رأي- بلد مديون والمافيات فيه كالجراد
نريد من مَن يملك الصراحة لتقييم هذا الموضوع الغريب العجيب المحزن المبكي الذي لم نجد من يُقَيمه طيلة العهود المتعاقبة على هذا البلد الصغير بحجمه الكبير بصموده وصبره على ما ابتلي به من متناقضات هي ألغازٌ استعصى حلّها على الكثير وأحجيات لجأ العاجزون عن تفكيك معانيها الى التحوقل والاسترجاع.
ان أهل السطلة ودهاقنة السياسة في هذا البلد لا تخفى عليهم خافية يعلمون كل كبيرة وصغيرة وخصوصاً اذا كانوا هم واضعو تلك الألغاز والأُحجيات ومخرجوها!!
والطامة الكبرى اذا كانوا حماة للمنتفعين الوالغين في اقتصاد البلد المتاجرين بلقمة الشعب وصحته بل في حياته!!
أنّا اتجهت وأينما توجهت ترى المآسي والنكبات تحيط بهذا الشعب الصابر المحتسب الذي لا يملك شرو نقير ولا يدري الى أين المصير، تحكمه قوانين جاهلية، الحياة للاقوى، العدالة مفقودة والظلم مخيم في الروابي والوهاد، في المدن والقرى، في البر والبحر، بما كسبت ايدي المتحكمين الذين لا يرقبون بامتهم إلاَّ ولا ذمة، كل منهم يغني على ليلاه وينشد مصلحته مستغلاً منصبه لمصالحه الشخصية على حساب البلاد والعباد، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن البلاء والمآسي اسكرتهم واذهلتهم فهم في ضياع تام!!
وثمة تساؤلات عدة وهامة ازاء هذه الاوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب اللبناني سواء من الجهة السياسية او الاجتماعية او الحياتية او الاقتصادية.
فهل يجوز ان يبقى لبنان دولة متسولة تعيش على اعانات وهبات الاصدقاء والاشقاء، والمافيات تسرح وتمرح بلا رقيب ولا عتيد؟
والمستغرب اننا لم نسمع مسؤولاً يتكلم عنها!! الامر الذي يدل على شيئين اثنين لا ثالث لهما، اما ان يكون المسؤول على درجة كبيرة من الغباء بحيث لا يعلم ان هذه الفئة تسيطر على اقتصاد لبنان!! وهذا مستبعد بل مستحيل، واما ان يكون شريكاً لتلك الفئة الضالة العابثة في حياة هذا الشعب وديمومة لبنان، والى متى تبقى اللامبالاة سيدة الموقف؟ والى متى تبقى ضمائر الكثير من الساسة والمتنفذين واهل السلطة نائمة نومة اهل الكهف؟؟وشعبنا يصطلي بنار الظلم والاضطهاد والحرمان والعنت، وهل لهذا الليل من آخر؟ الا يوجد ضمير حي ينقذ هذه الامة من الغمة التي تعيشها؟؟
الطريق واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، اذا كانت الدولة تغار على الوطن والمواطن لتبدأ بتطهير المجتمع من المافيات، ولتوقف الهدر، ولتسترد اموال الخزينة ممن نهبها، ولتستوفي ديونها من المتنفذين والسلطويين ولتسيطر على الاملاك البحرية والنهرية، ولتضرب بيد من حديد على هؤلاء الذين هم السبب في جعل الدولة غارمة، تمد يدها استجداء بحجة الدَّيْن، وبذريعته تكوي الشعب بالضرائب المباشرة وغير المباشرة، كل هذا يحصل واكثر منه وادهى ولم تزل الدولة تغض الطرف عن تطبيق القانون على الجميع بلا استثناء وخصوصاً على من كانوا سبباً في العجز المالي الذي يعاني منه لبنان!!
فالدولة مدعوة للتضحية «بالمافيات» المنتشرة كالجراد على كل الصعد حفاظاً على ديمومة لبنان دولة القانون والمؤسسات، والشعب ينتظر مواقف العز هذه «والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».