موقع بصراحة يستذكر سلوى القطريب ويوجه تحية الى روحها ويتصل بالأستاذ روميو لحود وألين لحود لتوجيه كلمة لها
في مثل هذا اليوم، ومنذ عامين، رحلت عنّا “ابنة الأرز”، ابنة هذه الأرض، التي لطالما أزهرت على رنين صوتها. “سلوى القطريب” تركتنا بشكل مفاجئ، باغتتنا برحيلها بينما كنّا منشغلين بالاستماع الى أجمل أغنايها. ولكنّها أذكى منّا جميعا، وأدهى منّا جميعا، لأنّها أدركت أنّها ولو ذهبت، ستبقى عالقة في الأفئدة والوجدان، وستبقى بصمة صوتها ترافق ليالينا، سهراتنا وصباحاتنا….لأنّ “سلوى القطريب” واحدة…لن ولم تتكرّر!!
هي ابنة الموسيقار “صليبا القطريب”، وزوجة أخ الكبير “روميو لحود”، الأستاذ ” ناهي لحود”، وكانت ثمرة زواجهما، الفنانة الشابة الجميلة ” الين لحود”، التي تحمل اليوم شعلة الفنّ الراقي بصوتها الأصيل و تخطو نحو نجوميّة تليق بها.
غنّت الكبيرة سلوى القطريب بالعربيّة، الفرنسية والانكليزيّة. نالت جوائز عدّة في مسيرتها الفنيّة، وكانت عملاقة المسرح الغنائي اللبناني، الذي أثرته سلوى بأعمال لن تمحى من ذاكرة اللبنانيّين والعرب، تلك الأعمال التي أنتجتها برفقة رفيق الدرب فنيّا الكبير روميو لحود.
أهمّ أعمال القطريب مسرحيّا هي “سنكف سنكف”، “اسمك بقلبي”، “بنت الجبل”، “أوكسيجين”، “زمرّد”، “ياسمين”، “حكاية أمل”…وغيرها من المسرحيّات التي نالت اعجاب الجمهور اللبناني، والتي استطاعت أن تجعل من سلوى القطريب نجمة متنوّعة المواهب، تغنّي بصوت شجيّ لا يشبه صوت أحد، وتمثّل بعفويّة مطلقة، عدا عن روحها المرحة التي قربتها من النّاس.
من أهمّ أعمالها الغنائيّة، والتي لا نزال نردّدها، كما ونسمعها بصوتها، الذي يجتمع الجميع أنّه أيّا كان من غنّى لها وسيغنّي من أغنياتها، لن يضاهيها حرفيّة وجماليّة، “طال السهر”، “خدني معك”، “بلدك بلدي”، “وحدك يا عسكر لبنان”، “خفيف الروح” وغيرها الكثير والكثير.
ولأنّ توأمها الفنيّ طيلة حياتها كان الكبير “روميو لحود”، اتّصلنا به للوقوف عند ذكرياته مع السيدة سلوى وسألناه عن سلوى الانسانة والفنانة فأجاب:” سلوى وهي غائبة، موجودة بيننا بمحبّتها، بصلواتها، بطيبتها…كانت سيّدة “غير شكل”، تعرّفت عليها عندما كانت لا تزال على مقاعد الدراسة، كانت خجولة جدا، ولا تعرف أكثر من منزلها ومدرستها. مع الأيام اكتشفت في هذه الصبيّة طاقة غريبة غير موجودة عند أيّ كان. تعرّفت عليها من خلال زوجتي “الكسندرا” أختها، وكنت متواجدا في منزلهم، عندما طلبت منها أن تغنّي وتسمعني صوتها، وتفاجأت بقدراتها وأذكر أنها غنّت حينها ” أوعدك” وهي أغنية صعبة جدا. بعد ذلك طلبت منها أن تتمرّن لتشارك معنا في المسرح.
أستاذ روميو، شكّلتم سويا ثنائيّ ناجح جدا، ما أكثر موقف تتذكره جمعك بسلوى القطريب؟
سلوى غيّرت لي موقفي اتّجاه الفنانين، فهي كانت تحفظ أغنيتها خلال 10 دقائق وتذهب لتسجّلها كاملة من المرّة الأولى. حتى على صعيد التمثيل، عندما كنت أعطيها سيناريو المسرحيّة، كانت تحفظه خلال أقلّ من أسبوعين، كاملا وليس فقط دورها. كانت تحترم عملها بشكل غريب جدا، وتحبّ النظام، كما تحترم زملائها وتحرص على بناء صداقات معهم. وأوّل أغنية سجّلتها كانت “خدني معك” التي يتسابق الجميع اليوم على أدائها. وأذكر أنّ مهندس الصوت الأستاذ المرحوم “فريد أبو الخير”، وهو صديق فيروز وصباح وكبار الفنانين، فوجئ حينها بادائها المتقن وبتسجيلها الأغنيات من دون أي تمرينات سابقة. كانت موهبة قويّة، تريح كلّ من يتعامل معها من مهندس صوت، الى المخرج الى أصغر عامل في أعمالها”.
أستاذ روميو، اليوم تسمعك سلوى القطريب، ماذا تقول لها؟
“شو بدي قلا”، هي لا تزال بيننا وستبقى، ونحن بحاجتها كثيرا، بحاجتها فعلا لانقاذ هذا البلد، أطلب منها أن تصلي لنا، لأنها قديسة، قضت حياتها في الصلاوات و الأعمال الخيّرة والطيبة.
من ناحية أخرى، اتصلنا بالنجمة الشابة “الين لحود” محاولين استذكار أطرف وأجمل المواقف التي تتذكرها الين لوالدتها فكان هذا اللقاء السريع الذي قالت خلاله: “ما الذي استطيع أن أقوله عنها، هي كانت أقرب النّاس اليّ. ما يميّزها حماسها للعمل، عدا عن أنّها كانت هي نجمة المسرح، وكانت تحفظ دورها ودور الممثلين الآخرين، بحيث أنّهم عندما كانوا يخطؤون تصحّح لهم وتساعدهم في تذكر أدوارهم”.
الين ما النصيحة التي تطبقينها اليوم، والتي أعطتك ايّاها سلوى القطريب؟
آخر كلمة قالتها لي قبل رحيلها كانت “كوني قويّة”
والقوّة هي أهمّ سلاح يجب أن تتمتعي به في عالم الغناء صحيح؟
نعم صحيح، لأن الحياة تعلّمنا أننا بحاجة الى القوّة لكي نجتاز الصعاب فيها، ومهما كبر الانسان يشعر دائما خاصّة في أوقات الوهن، بأنه بحاجة الى أمّه.
متى سنسمع أعمال والدتك بصوتك الين؟ خاصّة أنّ الأولويّة لك كونك ابنتها وتتمتعين بصوت جميل؟
أنا أحضّر لعمل موسيقيّ مهمّ سيبصر النور في الصيف المقبل انشاءلله ولأول مرّة أصرّح بأنّني سأقدّم حفلا غنائيا كاملا بصوتي أقدّم فيه اعمال سلوى القطريب كتحيّة مني لها، وستكون الحفلة “لايف” برفقة فرقة موسيقيّة ضخمة من ثلاثين موسيقيّا، وسيصدر الحفل على شكل “دي في دي” في الأسواق.
ماذا تقولين لها اليوم؟
أودّ أن أقول لها “يا ريتك هون”…و “كتير صعبة الحياة من دونها” (تغصّ).
سافرت سلوى القطريب، تاركة ارثا فنيّا كبيرا يشهد لها…فألف تحيّة لروحك الطيّبة، ولترقدي بسلام، يا من حملت السّلام شعارا في مختلف أغنياتك وأعمالك!!
استمع الى أغنية يا استاذ الأبجدية