خاص- ماجدة الرومي ومفاجآت من العيار الثقيل في حفل “قصر القبة”

انتهت السيدة ماجدة الرومي من إجراء البروفات الخاصة بالحفل الذي ستحييه في افتتاح “قصر القبة” في القاهرة، مساء غد الجمعة في الثاني من  نيسان/أبريل الجاري وذلك تحت رعاية خاصة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث تعتبر هذه الحفلة هي الأولى في “قصر القبة” بعد ترميمه وتجديده.

وعلمنا أن مفاجآت الحفل المنتظر مساء ليلة الجمعة، غناء الماجدة لأول مرة أغنية للسيدة أم كلثوم بعنوان “على باب مصر” من ألحان محمد عبد الوهاب ومن كلمات كامل الشناوي. وأغنية “احلف بسماها وبترابها” من الحان بليغ حمدي، ونشيد “سواعد من بلادي” الذي نفذه محمد عبد الوهاب. وأغنية “مادام أملي معايا” من كلمات الأخوين الرحباني ومن الحان محمد عبد الوهاب بالاضافة الى غناء الماجدة أغنياتها الخاصة. اما الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نادر عباسي الذي يعتبر من أشهر الموسيقيين.

الحفل سيحضره كبار الشخصيات السياسية والاجتماعية والاعلامية والعسكرية وجمهور ماجدة الرومي التي أجرت مقابلة تلفزيونية في الساعات الماضية في “قصر القبة” مع الاعلامية لميس الحديدي حيث يعتبر هذا اللقاء هو الأول في القصر.

وكانت جريدة الاهرام قد كرّمت الماجدة وهو أول تكريم لفنان عربي وذلك بمناسبة ذكرى 145 سنة على صدور الصحيفة التي أسسها الاخوان اللبنانيان بشارة وسليم تقلا وهما بالأصل من منطقة كفرشيما.

وبهذه المناسبة قدمت جريدة الاهرام للماجدة أول عدد صدر منذ 145 سنة، أيضًا العدد الذي صدر في تاريخ عيد ميلاد الماجدة بالاضافة الى لوحة لها رُسمت بالزيت.

جالت الماجدة بمكاتب جريدة الأهرام وتفقدت كل الصور والأرشيف والمكاتب الخاصة بمحمد حسنين هيكل، كما ألقت الماجدة كلمة مؤثرة جداً بالاحتفال حصل موقع بصراحة على نصها.

أيها الكرام 

شرفٌ لي كبيرٌ أن أقفَ اليومَ على هذا الْمِنْبرِ الـمَهيبِ في جريدةِ “الأهرامِ” العريقةِ، لأقتَبِلَ باعتزازٍ تشريفَكُم بتكريمي، أنتمْ، أركانَ أعرقِ جريدةٍ عربيَّةٍ في شرقِنا العربيِّ،

“الأهرامِ” التي أُجِلُّها وأفتخرُ بأصالةِ بَصمتِها الْمِصْريَّةِ العربيَّةِ، وأحترمُ هيبتَها ووَقارَها ورصانتَها ومِصْداقيَّةَ احترافيَّتِها، ودعمَها، مذُ كانتْ، لكلِّ فنٍّ جميلٍ وكلِّ فكرٍ خلَّاقٍ،وكلِّ حق…

“الأهرامِ” التي ما فتِئَتْ منذُ مئَةٍ وستةٍ وأربعينَ عامًا، تحمِلُ إلينا، كلَّ صباحٍ، الشَّمسَ والياسَمينَ والقهوةَ وأخبارَ العالم، وتُواكِبُنا أنَّى كُنَّا، على دروبِ الحياةِ، حتَّى غدَتْ جليسةَ الأيَّامِ ورفيقَةَ مِشْوارِ العُمْر.

أيُّها الكرام،

عَلاقتي بـ”الأهرامِ” أقدمُ وأغربُ ممَّا قد يتصوَّرُ البعض.

فَجَدُّ أمِّي، الْمِصْرِيَّةِ ، كان محرِّرًا في “الأهرام” قبلَ نحوِ مئةِ عامٍ، اسمُه يوسُف حبيب، وكانَ يعيشُ يومَذاكَ وأُسرَتَه، في مَسْقِطِ رَأْسِه “شبرا”. ومن غَرائِبِ الصُّدَفِ أنَّ مؤسِّسَيِ “الأهرام”، سليم وبشارة تقلا، وُلِدا في البلدةِ التي أنا مِنْها: كَفَرْشيما الْمُطلَّةِ على المتوسِّطِ، المتَّكئةِ على كَتِفِ جَبلِ لبنانَ الأشمِّ، كأميرةِ الحكاياتِ الجميلة.

هكذا عَرَفْتُ بلدتَنا كَفَرْشيما يومَ كانَ لبنانُ الحبيبُ وطنَ السَّلامِ والنُّورِ والعزِّ والبَرَكةِ والخيرِ، ومنارةً ساطعةً للثَّقافةِ والفنونِ الجميلة.

نعم، هكذا  عَرَفْتُ لبنانَ، رغيدَ العيشِ، قبلَ أن يُصيبَنا ما لم نَحْسَبْ له حِسابًا ولا خَطَرَ على بالِ أبشعِ الكوابيس.

ألحرب!!!

حربُ العام ٧٥ الرَّهيبةُ المشبوهةُ المستورَدَةُ على محلِّيَّتِها، المُثقلةُ بأهوالِها وأشباحِ ظلامِها…

التي أتَتْنا من حيثُ لا ندري في ليلةٍ ليلاءَ، 

فافتَرَسَتْنا الواحدَ تلوَ الآخرَ وكرَّتِ السُّبحة، وراحتْ – عامًا بعدَ آخرَ – تَسْرِقُ منَّا مفاتيحَ سيادةِ لبنانَ واستقلالِه، في ظروفٍ، وحدَه اللهُ يعلمُ ما كان مدى خطورتِها وقساوتِها.

لكنَّنا، وعلى الرَّغمِ من عنفِ  كلِّ من خانَ وتَقاتلَ بنا، وبطوائفِنا من داخلِ لبنانَ وخارجِه،  وفي ظلِّ سطوةِ  صُنّاعِ الحروبِ، وبشجاعةٍ لا أعرفُ كيفَ أصفُها لكم، ولا أعرفُ من أين أتَتْنا، أكمَلْنا الطَّريقَ وَسْطَ حقولِ  أَلغامهم   وأزهَرْنا،

في كلِّ مكانٍ أزهَرْنا، بينَ مِتراسَيْنِ، وبينَ دَمْعتَيْنِ، وبَيْنَ مِدْفعَينِ، وبَيْنَ مَلْجَأَيْنِ أزهَرْنا، وتفوَّقْنا وتمايَزْنا، في كلِّ أرضٍ وفي كلِّ مجال… 

وواجهناهُمْ!

 بروحِ الأرضِ التي بَقِيَتْ حَيَّةً نابضةً فينا، بالثَّقافةِ والفنونِ الجميلةِ واجهناهُمْ! وما الثَّقافةُ والفنونُ الجميلةُ سوى روحِ الشُّعوبِ النَّاطِقةِ باسمِ بلدانِها.

وقاتَلْناهُمْ بِالحبِّ، بالصَّلاةِ، بالصُّمودِ بالإيمانِ المطلقِ باللهِ وبلبنانَ، وبدعم  مِصرَ والإِخوةِ العربِ جميعاً وبعضِ الدُّولِ الغربيَّةِ لنا، مشكورينَ، مُحاطينَ بكلِّ الإجلالِ والتَّقدير… 

نَعَمْ قاتَلْناهُمْ بكلِّ مُمكنٍ.

 لكنَّ شرَّهُمْ كانَ لنا بالمرصادِ فأَفْقَرونا في ليلةٍ واحدة! 

وَجَوَّعوا شعبَنا وهجَّروا شبابَنا لإفراغِ الأرضِ.

وأتساءلُ أحيانًا:

لصالحِ مَن هُم يُفرِغونَ الأرضَ كلَّها؟!!!

ثمَّ جاءَ دورُ بيروتَ، فهشَّموا وشوَّهوا وجهَها الجميلَ، لا لسببٍ إلَّا لأنَّها عاصمةُ الحياةِ، فَهوَى مَرْفَأُها العريقُ، وهوَتْ معَه كلُّ قلوبِنا في يومٍ أسودَ، قد يستحيلُ على أيِّ لبنانيٍّ أن يُشفَى من هَوْلِ أحداثِه! 

هذا الانفجارُ الرَّهيبُ الذي -لا ولن- نعرفَ إن كانَ أتانا من الجوِّ! أم من تحتِ الماءِ لشدَّةِ ارتجاجِ الأرضِ تحتَنا! أمْ من برِّ الألغاز! 

رَوَّعَنا، صَدَمَنا، قتَلَنا. 

فكيفَ ستُمَّحى بعدُ من ذاكرتِنا هذه المأساةُ؟ وكيفَ سنتمكَّنُ بعدُ من تخطِّيها… لا أعرف.

لكنَّني أعرفُ أنَّني بعدَ الرَّابعِ من آب/أغسطس ٢٠٢٠ لم أَعُدْ أنا! 

سيادةُ لبنان ولملمةُ دموعِ شعبِه وبلسمةُ جراحِ بيروتَ المنكوبةِ، أضحتْ كلُّها هاجسي الأولَ الآن… عدا ذلك لم أعُدْ معنيَّةً لا بالأخبارِ ولا بالخُطَبِ ولا بالسِّياسةِ، وما عدتُ أنتظرُ من أحدٍ أيَّ عدالةٍ، لأنِّي لم أعُدْ أؤْمِنُ إلَّا بعدالةِ السَّماء، وكلِّي انتظار.

وبعدُ، أيُّها الكرام،

يا سامعي الصَّوتِ!! 

يا أركانَ الإعلامِ الناطقِ باسمِ الهُويَّةِ العربيَّةِ والكرامةِ العربيَّة، أنتمْ تابعتُمْ وتتابِعونَ ما يحدثُ في لبنانَ المنكوبِ، وتتابعونَ بالتأكيد كيفَ تُذبحُ دولُنا الواحدةُ تلْوَ الأُخرى وتتقطَّعُ أوصالُها، لا لسببٍ إلَّا لأنَّنا ضمنَ امتدادِ أرضٍ عربيَّةٍ واحدة تُقاسُ بمقياسِ مصالحِ سياساتِ هذا الكون. لذا لن أنتظرَ ذبحَ باقي الأرضِ العربيَّةِ – لا سمح الله- الأرضِ التى أحبُّها و أنتمي إليها حتَّى أقولَ كلمتي، بل سأقولُها الآنَ في حضورِكُم وأمامَ اللهِ وضَميري، وبالذَّاتِ من أرضِ مِصرَ  الأبيَّةِ البهيَّةِ التي لَطالما دَعَمَتْنا ووقفَتْ إلى جانِبِنا، مصرَ حاضنةِ شعوبِ الدُّنيا والمواهبِ الفنيّةِ  والاقلامِ المبدعةِ المصريَّةِ والعربيَّةِ كلِّها ، وقضايا الحقِّ كلها، بحبٍّ آهٍ كم يُذهِلُ وكم يَشفي! 

كيفَ لا؟ وهِيَ  أمُّ الدنيا التي ما استقبلَتْنا يومًا إلَّا بالأحضان وما دخَلْناها يوماً إلَّا آمِنين…

أيُّها السَّادة 

هاكُمْ كَلِمتي فاستَحْلَفْتُكُم بالله… اسْمعوها: 

صرخَتي هذه اليومَ، هي صرخةُ لبنانَ المنكوبِ وأنينُه. هي استغاثةُ كلِّ لبنانيٍّ شهيدٍ حيٍّ لا صوتَ له سِوانا… 

يسأَلَكم أنتمُ، الإعلامَ الحرَّ، بِقَدْرِ ما يسأَل جامعةَ الدُّولِ العربيَّةِ والمسؤولينَ العربَ جميعًا، ويسأَلُني بِقَدْرِ ما يَسْأَلُ أيضًا كلَّ لبنانيٍّ، وكلٌ من موقعِه باسمِ الله وباسمِ الإنسانِ، أن  نكونَ له صوتًا صارخًا فاعلاً مُدافعًا عن حقوقِهِ المسروقةِ وبلدِه المنكوب…

 بالتأكيد لن نتمكَّنَ من إعادةِ البسمةِ إليه اليوم ولكنْ، يكفي أن نُساندَه الآن كي نعيدَ إليهِ الثِّقةَ بالحياةِ ونمسحَ عن وَجْهِهِ دَمْعَةً، آهِ كمْ تُحرِقُ وكم تَقْسو… إسألوني!!!

من مِنْبرِكُمُ الكريمِ، أعلِنُ تأييدي له حتَّى الموت، فإنْ عِشْتُ فإنَّما له ومَعَه أعيشُ، وإذا مِتُّ فمَعَه في الخَندقِ  ذاتِه أموتُ….

فنموتُ  حُبًّا! 

نموتُ وقوفًا! 

نموتُ ولبنانُنا نحن  تاجٌ على رؤوسِنا، أشرفُ وأطهرُ وأنبلُ من أن يُطال او يُمسّ .

ونبقى إلى الأبدِ، أبناءَ العزَّةِ والكرامةِ، أبناءَ النُّورِ والسَّلامِ والأملِ والهامةِ المرفوعةِ، حُرَّاسَ لبنانَ السِّيادةِ والاستقلال والحريَّةِ، رغماً عنهم،

شاءوا أم أَبَوْا…

هذهِ هيَ كلمتي أمامَكُم أيُّها الكرامُ، فليحتفظْ بها التاريخُ عن لساني، وليعتبرْ منها مّن يريدُ أن يعتبرَ ، ويَعِيَ أبعادَها الخطرةَ من يريدُ، فيتصرّفَ اليومَ اليومَ، وليسَ غدًا، وَفْقَ ضميرِه ووَفْقَ مسؤوليَّتِهِ التَّاريخيَّةِ تجاهنا جميعاً، نحن! الأرضَ العربيّةَ الواحدة…

وختامًا، تفضّلوا، أيُّها السَّادة، 

بقبول بالغِ تأثّري وجزيلِ شكري وامتناني على تكريمِكُمُ الغالي لي، ولْيَدُمْ لنا إعلامُكُمُ الحرُّ ومنبَرُكمُ العريقُ،

وَلْتَعِشْ جريدةُ “الأهرام” سنينَ بعدُ عديدةً لا حدَّ ولا حصرَ لها، بعددِ رملِ البحرِ قُرَّاؤها، وعددِ نجومِ الفلكِ أقلامُها المدافعةُ عن الحقِّ والخيرِ والحياةِ والسَّلام.

ماجدة الرُّومي – عن بيروت المنكوبة في 

23 آذار/مارس 2021

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com