة الكلام)!!
فقد زارت أصالة مدينة جدة في المملكة العربية السعودية منذ عدة أسابيع بعد أن اختارتها شركة (femi 9) لتكون الوجه الذي ستنطلق معه حملة (شهر تقدير المرأة)، وعقدت مؤتمراً صحفياً على هامش إطلاق الحملة واجتمعت فيه مع عدد كبير من الأوجه الصحفية السعودية لعدد من الوسائل الإعلامية الزميلة.
أصالة التي تحولت مؤخراً إلى مادة دسمة تثير شهية كافة الوسائل الإعلامية بسبب موقفها من النظام السوري وتصريحاتها المؤيدة للثورة السورية حيث انقسم محبيها بين مؤيد ومعارض، ها هي اليوم تواجه هجوماً جديداً والسبب أنها لم تحسب جيداً عواقب كثرة الكلام التي لطالما نكتب أنها أكبر خطر قد يواجهه أي فنان.
فبعد أحلام، فضل شاكر، وغيرهما الكثيرين ها هي أصالة تتأرجح على منحنى جماهيريتها حيث يقف جمهورها تحتها بعضهم يود التقاطها وحمايتها بقوة والبعض الآخر أصبح يفكر جدياً في التخلي عنها!
وعلى الرغم من مواقفها السياسية الجريئة، لطالما كانت تغلفها إنسانيتها العالية رغم تحفظي شخصياً على عدد من تلك المواقف إلا أنها لم تفهم لغاية اليوم أنها فنانة ليس مطلوب منها رأيها السياسي الشخصي، بل المطلوب بكل بساطة هو رأيها الوطني، وكذلك الحال مع الفن، ليس المطلوب منها سوى أن تكون فنانة في كل شيء، فتعرف كيف تغني وكيف تطلق أحاسيسها وأحاسيس كل من يستمع إليها وكيف تعبر عن الجميع من خلال أغنياتها بدلاً من كثرة الكلام هنا وهناك دون أي جدوى!
في السعودية الأمر اختلف معها فعنوان (الغضب) منها وعلى زيارتها السريعة التي منذ بدأت وحتى انتهت لم تسر على ما يرام، بدءً بالحملة التي لم تكن أصالة مناسبة لها أو لإطلاقها بأي شكل من الأشكال، مروراً بالمؤتمر الصحفي الذي عقدته فكانت باردة و بنت جليداً بينها وبين الصحفيين الذين أزعجهم (مزاجها) واستغلالها لإسم المرأة السعودية في حملة تجارية بحتة، وانتهاءً بانتقاصها من إذاعة (مكس) على الهواء دون أن تعير للمستمع السعودي الذي يتابع هذه المحطة (الثانية على مستوى السعودية من ناحية المتابعة) أي تقدير بسبب البريستيج والبريستيج فقط!
ولنبدأ بالحملة التي كتب عنها الكثيرين فهاجموا (femi 9) على اختيار أصالة من بين كافة الفنانات العربيات كوجه لإطلاق الحملة التي تخص المرأة وهي الأقل معرفةً بالمرأة السعودية كما وصفها الزميل الكاتب خلدون السعيدان عبر صحيفة (الرياض)، والسبب الأول في رأيي لرفض هذا الاختيار هو أن هناك عشرات الفنانات ممن يحظين بجماهيرية عالية في السعودية مع معرفة نساءها عن قرب ليس من خلال حفلات الزفاف وأعياد الميلاد كما هو الحال مع أصالة بل من خلال الزيارات الدائمة للسعودية وارتباطهن بعلاقات جدية مع عدد من نساءها البسيطات وليس فقط سيدات الأعمال أو سليلات الطبقة الراقية.
ويبدو أن أصالة فهمت جيداً أنها اختيار لن يحظى بموافقة الكثير من السعوديين ولذلك كانت (باردة) كما وصفوها خلال المؤتمر، ربما لأنها شعرت بأنها مفروضة عليهم وليست اختياراً (على هواهم) كما كان يُفترض بها أن تكون، ولكن للتجارة حسابات أخرى!
وعندما اعتقدت أنها يجب أن تكسر هذا الحاجز بينها وبينهم عادت و(تذاكت) عليهم خلال المؤتمر الصحفي، حيث سبق المؤتمر حملة إعلانية ضخمة عنه فتصدرت عناوينه الصحف السعودية وكُتب بالخط العريض (أصالة.. أول فنانة عربية تقيم مؤتمراً صحفياً في جدة)! مع أنها ليست المرة الأولى التي تقيم فيها فنانة عربية مؤتمراً صحفياً في جدة وهو ما دعا الجميع لتسجيل موقفاً من تضخيم الأمر بالطريقة التي ألغت كافة مجهودات زميلاتها الفنانات اللواتي سبقنها بإطلاق مشاريع أخرى من جدة المعروف أنها قد أصبحت العاصمة الفنية السعودية الأولى وقطعت أشواطاً طويلة بعدد من الإنجازات التي تبشر بمستقبل فني هنا في السعودية منافس للعواصم الفنية العربية الأخرى ولو على صعيد أكثر تحفظاً. وربما ولأنها صدقت ما قيل عن مؤتمرها الصحفي رغم أنه لم يكن صحيحاً زادت ثقة أصالة بنفسها ودخلت المؤتمر كأنها تقول (يا أرض انهدي ما عليكي قدي) وتحدثت و كأن الجميع كان ينتظر منها أن تقول كل شيء فخانها ذكاءها واختارت أكثر المناطق حساسية منطقة المرأة السعودية فعبّرت عن إعجابها بها وكأنها تعرفها هي التي لم تعرفها سوى من خلال حفلات الزفاف وأعياد الميلاد الفارهة والخيالية والتي لا تعبر النساء فيها عن النموذج البسيط المتواضع والحقيقي للمرأة السعودية بإنجازاتها فتنبأت لها بمستقبل أكثر نجاحاً كأنها تعرفها وتعرف تفاصيل حياتها ومعاناتها مع مجتمعها الذي كان يكره لها النجاح فثابرت، اجتهدت وخسرت الكثير من راحتها لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم.
وبالرغم من أنها كانت (حركة مش ولا بد) من أصالة التي (أكثرت في الكلام) إلا أنني لم أتوقع أن يصل الأمر ببعض الزملاء حد (شخصنة) الموضوع بهذه الطريقة وانتقاد أصالة في العلن وزج موضوع المرأة السورية المغلوب على أمرها وضرورة انشغال أصالة بها ترك المرأة السعودية (في حالها) بمجرد أن استفزتهم بكلامها عن أختهم السعودية التي يعرفون حجم معاناتها لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم.
فأصالة التي (أكثرت في الكلام) وأخطأت ليست المُلامة الأولى لأنها فنانة ليس المطلوب منها أن تتكلم بل أن تغني، ولكن المُلام هو من أعطاها فرصة التحدث عن امرأة لا تعرفها واختارها لتمثلها وتطلق حملة تخصها.
نعم أصالة لم تكن موفقة في جدة، ونعم أصالة لم تعرف كيف تنجح في التذاكي على السعوديين والسعوديات، ولكن لا يمكننا أن نصفق لمن هاجمها بهذه الطريقة لأن الأمر لم يكن يستحق أكثر من أن تُطوى صفحته سريعاً دون أي ملام .. فإن كانت هي أخطأت فهناك من دعمها وفرش لها الأرض أماناً حتى تتكلم و كأنها تعرف كل شيء و هو من يستحق الملام.