رأي خاص- تيم حسن في “الزند” يتلاعب بذاكرة جمهوره ويعبث بها

باتريسيا هاشم: هل سمعتم يوماً عن فقدان الذاكرة الجماعي حدّ التلوّي لأجل جمع بعض الصور والاحداث والمحطّات؟ هل يمكن لشخص واحد ان يكون الذاكرة والنسيان على حدّ سواء؟ هل يمكن لشخص ان يبصم في ذاكرتك ثم يمسحها بلمح البصر؟

كل شيء ممكن حين يكون هذا الشخص ممثلاً برتبة ساحر يتحايل على ذاكرتك ويشوّشها، يقتلعها من جذورها ثم يعيد تركيبها على هواه…اذ لم نكن لنتخيّل يوماً ان نبحث عن جبل شيخ الجبل “بالسراج والفتيل” في ذاكرة شغلها عاصي الزند واحتلها وطرد منها كل حرّاس هيكل “الهيبة” ونصّب نفسه سلطاناً على ذاكرة جديدة استسلمت له بكل رضا.

عندما تمّ الاعلان عن مسلسل “الزند” لشركة الصباح اخوان ترددنا في قبول ضيف جديد على صورة مثالية لتيم حسن طبعناها في ذاكرتنا وتمردنا على استيعاب هذا التغيير في الشخصية التي انحزنا اليها خلال ٥ مواسم من مسلسل “الهيبة” فنحن اوفياء والخيانة ليست من شيم المشاهد الوفي، الا ان هذا الساحر السوري نجح في الهيمنة على ذاكرة اراد تجديدها ونجح ببراعة في تحقيق ذلك.

بعد خمس حلقات من مسلسل “الزند” غرقنا بألف “كيف؟” علنا نفهم ماذا يدور حولنا: كيف ولد هذا الانجاز الدرامي الكبير؟ كيف يفتعل ‎تيم حسن هذا الأداء الاسطوري؟ كيف ينجح المخرج ‎سامر البرقاوي كل مرة بإدهاشنا؟ كيف اختيرت اماكن التصوير المبهرة؟ كيف اختير هذا الكاست العملاق؟ كيف رُصدت هذه الميزانية المخيفة للعمل؟

ومهما اختلفت ال “كيف” تبقى حقيقة واحدة اننا جمهور محظوظ بمشاهدة هذا العمل في رمضان، اذ يعتبر مسلسل “الزند” من اروع الانتاجات الرمضانية لهذا الموسم واكثرها جاذبية وسحراً.

عانينا من اللهجة وشقينا في فهمها؟ طبعاً ولكننا مع اقتراب انتهاء المسلسل اصبحنا نتقنها وننحاز اليها فهي اعطت بعداً جمالياً مختلفاً لمسلسل تاريخي ربما كان سيفقد القليل من هيبته لو كانت اللهجة معاصرة، فنقلنا صناع هذا المسلسل العظيم بالجسد والروح الى حقبة قاسية من التاريخ، وكأنه ماكينة زمنية تدخلك في دوامتها وتقتلعك من واقعك فتصبح جزءاً لا يتجزأ من عصر الاقطاع ورجالاته، تتفاعل معه، تتماهى معه وتشارك فيه بكل حواسك.

ساهم ممثّلو العمل كلّ في دوره ومكانه وادواته من خلق حالة درامية استثنائية.لا بطل اوحد للزند، فجميعهم ابطال التاريخ والجغرافيا، جميعهم محرّكون اساسيون للأحداث، بطولة جماعية قادها المايسترو تيم حسن. ذلك الممثل العملاق الذي يأبى في كل دور جديد الا ان يكون بطلاً ينحاز للشعب ويرفض الظلم كما الهزيمة، فدور الضحية لا يستهويه، ترفضه شخصيته المتمرّدة وتليق به البطولات والثورات والانقلابات والتمرّد. ثائر هو امام الكاميرا كما خلفها، ادوات الابداع حاضرة في جعبته التي امتلأت مهارة يستعين بها في كل دور جديد فيبدّل جلده مع كل شخصية جديدة، يرسمها، يلوّنها،ينحتها ويحولها الى انسان من لحم ودم وروح فيكاد عقلك لا يستوعب هذا التحوّل العبقري بالشخصية.

مسلسل “الزند” هدية رمضانية دسمة على مأدبة مطحنة المنافسة في الشهر الفضيل نجحت شركة الصباح في تقديمها شهية وساخنة، فكانت الدعوة اليها تستحق عناء ارتداء حلّة العيد والتزيّن بأجمل الحلي المرصعة بالدهشة والاعجاب ليكون الضيوف على مستوى الدعوة.

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com