خاص- كلوديا مرشيليان لبصراحة دفاعًا عن مسلسل “راحوا”: بعض الاقلام تحضّر مقالاتها ورأيها قبل بدء عرض المسلسل
كلوديا مرشيليان كاتبة سيناريو وممثلة لبنانية حازت على عدة جوائز على نصوص مسلسلاتها. هي كاتبة من أكثر الكتّاب اللبنانيين نشاطاً وأعمالاً وما يميز نصوصها أنها من الواقع المُعاش. عشرات الاعمال الناجحة مع أهم شركات الإنتاج وآخر هذه المسلسلات “راحوا” ومن هنا نبدأ حوارنا الشيق معها.
س: مسلسل “راحوا” حقق ارقامًا كبيرة، أخبرينا عن النص بالتحديد كيف انطلقت الفكرة؟ وكيف تعلقين على نجاحه الكبير؟
ج: أولا دعني أوضح وأقول ان هذا المسلسل لم يكتب ليعرض ضمن السباق الدرامي الرمضاني، والدلالة على ذلك أنه يتألف من ستين حلقة وليس ثلاثين. وهذا ما حصل السنة الماضية في مسلسل “بردانة انا” بدأت بعرضه mtv ثم أوقفته من أجل الثورة ثم استكمل عرضه في رمضان. ومن المعروف عندما يُكتب عملاً درامياً مؤلفاً من ستين حلقة يكتب بطريقة تقنية مغايرة عن المسلسل المؤلف من ثلاثين حلقة، فالأحداث مختلفة والحبكة تختلف ومعالجة العمل بروحية ووتيرة أخرى.
أما عن انطلاق فكرة “راحوا”، عادة عندما أرى عملاً إرهابيًا، وما أكثرها هذه الايام عربيًا وغربيًا، واتابع نقل الحدث عبر القنوات التلفزيونية، نرى ضحايا الحدث، دائمَا ما أفكر عن المسؤول عن هذا العمل الإرهابي وكيف يتفاعل مع عمله الارهابي؟ لطالما كانت لدي هذه التساؤلات، من هنا كانت الفكرة ان أجمع الجلاد بالضحية وأكثر، فقد أردت ان يجمعهما الحب، الحب الذي يقتل رأس اكبر إرهابي وأحببت هذه الفكرة. لم يكن المهم هو العمل بحد ذاته، لكن أردت أن اوجه تحية الى الذين ذهبوا ضحية هذا التفجير الإرهابي الذي حصل في تركيا.
س: بتعليق لك كشفتِ أن المسلسل لا يعالج قصص ضحايا الحادث المأساوي الذي حصل في ملهى “رينا” في تركيا، لماذا اوضحت هذه النقطة بالتحديد مع العلم ان كل من شاهد أول حلقة تذكّر هذا الحادث والضحايا واهلهم؟
ج: عندما تم الإعلان عن المسلسل، الكثير من الناس قالوا أن المسلسل هو قصة التفجير في تركيا والضحايا الذين سقطوا، لم أوضح لإعتقادي أن المسلسل سيوضح هذه النقاط، لكن بعد عرض الحلقة الاولى تلقيت إتصالاً من محامية اهالي ضحايا ملهى “رينا” لإستيضاح الامر وبناءً على طلبها، كتبت تغريدة لكي تتوضح الصورة عند الجميع.
س: شقيقة الشهيد الياس ورديني الذي استشهد في تركيا خلال الهجوم الإرهابي شكرتك، كاشفة انها بكت عندما شاهدت أول حلقة لأنها عاشت من خلال نصك نفس السيناريو، ماذا يعني لك هذا الأمر؟
ج: تأثرت جدًا بتغريدتها، وانا من خلال العمل حاولت ان أسلط الضوء على الموضوع وإفساح المجال أمام أسئلة كثيرة لمن يفكر بأن يقوم بنفس الخطوة من عمل إرهابي لكي يجني المال، ليرى ما حصل لشادي في المسلسل وعائلته ولكل عائلات الضحايا.
الدراما لا تجد الحلول لكنها تطرح القصص والمواضيع وتعالجها. والشخص هو من يطرح على نفسه التساؤلات ويحاول إيجاد اجوبة لها. والدراما يمكنها ان تمر مرور الكرام على مليون شخص لكنها قد تؤثر بشخص واحد فقط وهذا ما نريده.
س: على الرغم من ان المسلسل يحقق نجاحًا كبيرًا لكن هناك اصوات ارتفعت وانتقدته، قيل ان هناك ضعف في حبكته الدرامية، ووصل الانتقاد للحوارات والادارة الاخراجية حتى ان الأداء التمثيلي تفاوت وهناك مبالغة به، ما هو ردك؟
ج: الفن هو وجهة نظر وهذا متفق عليه، وليس معادلة 1+1=2، لذا هذه المهنة متعبة والفنان يتعب كثيرًا، وبالوقت نفسه يتلقى المديح والذم، وهذه الوجهة تختلف من شخص لآخر ومن ناقد لآخر ومن حلقة لأخرى، وبعد خبرة 70 عملاً أصبحت أعرف قواعد اللعبة، طبعًا يهمني كثيرًا الرأي والانتقاد ويمكنني ان أعرف إذا كان الرأي مبنياً على حقد غير مبرر أو مجرد شخص أعطى رأيه. هناك بعض الاقلام تحضّر مقالاتها ورأيها قبل بدء عرض المسلسل، فمع الأيام تعلمت أن لا أهتم لهذه الآراء. انا أسمع لمن يقول رأيه بصراحة، نحن اتينا الى هذه الحياة كي نقدّم تجربتنا فكل إنسان هو تجربة على هذه الأرض، وفنيًا انا أقوم بهذه التجربة.
بما يختص “راحوا” أنا مع كل إنسان أن يتكلم عن نفسه، الممثل بيرر أداءه والمخرج يبرر صورته، وانا أستطيع ان اتكلم عن النص فقط، فهذا يخصني، سبق وقلت في بداية المقابلة أن هذا المسلسل ليس رمضانيًا. وإسمح لي في هذه الظروف التي نحن فيها أن أوجه تحية شكر لكل من صوّر وقدّم مسلسلات في رمضان وبغض النظر عن رأي الناس بهذه المسلسلات المتنافسة فممنوع تغييب إي مسلسل، فيجب الحديث عن كل الأعمال، خاصة أن المنتج يقوم بصناعة أعمال من “اللحم الحي” والممثل يعمل في أصعب الظروف الاقتصادية والصحيّة والامنية. الصحافي عليه أن يكون موضوعياً وأن يعطي الحق لأصحابه. ممنوع لأي منتج لبناني اليوم ان يستثمر ماله في البلد وينتج عملاً وألا يتم الحديث عنه بغض النظر اذا احببناه أو لم نحبه. أريد ان ابارك لشركات الانتاج والممثلين ولشاشة “ام تي في” التي اخذت حيزًا كبيرًا من المشاهدات خاصة اننا بوضع استثنائي وصعب جدًا. كما أن علاقتي مع كل شركات الانتاج جيدة جدًا.
س- في ظل هذه الاوضاع التي نمر بها، هل الضغوطات تدفعك للكتابة او العكس؟
ج: منذ سنة حتى الآن، على الصعيد النفسي من أسوأ أيام حياتي، الإنفجار والضحايا، سرقوا “جنى عمرنا”، ازمة كورونا كما خسرت الكثير من الناس لكن ليس لدينا ما نفعله، الوضع صعب جدًا، لذا علينا دعم بعضنا وان لا نحقد على بعضنا البعض، الانتقاد جميل جدًا ولكن بدون حقد غير مبرر.
س: ما هي المراحل التي يتم فيها صنع مسلسل؟ كم هو بحاجة لوقت؟ كيف تنطلق الفكرة؟ كيف يتم التنفيذ؟
ج: الوقت حسب النفسية، الفكرة تخطر على بالي كما اخبرتك عن مسلسل “راحوا”، في الاول آخذ وقتي ثم أطرحها أمام مقربين لي لأرى ردود الافعال وعندما تصبح جاهزة أعرضها على شركات الإنتاج وهكذا ننطلق بالتنفيذ.
س: هل يُطلب منك أن تخيطي أدوارًا على قيامقاس ممثلة أو ممثل معين؟
ج: طبعًا، الكل يعمل على هذا الموضوع، طالما الدور مناسب للكاستينغ فليس لدي أي مشكل مع أي ممثل.
س: ما رأيك بمسلسلي “عشرين عشرين” و “للموت”، هل اعجبك النص أو هل لديك ملاحظات عليهما؟
ج: لا أريد التقييم، أنا أقدم تجربتي وكل شخص يقدّم تجربته، هناك نصوص جميلة جدًا “عشرين عشرين” لنادين جابر وبلال شحادات، و “للموت”. أما المخرج فيليب أسمر الذي سبق واجتمعنا في 20 عملاً دراميًا أحب عمله وقدّم عملين رائعين. كل عمل لديه نكهته الخاصة وشخصياته الرائعة. وانا مع الجرأة في الأعمال وتقديم التجارب. أنا برأيي أن تقدّم نادين نجيم شخصيتين في العمل هذا جرأة منها. وان تقدّم ماغي بوغصن دورًا بعيدًا جدًا عن “ستايلها” هذه جرأة منها ايضاً. والجرأة بحسب رأي أن الفنان يغيّر جلده بالدور.
س: تكتب كلوديا مارشيليان مؤخرًا للممثلة كارين رزقالله الممثلة والكاتبة… هل توافقين على اتهامك بسرقة كارين من الكتابة عمدًا؟
ج: جديد هذا الإتهام، لا احد يأخذ أحدًا من شيء، ولا احد يجبر أحدًا على شيء، كارين تكتب ولديها أعمالها الخاصة.
س: هل ستتكرر تجربة العمل للمرة الثالثة مع نفس فريق مسلسلي “ام البنات” و “ع اسمك” بعد ان نجحتم سويًا في عيد الميلاد وخاصة مع كارين رزقالله؟
ج: بدأت بالعمل مع كارين رزقالله بمسلسل “بردانة انا” بعدما التقينا في إفطار لشركة “إيغل فيلمز” وانطلقت الفكرة من هناك، فأنا لم أكن اعرفها من قبل على الصعيد الشخصي. وبعد “بردانة انا” بدأت المشاريع تجمعنا، في مسلسل “راحوا” أحب المخرج والمنتج نديم مهنا أن تكون البطلة كارين. وبمحطة mtv الاستاذ ميشال المر أراد أن ينتج مسلسلاً لعيد الميلاد وتم ترشيح كارين أيضًا لبطولة العملين “ع إسمك” و “أم البنات”.
س: هل واجهت صعوبة بإعطاء دور لفتاة متلازمة داون في مسلسل “ع اسمك” خاصة ان هناك مشاهد كانت قوية لها كمشهد تعنيف والدها لها؟
ج: غرازييلا طربيه هي فتاة جميلة جدًا وتعرفت عليها في “السيزوبيل” عندما كنت اتردد الى الجمعية مع صديقتي رولا حمادة. وكانت دائمًا تقول لي انها تحب ان تمثل، وانا كتبت هذا الدور لهؤلاء الأشخاص الذين انعم عليهم الرب بمواهب كثيرة، وكنت متأكدة أنها ستقوم بهذا الدور على أكمل وجه.
س: تسلطين الضوء دائمًا بأعمالك على قصص واقعية ومعاناة مثيرة للجدل ومحرمة في الدول العربية منها “الام العزباء” بمسلسل “ع إسمك”، ما الهدف من تسليط الضوء على هذه الرسائل بأعمالك؟
ج: مع كل ما يحصل في لبنان حاليًا، هل هناك من امور محرمة؟ ما هو المحرم، أم عزباء؟ هذه أمور طبيعية تحصل في المجتمع، ان تكون معها أو ضدها أمر، وان تعتبرها محرمة أمر آخر. الموضوع كان مبرر وكانت الشخصية تعاني من رفض من حولها، انا لا أشجع على هذا الموضوع، الدراما لا تفرض رأيها ولا تجد الحلول، الدراما تطرح المشكلة وعندما تطرح المشكلة تصبح نقاشاً بين الناس وعندها نبدأ بإيجاد الحلول لهذه المشكلة.
س: ما هي الشخصية التي تدفعك للوقوف امام الكاميرا؟
ج: أكيد أحب ان أقف من جديد امام الكاميرا ولكن ليس الآن، فالكتابة تأخذ كل وقتي، الكتابة صعبة جدًا ويمكنك أن تسأل رئيسة تحرير موقع “بصراحة” باتريسيا هاشم، هي بدأت بكتابة المسلسلات ونحن بإنتظار عملها، الكاتب لا يرتاح فشخصياته دائمًا في رأسه وأفكاره. في المقابل التمثيل أيضًا مهنة صعبة جدًا، فكل مهنة بحاجة لكل الحياة لتستطيع أن تنجح.
كل الأدوار التي مثلتها أحببتها لكن الدور الأخير الذي قدمته في فيلم “القديسة رفقا” غيّر في حياتي جدًا خاصة بعدما أمضيت وقتًا في الدير وتعلمت من ضعفها القوة ومن سواد عينيها أن أرى النور.