خاص- هكذا قفز كميل طانيوس فوق المشهد الغنائي مزاوجًا الحواس بمتعة لا توصف في ليلة روائع بليغ حمدي
يسجّل مخرج المهرجانات الفنية الضخمة كميل طانيوس نجاحًا تلو آخر يقود به الأحداث الفنية الكبيرة الى مستوى من الإبهار العالمي حيث الابتكار والخيال مصحوبَين بالدقة والتنظيم والتسلسل المشهدي المبهج للبصر والسمع يرفعان من قيمة الحدث ويمنحانه هوية خاصة تشبه صاحبها الباحث عن الحداثة من دون التفلّت من كلاسيكية إدارة المحتوى حين يتطلّب الأمر كذلك.
وما يبذله طانيوس من جهد في كلّ ما يقدّمه يلقى أصداءه الى ما بعد حين طويل، حيث يظلّ المشهد الممهور بتوقيع رؤيته الإخراجية ماثلاً أمام ناظري مشاهديه لا ينسيهم إياه سوى ما يأتي بعده.
وفي كلّ حفل استثنائي بالعنوان والأهداف الفنية يتكرّر اسم كميل طانيوس حتى أصبحت كبرى المهرجانات العربية علامة إخراجية مسجلّة باسمه، آخرها حفل تكريم الموسيقار الراحل بليغ حمدي بأصوات أهمّ نجوم العالم العربي في الرياض أوّل من أمس، والذي بثّته معظم محطات التلفزة العربية مباشرة على الهواء، حيث برز باع المخرج الطويل في إدارة حفل يمتدّ على مدار ساعات تبدأ قبل موعد انطلاقه ولا تنتهي بانتهاء عرضه.
وقد نجح المخرج طانيوس هذه المرة أيضًا بتحويل الأنظار الى حفله قبل ان يكون حفل الموسيقار حمدي، فهو من حوّل المشروع الى بناء مكتمل الأساسات جهزّه بوسائله التقنية ناقلاً المشهد الى العالم بمرونة تحركها كاميراته، وبجمالية طغت على الصورة وجعلت المشاهد مسمّرًا يتتبّع خطوات المخرج في نقل الحدث بوتيرة متسارعة على الرغم من ثقل محتواه الذي انعكس في جزيئياته المتمثلة بالأغنيات الطويلة ذات النفَس الشرقي، وهو لم يمنح مشاهديه الذين يعيشون على فوهة بركان التطوّر في زمن يسابق الأيام سرعة، فرصة الملل او الكلل او التململ من الاستماع الى أغنيات طويلة على الرغم من خلود ألحانها، فنجح بالقفز فوق المشهد الغنائي الهائم في حنين الماضي والذكريات بتقطيعه واعادة تركيبه بما يشغّل حواس المشاهد ويجعلها تعمل بتراتبية منظمة تبدأ بالإحساس باللحن الموسيقي، وتنتقل الى المتعة البصرية المتمثلة بإطلالة الفنانين المتعاقبين على لحظات التكريم، وتنتهي بالانتشاء السمعي بالأصوات الذهبية والنغمة المتفلتة من القواعد اللحنية. لقد نجح كميل طانيوس في إعادة رسم زمن بليغ حمدي على الطريقة العصرية، ليؤكّد مرة جديدة ان في إدارة الإخراج أزمنة، وما الزمن اليوم سوى زمن كميل طانيوس.
أخبار ذات صلة: خاص- بليغ حمدي ينبعث حيّاً من الرياض والنجوم يصدحون بحناجرهم الذهبية في أقوى حفل تكريميّ للمبدع العبقري