خاص لبصراحة – المهرجانات السينمائية المصرية وضعها مفرح وخيبتها مبكية
الصناعة السينمائية المصرية هي مقصد الجميع، والنجاح بها بمثابة الوصول إلى الخطوة الأولى للمجد الفني، وهي ولأنها صناعة ناجحة ومتواضعة جداً فلقد أعطت لمواهب العالم العربي من كل مكان كما أعطت لأبناء بلدها وقسمت النجاح عليهم جميعاً وبالتساوي لنرى كل منهم قد تميز في مكانه وأصبحت له نقطة قوة يستفرد بها وبمجده فيها.
إلا أن آخر ما توقعه الجميع هو أنه عندما يحين وقت رد الجميل لهذه البلد الفنية العظيمة سيكون ضيوفها الذين حلوا عليها ونجحوا بها هم أول من يرد لها جميلها فيما سيدير عنها أبناءها ظهورهم، ويكتبوا عليها (أين المقابل).
كل هذا و أكثر تثبته يوماً بعد يوم المهرجانات الفنية التي تقيمها المدن المصرية هنا وهناك من وقت لآخر والتي يتم فيها سنوياً تكريم النخبة والأكثر بروزاً وتميزاً خلال العام، وطبعاً وكما نعرف جميعاً فإن “مهرجان القاهرة السينمائي” في الطليعة وهو الأكثر جماهيرية. إلا أنني ولو كان الأمر بيدي فليس هناك ما هو أحب على قلبي من إضافة كلمة صغيرة لإسم المهرجان حتى أشعر بأن هذا الإسم يمثله جيداً وهو “مهرجان القاهرة السينمائي المغدور”.
أعلم أن هذا الإسم قاس قليلاً واختياري له صادم للبعض إلا أنني فعلاً أرى أن هذا الاسم هو العنوان الأمثل لهذا المهرجان الذي يثبت لنا عاماً بعد عام كم هو مغدور ويتيم بسبب عدد لا يستهان به من أبناء بلاده.
لنترك كل السنوات الماضية للمهرجان جانباً ولندرس حال المهرجان هذا العام فقط في دورته الرابعة والثلاثين، فما من فنان عربي وجهت له إدارة المهرجان دعوة إلا ولباها على وجه السرعة وبكل فخر مثل ميس حمدان، مي حريري، مايا دياب، فريال يوسف، نيكول سابا، إيمان، جمانة مراد وغيرهن، وهن بالمناسبة كن مجرد ضيوف ليس لأي منهن أي فيلم مشارك أو أي تكريم.
وفي المقابل غاب كثير من النجوم المصريين وخصوصاً الشباب فيما اقتصر الحضور على عدد بسيط منهم بالإضافة إلى من كان لهم تكريم خلال المهرجان. فكان من الملاحظ طبعاً غياب كل نجوم الصف الأول مثل منى زكي، أحمد حلمي، أحمد السقا، أحمد عز، كريم عبد العزيز، ياسمين عبد العزيز، حنان ترك، علا غانم، غادة عبد الرازق، سمية الخشاب، وإلهام شاهين ومن المؤسف أيضا غياب ممثلي الأفلام المصرية المشاركة في المسابقات الرسمية بالمهرجان مثل أبطال فيلم “الشوق” وهم: روبي وباسم السمرة وأحمد عزمي، وكذلك أبطال فيلم “مايكروفون” المشارك في مسابقة الأفلام العربية وهم: يسرا اللوزي وخالد أبو النجا، كذلك الممثل عمرو واكد، الذي قدم حفل افتتاح مهرجان 2009، ويعرض له في المهرجان فيلم إيطالي شارك به.
الناقدة مي جودة كان لها رأي خاص بالموضوع حيث أنها كتبت بحزن عن حال مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام في دورته الرابعة والثلاثين والذي غاب عنه أبرز نجوم الساعة والسبب من وجهة نظرها هو أن الدعوة لهؤلاء النجوم كانت بلا مقابل مادي وقصدها طبعاً جائزة تكريمية أو مبلغ من المال، وهو ما اعتبرته محزن للغاية خصوصاً وأن المهرجان استقطب عدداً من النجوم العرب الذين حضروا باهتمام بمجرد دعوتهم.
كما عبرت مي جودة عن إعجابها الشديد بالتنظيم الدقيق واستقطاب نجوم العالم ومن ثم عبرت عن استيائها من الوقوع في خطأ الاختيار الغير دقيق لمقدمي المهرجان وأبرزهم أمينة شلباية وأروى جودة وحتى آسر ياسين والذين بدت أخطاءهم كثيرة وغير مقبولة ومستفزة.
وفي اتصال لنا مع الناقد الكبير طارق الشناوي للوقوف معه عند رأيه على كل ما حصل في المهرجان من غياب عدد كبير من نجوم الصف الأول الحاليين وكذلك للوقوف معه على الهجوم الكبير الذي شنه الفنان عمر الشريف على السينما المصرية في الوقت الحالي وهو الهجوم المشابه لما قام به أيضاً قبل عدة أشهر، عبّر طارق الشناوي عن حزنه لما حصل في المهرجان وأرجع الأسباب إلى غياب ثقافة المهرجانات الفنية في عالمنا العربي وعند الفنانين العرب وقال بأن الفنان اليوم لا يحضر للمهرجان إلا في حال كانت له جائزة أو تكريم أو فيلم سوف يُعرض، متناسياً أن الحضور في حد ذاته نجاح له وللمهرجان وولبلده.
أما بشأن الهجوم الكبير الذي أصبح الفنان عمر الشريف يشنه من وقت لآخر على السينما المصرية والجمهور المصري واتهامه مرة للجمهور المصري بـ (الجهلة) ومرة للسينما المصرية بــ (التشليح)، قال الأستاذ طارق الشناوي بأن هذا الرأي الذي أصر عمر الشريف على طرحه مؤخراً فهو خاص بنوع السينما التي يعرفها عمر الشريف ولا يعرف غيرها، حيث أنه اعتبر أن هناك نوع آخر من الأفلام المصرية والتي يُطلق عليها (سينما مستقلة) لا يعرفه عمر الشريف لأن أبطالها نجوم غير معروفين بدرجة كبيرة بعد إلا أنها أفلام قوية ومهمة وذات مضمون ولها قيمة كبيرة وتحصل على استحسان النقاد في معظم الأحيان.
بصراحة فحال السينما المصرية محزن الآن، و أغلب النجوم وخصوصاً الشباب يتعاملون معها بشكل مخزي والسبب أن المصلحة في الغالب هي التي تحكم. أما بالنسبة للفنان عمر الشريف فلا تعليق عندي عليه، فهو اليوم وبعد أن أذاقه الجمهور المصري والعربي طعم المجد والوفاء في ظل خذلان جمهوره من الأجانب وتجاهلهم المقصود له ولما قدمه عندهم أصبح كبيراً علينا جداً فلا تراه حضر مناسبة أو لقاء إلا واستغلها لشن الهجوم على سينما وجمهور الوقت الحالي .. الجمهور الذي أبقاه عالمياً رغم خيانة السينما العالمية له..