خاص- شعوبنا تأكل من الحاويات وتعيش في المدافن وهم يطالبوننا بالتبرّع لضحايا تسونامي اليابان… عجباً
فاجأتنا احدى الدعوات التي وصلتنا مؤخرا، والتي تعلن عن اقامة حفل ضخم في فندق الفينيسا في بيروت سيحييه عدد كبير من النّجوم أمثالنوال الزغبي، وفيه يتمّ تشجيعنا، وبالتالي تشجيع النّاس، على شراء بطاقات هذا الحفل، وذلك لأنّ ريعه سيعود لضحايا زلزال “تسونامي” في اليابان!!
قبل ان نخوض في “عورات” الموضوع، نودّ أنّ نؤكّد أنّنا مع الوقوف الى جانب أهل اليابان الذين ألمّت بهم مصيبة كبرى، كما أنّنا نعلم كم يعانون جرّاء هذه الحادثة البيئيّة، ولكن…
نحن دول العالم الثالث، أي الدول التي ترزح تحت سياط الفقر والحاجة والعوز. وبالتالي، ما تشهده شعوبنا، يوميّا، أقسى بكثير مما تشهده اليابان وشعبها اليوم.
لذلك، نتساءل ونتوجّه للقيّمين على الحفل الانسانيّ الجليل، الم يكن أجدر بكم أن تنظّموا هكذا حفل- بهذه الضخامة- لجمع التبرّعات والمساعدات لانقاذ ودعم ومساندة شعوبنا العربية وتحسين ظروف حياتها و التخفيف عن 80% من الشعب اللبنانيّ، و90% من الشعب العربيّ؟
الم يكن من الأفضل أن يجمع المسؤولون عن الحفل، أهل الفنّ هؤلاء، وأن يخصّصوا عائدات الحفل لتأمين القوت اليوميّ لآلاف العائلات المشرّدة، في شمال وجنوب وشرق وغرب لبنان هذا ان لم نشأ ان تشمل المساعدات الدول العربية الاخرى؟
هل نحن، كأغلبيّة شعوب أمريكا وأوروبا، وليس جميعهم طبعا، ننعم بالراحة والامان والـ”بحبوحة” الماديّة، حتى نتسابق على تقديم العون لأهل اليابان؟
وأيهما أصوب وأفضل، أن نعين الغريب ام أن نعين القريب والجار و الصديق، وابن الحيّ والبلد والمنطقة؟
ولمن لا يعلم، ففي لبنان، مثلا، تعيش مئات العائلات في المدافن، بين الأموات، لأنّه ليس لديها سقف يأويهما ومئات العائلات الأخرى تأكل من حاويات النفايات، من فضلات الآخرين لتسدّ جوع بطونها الخاوية…فأيهما بحاجة أكثر، اليابان التي أصلا تعتبر من أهمّ دول العالم الأوّل، ان صحّ التعبير، ام لبنان الذي يصنّف نصف شعبها بين الطبقة المتوسّطة والطبقة الفقيرة جدا؟ أم مصر، مثلا، التي يعاني أكثر من 20 مليونا فيها من العوز والحاجة؟ ام المغرب، ام تونس، ام سوريا، ام السودان، ام اليمن، ام تونس….!!
أبالُنا باليابان اليوم، وشعبنا بأمسّ الحاجة الى الدعم الماديّ؟ الم يكن من الأفضل على القيّمين على هذا العمل الخيريّ، ان يتفضلوا ويدعوننا الى هكذا حفل، يعود ريعه مثلا لبناء المدارس في العالم العربيّ والمختبرات العلميّة بغية خفض مستوى الأميّة مثلا، او لانشاء الشركات الانتاجيّة الصغيرة التي تعنى بالزراعة والصناعة، لخفض نسبة البطالة القاتلة في عالمنا العربيّ؟
الم يكن أجدر بهم أن يحاولوا المساهمة في تطوير مجتمعاتنا التي تسند على “قشّة”، بدل من أن ينظموا حفلاتهم الخيريّة هذه على أراضينا، طالبين منّا التبرّع لأهل اليابان الذين يتلقون الدعم الماديّ من معظم الدول الصناعيّة في العالم؟
مئات الأسئلة، تتكدّس بانتظار الجواب الشافي…وبانتظار أن يلتفت أصحاب التنظيمات الخيريّة الى هموم الشعب العربيّ، قبل الشعوب الأخرى…لأنّ (ما فينا بيكفينا)، ومن لدينا أحقّ و أصوب!!