رأي خاص – ابتسم أنت في لبنان الواسطة… فهل تودّون أن نلحد به؟
قصدت احدى قريباتي الجامعيّات مصرفا لبنانيّا شهيرا، وذلك لتقديم ال “سي في” الخاص بها ليس من أجل التقدّم الى وظيفة، بل من أجل الحصول على شهر “ستاج” أو “تدريب مهنيّ” خلال فصل الصيف المقبل، كما تسنّ وتشرّع القوانين الاداريّة والمؤسساتيّة. ولكنّ قريبتي فوجئت بصراحة، بل بوقاحة العاملة في هذا المصرف عندما قالت لها بالفم الملآن: “من طرف من أنت؟”…فاستنكرت قريبتي سؤال الموظّفة، وأخبرتها بأنها ليست من طرف احد، لتسارع الموظّفة الى اعطائها ال “سي في” قائلة:” آسفة لن أستطيع قبوله، حرام سارميه بعد ذهابك فخذيه معك أفضل، لأنّنا لا نقبل الا من لديه واسطة أو دعم معنويّ من قبل وجهاء البلد”. صعقت قريبتي وعادت أدراجها يائسة من امكانية خضوعها لتدريب روتينيّ لا يضيف لها شيئا، ولا تأخذ فيه كبريات الشركات العالميّة!!
نعم….هذا هو وضعنا في لبنان، وهكذا بتنا نصرّح وعلانيّة، من ليس لديه واسطة، ليجلس في منزله، ولا يضيّع وقته في البحث عن “ستاج”، فكيف بالبحث عن عمل!!
للأسف، باتت الكفاءة ترمى في سلّة المهملات، ويتمّ تدريب، كما وتوظيف، من لديه دعما من قبل الوزير الفلانيّ، أو النائب الفلانيّ، أو ان كان قريب رئيس البلديّة، أو ابن رجل الأعمال هذا، وصاحب رؤوس الأموال ذاك.
نعم، هذه هي الحقيقة المرّة…التي تواجه كلّ شاب لبنانيّ جامعيّ أو متخرّج، يبحث عن فرصة لاثبات قدراته. ويسألوننا لم أهمّ الادمغة اللبنانيّة تهاجر الى الخارج؟…كما ويسألوننا لم نسبة المهاجرين السنويّة مرتفعة، وفي ازدياد؟ ويستغربون ارتفاع نسبة البطالة، ويتعجّبون لتذمّر الشعب اللبنانيّ وتأفّفه من الأوضاع السائدة!!
كيف لهذا الشاب، أو تلك الفتاة، أن يبقوا في لبنان ان لم يحصلوا على عمل يناسب مستوى دراساتهم، والمصيبة الكبرى، أنّه بتنا نجاهر علنا بالأمر، ونقولها بكلّ بساطة: “الشاب اللبنانيّ يساوي الظهر الذي يحتمي به”.
وهذه الحادثة، نضعها برسم الوزارات المعنيّة ان كان هناك من أحد معنيّ، كما هي برسم كلّ اصحاب المصارف اللبنانيّة، وكل المستثمرين فيها….وبرسم كلّ من له سلطة ويخاف على مستقبل لبنان، الذي نحبّه جميعنا كلّ على طريقته!!
كفى فسادا واستغلالا و “بلطجة”…واتركونا نسافر، لأنّه في الخارج، سنجد فرصا تليق بنا، وسيقدّم لنا الخارج أكثر ما يقدّمه الوطن الذي ترعرعنا فيه، وكبرنا فيه، ولا ندري ان كنّا سنموت فيه، لأنكم تريدوننا أن نعلن الحادنا بهذا الوطن، فلنسافر اذا ولنشتاق الى ارضه وأهله، أفضل من أن نكفر به وبأهله!!
