الوضع الصحي للمسيقار ملحم بركات مستقر. ويقول للصحافة التونيسية ” لا أريد أن أموت في تونس، بل أريد أن أموت في بلادي

الخبر خطير، ليس لأن ملحم بركات دخل المستشفى في تونس بحالة خطرة ، الأخطر من ذلك ان يصل الى مطار تونس ويستقبله كل الصحافيين فتقدّم منه الاذاعي الشهير هادي الزعيم وقال له: ” يا أستاذ هل ستؤدي غداً أغنية على بابي واقف قمرين؟” فأجاب بركات : “لا لا لا لن أغنّيها” بطريقة فيها الكثير من الارباك ولقد لاحظ هادي الزعيم الذي كنّا باتصال معه الى تونس ان ما صرّح به محمد عبده عن ملحم بركات الذي وصف غناءه بالـ(…) وحدّد ان غناءه (…) وخصوصاً حين يغنّي مقطع من “على بابي واقف قمرين” فعاد هادي وسأله “لماذا لن تغنّي على بابي واقف قمرين؟” فأجاب بركات ” لأن الأغنية قديمة ولأني سأغنّي جديدي” . لكن هادي وعدد كبير من الصحافيين ظلّوا في حالة ترقّب لردّة فعل بركات الذي أصرّ الا يعلّق بحرف على الشتيمة التي وجّهها اليه فنان العرب محمد عبده مكتفياً بعبارة “محمد عبده كبير والكبير يتحمّل مسؤولية كلامه” والقضاء بيننا…

وصرّح ملحم بركات بذلك حول القضاء لأنه لم يكن قد قرأ بعد مجلّة الجرس التي صدرت صباح الجمعة وهو غادر ليل الخميس ولم يكن قد قرأ الاعتذار الذي قدّمه موّسعاً الفنان الكبير محمد عبده وخصّ به الزميلة مجلّة الجرس ووضّح بأنه قد يكون في الامر التباس في فهم المعنى لأن الحديث جرى على الهاتف مع مجلة زهرة الخليج التي كان قد أجرى الحديث فيها وذكر مثل هذه العبارة (…) ولن أذكرها احتراماً للفنانين الكبيرين ولم يكن الموسيقار قد قرأ بعد الاعتذار ، لذا أصرّ على أن يكون القضاء بينهما . لكن الغريب هو ما حدث ليلة المهرجان حين وقف ملحم بركات على المسرح وحده ونادراً ما يقف على مسرح قرطاج فنان لوحده وقد امتلأ المسرح بعشرة آلاف واطلب من القرّاء الكرام الا يصدقوا اي فنان او صحفي يأتي اليهم ويقول بأن مسرح قرطاج يتّسع لأكثر من سبعة آلاف لكن حين يصل العدد الى عشرة آلاف تكون الدولة ام الجهة المعنية وهي” الحماية المدنية التونسية” تكون قد اتخذت كل التدبيرات والاجراءات لأن تحفظ سلامة الحضور لأن المدرج لا يتّسع لأكثر من سبعة آلاف. وقد حضر الموسيقار عشرة آلاف ، كان يغنّي سلطاناً وملكاً وموسيقاراً وكبيراً يعتّز به هذا الشرق وفوجىء في منتصف المهرجان ان الجمهور يطلب منه باصرار وعناد وكأن هناك جهّة منظّمة تطلب منه ان يغنّي “على بابي واقف قمرين” فاعتذر اول مرّة وثاني مرّة الا ان الجمهور أصرّ على غنائها حتى بدأ بغنائها بنفسه فرضخ هنا الموسيقار وبدأ بغنائها ولكن لم يدخل على مقطع ” اواواواواواوا” فبدأ الجمهور بالغناء والهتاف “اواواواواوا” ،

ارتبك ملحم بركات ودخل على هذه الجملة الموسيقية وأقام الدنيا ولم يقعدها وانهى مهرجانه وحتى اللحظة يقول الشهود في تونس انها المرّة الاجمل والاكثر نضجاً التي يغّني فيها الموسيقار ملحم بركات… حتى الآن لم تنته جولة المفاجآت، في اليوم الثاني كان حفل لأبو مجد على مسرح آخر غير قرطاج وبعد ساعة وربع من الغناء الذي وصفته الصحافة التونسية بالغناء المتماسك والكامل وشبّهوه بـCharles Aznavour وفجأة اعتذر ملحم بركات من الجمهور ومشى متباطئاً خارجاً من المسرح ولأن الجمهور العربي كلّه يعرف ان ملحم بركات يمزح اعتقدوا انه يمزح معهم لكنّه لم يعد فاستمع الجمهور الى ألبوم الموسيقار ملحم بركات فركض الصحافيون وشاهدوا ان الصليب الاحمر قد وصل على الفور وأبو مجد غائب عن الوعي تماماً ولا يتنفّس والمسعفون يمزّقون ثيابه عنه وقد ذهب في غيبوبة كاملة ونقل الى مستشفى لم تصّرح عنها الجهات المسؤولة عن وزارة الثقافة التونسية كي لا يتعّرض ابو مجد لهجمة من الصحافيين وقد تمّ التعتيم على الحادثة الى ان عرفنا الخبر اليوم عند الساعة الثالثة بعد الظهر ان ابو مجد خرج من حالة الخطر وتحدّث عبر الهاتف مع هادي الزعيم أبرز اذاعي في تونس ومازح الصحافيين وقال “لم أمت في تونس واريد ان اموت في بلادي” وبكى المستمعون الذين استمعوا الى ابو مجد عبر الانترنت وكنا عبر الهاتف نستمع اليه وبكينا أيضاً لأن أبو مجد تأثر كثيراً عندما علم بما قاله عنه محمد عبده وكان خلال هذه الفترة قد طلب من طبيبه الخاص ان يعاينه لأكثر من مرّة لأنه كان يتعرّض لخضّات نفسية وعصبية وهو المعروف بشّدة احساسه ورقّته التي يعرضها على الناس والحمدلله ان ملحم بركات تخطّى المرحلة الصعبة وعليه ان يدرك انه موسيقارنا الكبير و اننا نحبّه واننا مستعدّون لأن نموت نيابة عنه فهو نقطة الضوء الوحيدة الباقية لنا في هذا الوطن ولا نريد ان يحزن ام يزعل حتى يموت وتنطفىء الانوار عن لبنان ، فحين تنتهي الموسيقى في أي بلد تنتهي البلد ، لم تبقى روما لم تبقى اية امبراطورية في العالم، بالكاد نعرف من أي بلد هو بتهوفن ام موزارت ام شوبان لكن نعرفهم جيداً من خلال موسيقاهم ونعرف مقطوعاتهم الموسيقية جيّداً وللصحافي الذي أطّل البارحة وبدل ان يعتذر من الموسيقار ملحم بركات لانه وافق على نشر هذه العبارة المذّلة التي اساءت اليه قبل الكبيرين بركات وعبده الذين نشفع لهما بعض الاخطاء والهفوات الا ان هذا الصحافي اصّر بأن يعود ويصبّ الزيت على النار ويخرج بمقالة يؤكّد بها ما قاله محمد عبده وكلمة (…) ان ملحم بركات عسى ان يعينه الله على ان يحيي مهرجان “بنزرت” وان يعود الى لبنان لنستقبله على المطار استقبال الابطال وعليكم ان تتحضّروا لاننا سنعلن ساعة وصوله كي نستقبله جميعاً وعلينا منذ اللحظة ان نفهم قيمة هذا الفنان الكبير ماذا قال مروان خوري الذي سألناه على غفلة منه حول “اواواواوواوا” ؟؟كلنا يدرك ثقافة وذكاء الفنان مروان خوري ، وفي مقابلة في مجّلة الجرس الأسبوع الماضي قال “ليش عم تزركوني بملحم بركات” وبصراحة اعدنا الاتصال به لنكّرر السؤال عليه فأجاب بالحرف ” أووووه هذه اهمّ لحظة موسيقية في تاريخ ملحم بركات ، انها لحظة تجّلي، هو نفسه لا يعرف كيف قالها ” وكرّر مروان خوري ان ملحم بركات ابدع في هذه الجملة الموسيقية ، هي اصفى نقطة فنّية في تاريخه وأضاف :كنت مرّة أجالس أجانباً واستمعوا الى هذه الاغنية فقالوا لي “لحظة لحظة من هذا الذي يغنّي؟” قلت لهم “انه فنان لبناني واسمه ملحم بركات” فأجابوني بالحرف” انه فنان متحّرر موسيقياً وفكرياً واجتماعياً يستطيع ان يقول ما يريد وفي الشرق العربي ليس لديكم شخصيات متحرّرة لذا انتم تراجعتم في الابداع” وأكمل مروان قائلاً :المبدع هو الذي يتحرّر ويخرج عن ذاته ليقول كل ما يريد. فلو ان ملحم بركات يكرّر ما فعله فيبدع كل يوم …عليه ان يظل متحرّراً من نفسه ومنّا جميعاً ” وأضاف “قوّة ملحم بركات انه خارج عن المالوف هو فنان حقيقي لا يفكّر ماذا يقول ولا يفكّر أحياناً كيف يغنّي فدعوا ملحم بركات يغنّي بالطريقة التي يريدها…” واقفلنا الهاتف مع مروان دون ان نقول له يا استاذ انك في الجرس تمنّيت ان تعبّر عن نفسك يعني ان تكون متحرّراً يعني ان تخرج ما فيك الى الخارج وان تعبّر عن نفسك الى الخارج وليس الى الداخل فكنت مثل ملحم بركات وعلى كل حال ، انها مسألة ثقافة سمعية . نحن في لبنان وخصوصاً ملحم بركات الذي يستمع الى الموسيقى الغربية كما الى الأخرى الشرقية القديمة كما الى الحديث فهو يملك ثقافة اجتماعية وحرّية تعبير لا يملكها اي فنان في لبنان ولا في المشرق العربي ولا في الخليج العربي ولا في المغرب العربي ، فالعرب يعانون من مرحلة انحطاط فكري كلنا ندركه لكن هذا الرجل خرج عن كل ما هو سائد ومألوف ، خرج عن الثقافة المالوفة ، هو نفسه لا يعرف انه حين يقول “اواواواواوا” انه يغنّي خارج المألوف ويغنّي الغناء الذي يسمّى باللغة الموسيقية والغنائية بالغناء “الفلتان” ومن يغنّي ويسمع يدرك ما أقصده بالغناء “الفلتان” عد الينا ملحم بركات فنحن بانتظارك والوطن لا يستطيع العيش بدونك وسلامة قلبك وعيونك وكل واو وفاصلة ونقطة فيك …

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com