مقابلة خاصة- كيف أثّر محمود بوسام صباغ في مسلسل “للموت”؟
لم يكن يوماً ممثلاً عادياً، ابدع في الكوميديا كما في الدراما ولاقت بموهبته كل الادوار، فنان حقيقي لا يستهين بالادوار التي توكل اليه بل يتقمّصها، يلبسها ويلتصق بها حدّ ملامسة اعلى درجات الاقناع فيبهر متابعيه في كل مسلسل جديد. بارك موقع “بصراحة” للممثل وسام صباغ على النجاح الذي يحقّقه في مسلسل “للموت٣” وبالتالي على نجاحه بأداء شخصية محمود التي حظيت بتفاعل كبير وايجابي من الجمهور كذلك على دوره في مسلسل “وأخيراً” الذي لم يكن اقلّ شأناً.
وفي مقابلة خاصة توجّه موقع “بصراحة” بعدّة اسئلة مرتبطة بشخصية محمود والصعوبات التي واجهته خلال التصوير، بالإضافة إلى مدى إمكانية عودته للكوميديا بعدما أثبت نفسه في عالم الدراما.
–هل كنت تتوقّع تفاعل الناس لهذه الدرجة مع شخصية محمود وخاصة في الجزء الثالث من المسلسل؟
بالنسبة للجزء الثالث من للموت الحمدلله الأصداء جيدة وهذا الجزء كان بمثابة تحدٍ للجميع. برأيي أن ندين جابر نجحت بتطوير الحبكة وأخذت اللعبة إلى مكان جديد وبالتالي شخصيات جديدة وأحداث جديدة. فهي كاتبة موهوبة جدًا ومميّزة، تقلق بشأن عملها وتعطيه من قلبها وهذا ما يجعل الكاتب يتجدد ويساهم بتقديم عملاً بعيداً عن الملل والرتابة. بالإضافة إلى لمسات المخرج المبدع فيليب اسمر التي كانت بمثابة صمّام امان لنقل هذه الجُمل المكتوبة بعمق وترجمتها على أرض الواقع بطريقة فنية مليئة بالصدق والاحساس.
بالإضافة طبعًا إلى شركة ايغل فيلمز والمنتج جمال سنان الذي منح كل الإمكانات التي ساهمت بتقديم مستوى عالٍ من الدراما القادرة على منافسة اهم المسلسلات.
فضلا عن الجندي المجهول الصديقة المنتجة جويل بيطار التي تعمل بجهدٍ من أجل إيصال العمل إلى برّ الأمان. هذه الجهود جميعها إلى جانب مواهب النجوم الكبار الذين يقدّمون افضل ما لديهم، فنحن بمثابة عائلة سعيدة تمكّنت خلال ثلاث سنوات بأن تكون عند حسن ظن الناس.
–كيف تمكّنت من تجسيد هذا التناقض في المشاعر كرجل متزوج من امرأة لا تريد إنجاب أطفال ودور مرشح للانتخابات مواكبين بذلك المرحلة الآنية في لبنان؟
بالنسبة لشخصية محمود كان لدي الفضول لمعرفة ماذا سيحدث فيها كممثل. ولكن ندين اخذت الشخصية إلى مكان جميل جدا وبالتالي إلى موضوع النيابة. فسيمثّل محمود الناس وينقل همومهم الى البرلمان ويكون بذلك صرخة الناس الذين ضاعت حقوقهم كونه لم يتمكن من تأمين لقمة عيشه واعالة عائلته في السابق واضطراره للقيام بأمور بشعة لتلبية احتياجاته فكان محمود في أول حزئين بمثابة نبض الناس المحرومين ونبض الشارع كذلك وكنت سعيداً بتطوّر الشخصية.
أما بالنسبة لمشاكل محمود مع والدته على اثر زواجه من امرأة كانت تعمل كراقصة، الأمر الذي زاد الصراع بينهما حيث رفضت أم محمود هذا الموضوع ولم تتقبّل وقوفه إلى جانب زوجته كإنسانة وتقدير الظروف التي اوصلتها إلى هنا. ولكن في النهاية الظروف هي التي تقود الإنسان للقيام بإشياء تُفرَض عليه.
وفي حلقة من الحلقات القى محمود خطابًا سياسيًا كشف خلاله عن برنامجه والأهداف التي يريد أن يحقّقها فهو ابن هذه البيئة وهذه الهموم ويهمّه أن يصل جيل الشباب الى الحُكم ويساهم بالتغيير من اجل اعلاء الصوت بالنسبة للأمور الشاذة التي يجدر إصلاحها لنتمكن من الوصول إلى بلد يمكننا أن نعيش فيه براحة عكس ما نعيشه اليوم من يأس. فهو صرخة امل للجيل الجديد كما أني كنت مشحوناً بكل هذه الهموم لأني جزء لا يتجزأ من هؤلاء كوني اعيش الظروف نفسها التي يعيشها الناس في هذا البلد للصمود فيه والمقاومة لأجل الاستمرار بالعيش وإعالة عيلهم وأهلهم.
–ما هي الصعوبات التي واجهتها خلال التصوير؟
بالنسبة للصعوبات التي واجهناها، فمن لا يعرف مهنة التمثيل ويرى نتائجها على الهواء لا يعلم بأن الممثل بالفعل يتعب كثيرًا ولديه ساعات طويلة من التصوير تصل الى ١٧ ساعة في اليوم. وهذه المهنة تتطلّب تركيزًا كبيرًا وجهوزية للحواس. بالإضافة إلى أن المهنة علّمتني الصبر فكنت شخصاً ديناميكياً جدا وكثير الحركة ولكني مع الوقت أدركت أن الأمر يتطلّب الكثير من التركيز والهدوء. ولكن هذه الاشياء هي التي تقرّبنا من بعضنا كأسرة عمل، كوننا نلتقي ايام التصوير أكثر مما نلتقي بعائلتنا. فهذا الأمر يخلق جوًا عائليًا مليئًا بالالفة، فنشعر بأنه تقع على عاتقنا مسؤولية إيصال العمل الى بر الأمان وعندما نرى النتيجة ونلمس أن مقابل كل التعب هناك تقدير من قِبل الناس، ننسى كل شيء.
-كيف ساهم هذا العمل بترسيخك كممثل درامي وهل ستعود للكوميديا أو أنك ستعتمد خطًا جديدًا؟
طبعا شخصية محمود رسّختني بالأدوار الجديّة وثبّتت قدَمَي أكثر كونها تحمل هموم الشباب وكنت مستمتعًا بادائها، كون محمود في أول جزئين تناول قضايا حياتية كثيرة كمسألة الدواء والهموم المعيشية. وانا سعيد بأن هذه الشخصية مرّت في حياتي وتمكّنت من ادائها. كما أن لدي الكثير لتقديمه في الادوار التراجيدية لكنني انتظر أن يوفّقني الله بأدوار اثقل لأني مستمتع في المرحلة الحالية وقادر على العطاء من قلبي بالإضافة أنه اصبح لدي خبرة ونضوج أكثر في حياتي نتيجة ما مرّ علي من احزان. فقد ودّعت والدَي بغضون سنة واحدة وهذه التجارب كلها شحنتني، فأصبح وجهي مليئًا بالتجارب وهذا الأمر برأيي ساهم بتثبيت قدمَي في عالم التراجيديا بقوة وبتقديم شيئاً جديداً بعد سنين طويلة في الكوميديا.
طبعًا ساعود إلى عالم الكوميديا في حال تلقّيت عرضًا متقناً ومكتوباً بطريقة صحيحة ويقدم كوميديا نظيفة هادفة وبالتالي كوميديا عائلية. فالسبب الذي أبعدني عن الكوميديا يعود إلى انه لم يعد أحد يعمل على هذا الفن العظيم الذي يتناول هموم الناس ووجعهم بطريقة كوميدية ساخرة. واذا كان الممثل يمتلك هذه الموهبة فمن المؤسف ألا يمنحها الفرصة واتمنى أن يُعرض عليّ عملاً كوميديًا لأنني اشتقت للكوميديا، فضلا عن أن الناس أحبوني بهذا الوجه. فانا لا انسى أصلي ولكنني بانتظار فرصة مهمة وعملاً ذو مستوى عالٍ في عالم الكوميديا.