عيد الاستقلال…محطة سنويّة تجمعنا
كلّنا حفظنا منذ الصغر، من خلال كتب التاريخ المنوّعة والمختلفة التي درسنا فيها والتي لا تتفّق الا في هذا الأمر، بأنّ لبنان نال استقلاله في 22 تشرين الثانينوفمبر عام 1943 ، وتحوّلت حينها دولة “لبنان الكبير” الى جمهورية “لبنان” المستقلّة عن الانتداب الفرنسي، وعن التبعيّة العربيّة أو ما كان يسمّى ب “بلاد الشام”، فتم وضع دستور خاص به، وتأسيس جيش لبناني بحت انضوى تحت أمرة الحكومة اللبنانيّة التي تأسّست حينها برئاسة “رياض الصلح”، وكان أوّل رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة “بشارة الخوري”….و تمّ رسم ونشر العلم اللبنانيّ الحالي المقسّم من اللون الأحمر على الأطراف والأبيض في الوسط والأخضر ممثلا أرزة الشموخ.
هذا في كتب التاريخ، بينما في قلوب اللبنانيّين، ولد هذا الوطن منذ عشرات آلاف السنين، حرا أبيا، لأنهم جاهدوا ودافعوا وقاتلوا كلّ من حاول المسّ به، وكل من طمع بذرة تراب من أرضه، وعشقوه حدّ الاستشهاد من أجله، وأحبّوه حدّ الهيام ببحره وسهله وجبله…كلّ منّا أحبه على طريقته، كلّ منّا أحبّه كما يريد، فجمعت هذه الأرض المباركة أكثر من 18 طائفة، تعيش في مساحة لا تتعدّى10452 كلمتراً مربّعا…تقاتلنا فيما بيننا، حاربنا بعضنا…ولكنّنا أدركنا أنّه لا يعمر الا بتنوّعنا على أرضه، ولا يسلم الا بوجودنا كتفا الى جانب كتف، ويدا بيد، ضد كلّ أعداء لبنان الذين يتربّصون به…وكم هم كثر!
لبنان، أصبح بفضل كباره وروّاده، منارة الشرق، وأصبح عاصمة للدول العربيّة، له مكانته في قلوب كلّ العرب، و أصبح المدرسة والجامعة والمصيف والمركز الثقافيّ والعلميّ..ولكن ورغم كل ذلك، عانى ولا يزال، من تشرذم أبنائه، وولاءاتهم للخارج، كما من الفساد المدقع المستشري في مختلف قطاعاته، هذا عدا الأطماع بأرضه وبحره و ثرواته…وحتى بأولاده…أي اللبنانيّين واللبنانيّات!
واليوم، نحتفل جميعا، من كلّ الطوائف والانتماءات السياسيّة والمذهبيّة، بعيد الاستقلال ال67، الذي بات محطّة سنويّة، نكرّم فيها ونجلّ جيشنا الأبيّ المدافع البطل، ونكرّم فيه اسم لبناننا، وندعوا فيه الى وحدة الصفّ، مستذكرين كل الشهداء الذين رووا الأرض بدمائهم، وفدوها بهدف أن تصبح وطنا، وطنا للجميع!
ولذلك، ندعو الله أن ينقذ الوطن من مخالب الطامعين به، وأن ينصرنا جميعا على كلّ من يخطّط ويدبّر لهدم منارة الشرق، كما وندعوه أن يبقينا وطن المطبعة والكتاب والحرف، والكلمة والصورة، والفنّ الراقي النظيف، و ان يبقى علم لبنان يرفرف عاليا، هناك على رأس تلك الأرزة الشامخة في أعلى نقطة من أراضينا…وكل عيد استقلال ونحن…لبنانيّون!