اصدقاء… ولكن
تفسيرات كثيرة أطلقوها على الصداقة، ولكنها هي هي في كل زمان ومكان تجسّد اسمى المشاعر الإنسانية على الإطلاق.
الصداقة من أسمى معاني الحياة، وهي كالحب توازيه في الاهمية.
يقولون: “الجنّة بلا ناس ما بتنداس”، وهذا أفضل ما قيل لاثبات اهمية الصداقة في الحياة..
المحبة والاحترام التبادل الذي يجمع الاصدقاء يجعل منها حقيقة ترتقي الى مستوى الكمال، خصوصا إذا ما خلت من المصالح الشخصية والنميمة ومن تفسيرات اخرى تفقدها معناها السامي.
إنها ذلك الاحترام والتقدير المتبادل بين أناس يتشاركون الأحلام والأفكار وحتى الصعاب.. فيجد الصديق في صديقه ذلك الملجأ الأمين في كل صعابه وحتى في أفراحه.
البعض يعطي للصداقة أهمية كبرى في حياته ويجعلها محور اهتمامه فيجاهد في سبيل المحافظة عليها بكل الطرق والوسائل..
والبعض الآخر يأخذ هذه المعاني على غير ما هي تماماً، يقلبها رأساً على عقب ويهزأ منها ويعتبرها كأنها لم تكن، وكأن المثالية والأخلاق في هذه الحياة ما هي إلا نوع من أنواع “الهَبَل” والهراء، واي شيء آخر غير المعنى الحقيقي لهذه المشاعر النبيلة.
وهذا لا بد وأن يسبّب للإنسان الذي يحترم معنى الصداقة السامي بعضاً من ضياع وشعور بالألم وحتى اليأس في بعض الأحيان من كل ما يحصل من حوله.
كم من مرّة التقينا باشخاص نقول عنهم: هؤلاء يمثلون المعنى الحقيقي لكل القيَم والمفاهيم الجميلة في هذه الحياة، لنفيق في النهاية على حقيقة مُرّة هي أننا كنا مخدوعين بهم وكأن الذي حصل هو حلم جميل افقنا منه على هوّة سحيقة وقعنا في فخها، ولا بد أن نجاهد في سبيل الخروج منها منتصرين على الأقل على أنفسنا.
هذا النوع من الناس يستمتعون بالألم الكبير الذي يسببونه للآخرين من دون أن يعوا ذلك، وهذا ما يدفعنا أن نعطي لهم، على قدر محبتنا واحترامنا، الأعذار لعدم فهمهم حقيقة الأمور.
قد نلتقي بهؤلاء الناس كل يوم في طريقنا، يضيعوننا بتصرفاتهم اللامبالية، فنتخبط بين الوهم والحقيقة، ونعود لتحليل الأمور وتفصيلها لكي نجد لهم الأعذار في النهاية ونغفر لهم “لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون”.
لا مبالاتهم هذه، تعطي الآخرين دافعاً مهماً ربما لقلب حياتهم رأساً على عقب، فيجعلونهم يختارون بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن يصبح الإنسان يائسا يفتش عن تفسير منطقي للأمور فلا يجده، وإما انساناً ينتفض على نفسه فيصبح عدوانياً ويلعن كل الأمور المثالية والجمال والاخلاق التي تعلمها في الحياة.
لقد أصبحت طيبة القلب والإنسانية في هذا الزمان نوعاً من الغباء لأن الانسان النظيف من كافة النواحي لا مكان له بين اناس لا يعرفون معنى للقيَم الانسانية والاخلاقية.
أصبحت الصداقة لدى بعضهم نوعاً من “التلزيق”، والمحبة والاحترام نوعاً من الاستهتار بالقيَم.
ففي غمرة الأيام العصيبة التي تمر علينا، ولكثرة ما تعلمت شخصياً من دروس الحياة، أصبحت أتمنى وأنتظر الليل ليطوي صفحته ويحملني معه الى حيث عالم الحق والجمال.
أصبحتُ وبكل صدق أنتظر ذلك المجهول ليأتي ويأخذني معه، علّه يعلمني المعنى الآخر للحياة.
كل الأمور تغيرت، وأفقت من حلمي الجميل على صدمة قلبت حياتي نحو الأفضل ربما بسبب تصرفات أشخاص جعلوني انتفض على نفسي، وأقفل مفتاح قلبي وأرمي به في بحر الذكريات الجميلة، حتى لا يعود إلي، لأنني لم اعد بحاجة اليه.
واجب علي أن اشكركم، واجب علي أن اكون وفية لكم بعد كل الذي حصل، لأنكم اعطيتموني الصدمة التي كنتُ ربما بحاجة إليها.
واجب علي أن اشكر لكم ذلك الاستهزاء الذي واجهتم به المحبة التي حملتها، وما زلت أحملها لكم، لأنكم جعلتموني اكون كما يريد الآخرون، لا أن أكون حقيقتي الذاتية.
واجب علي ان اشكركم لأنكم خلقتم مني انساناً جديداً وعى على حقيقة مغايرة تماما عن تلك التي كان يفهمها.
واجب علي ان اشكركم، ان احترمكم، لأنكم علمتموني ان اكره من دون ان احقد.
فالقلب الطيّب الذي حمل كل المحبة للآخرين، اشكركم لأنكم جعلتموه القلب الذي غاب وحل محله العقل الذي يفهم كل شيء كما يريده الآخرون.
اشكركم لأنكم جعلتموني انتفض على نفسي وأكون ذلك الانسان الذي عليه، ورغماً عنه، ان يعطي لقلبه إجازة مفتوحة، أن أهتم بنفسي لأني نسيتها في غمرة اهتمامي بالآخرين.
اشكركم على كل ذكرى جميلة كانت وستبقى في البال، وعلى بعض كلمات حفظتها وحفرتها في ذاكرتي، علها تكون دافعا لي للاستمرار والنجاح.
أشكركم لأنكم اعطيتموني الفرصة لأثبت للجميع أن على الإنسان ان يفكر بقلبه ويحب بعقله.
كنت وما زلتُ اصلي لكم كل يوم، على قدر محبتي لكم، لكي ينير الله طريقكم وأراكم مكللين بالنجاح والمجد والاستمرارية.
وإذا اعطاني الله العمر ولقيت بعضاً من النجاح سيكون من ذكرى كلمات حفرت في عقلي تقول ان على الانسان ان يستمر بالرغم من كل شيء وبالرغم من كل الظروف.
كم سأكون سعيدة وفخورة بكم، لأنكم غيّرتموني الى الاحسن، وإذا التقينا في احد الايام، اتمنى ان لا تكون نظراتكم اللامبالية سياطاً تضرب نفسي، ليس لأني ما زلت احفظ لكم المحبة والاحترام فقط، بل لأني اريد ان ادوس على كل شيء حتى على نفسي كي لا تفيق من سباتها العميق.
واعذروني يا مَن اعتبرتكم في يوم من الايام مثالاً اعلى للانسانية والطيبة، ويا مَن بنيت لكم في قلبي صرحاً من المحبة والقيم الجميلة.
اعذروني لأنني سببت لكم الازعاج بالاهتمام والانشغال
اعذروني لأنني كنت ارى فيكم محبة الأخوة وطيبة القلب وجمال النفس.
اعذروني في النهاية، قبل ان يطوي الليل صفحتي ويحملني معه، على كل ما حصل، لأنه كان فقط نابعاً من المحبة التي احملها لكم، والتي اعتبرتها في يوم من الايام سبباً للسعادة والفرح.
كل ما اتمناه لكم هو ان لا تلتقوا بأناس يعاملونكم كما عاملتموني، بكل استهزاء واستخفاف، فأنا لا أضمر لكم الا الاحترام واريد ان اراكم دائما في قمة السعادة.
اشكركم في النهاية، واعذروني، فأنا ما كنت اتمنى، الا ان نكون في يوم من الأيام، فقط اصدقاء.
سوزان عبده معماري
صحافية
8/4/2011
ان مجلّة بصراحة الالكترونية أفسحت بالمجال أمام قرّائها لإرسال مقالاتهم على اختلاف مواضيعها ولغتّها ونشرها والسماح بالتعليق عليها تشجيعاً منها لهؤلاء وايماناً منها بحرّية الرأي والفكر.
الا ان مجلّة بصراحة الالكترونية تحتفظ بحقّها في نشر او عدم نشر اي موضوع لا يستوفي شروط النشر وتشير الى ان كل ما يندرج ضمن “بريد القرّاء ” او mailbox لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة التحرير وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.
لإرسال مقالاتكم ، الرجاء مراسلتنا على mailbox@new2.bisara7a.com