رأي خاص-ان كانت السينما المصرية من زجاج فَلم تُراشِق فيلم حلاة روح بالحجارة؟

بعد أيام قليلة على طرحه في الصالات، هاجم المجلس القومي للطفولة والأمومة في مصر فيلم “حلاوة روح” الذي تؤدي بطولته النجمة اللبنانية هيفا وهبي مع الطفل كريم الأبنودي الذي قام بدور”سيّد” الولد الصغير،إبن القوّاد،الذي يحاول الوقوف بحانب”روح” والذي يقع في غرامها على الرغم من صغر سنّه اذ انه حاول حمايتها من الوقوع فريسة بين يدي والده الذي لا يفكر الا بالمال فجمع أولاد الحارة جميهم كي يدافعوا عنها بأنفسهم ولكنّهم لم ينجحوا في ذلك فعوقبوا على ما فعلوه بالضرب بالعصى. وأشار المجلس إلى أنّ الفيلم يعرّض أخلاق الأطفال وقيمهم للخطر.”

وأصدر المجلس بياناً أعرب فيه عن استيائه من “حلاوة روح”، مؤكداً أنّه يتضمن ألفاظاً ومشاهد تؤثر في قيم الأطفال، فضلاً عن استغلالهم للمشاركة في الفيلم، ما اعتبره المجلس مخالفة لقانون الطفل رقم 126 لسنة 2008. علماً أنّ النص يقضي بحظر السماح للأطفال بدخول الصالات أو مشاهدة ما يعرض فيها إذا كان العرض محظوراً عليهم ما دفع بالقيمين على فيلم “حلاوة روح” على اضافة علامة +18 لمنع من هم دون السنّ من مشاهدة الفيلم.

واعترض المجلس على مشهد الدعاية الذي تظهر فيه هيفا وهي ترتدي فستاناً مثيراً وتلفت الأنظار إلى أن تقف لتخرج سيجارة من حقيبتها، فيتهافت كل من حولها لإشعال السيجارة مع ظهور طفل في المشهد ينظر إليها بلهفة.

اما المغردون المصريون فقد تنوعت اراءهم بين :”‘أكبر خدعة عاملها الشيطان فينا لما فهمنا أن شعب مصر متدين، وفيلم حلاوة روح في أول يوم عرض ليه حقق 3 مليون جنيه”.و”لو فيلم حلاوة روح جاب الايرادات دي فعلا يبقى عليه العوض في المجتمع وفكره واخلاقه إلى عاملة للناس دي قيمة”.

وصراحة كل ما ورد أعلاه شكّل صدمة لنا ولجميع من قرأه على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى بعض المواقع والصحف العربية خاصة المصرية منها ونحن نتساءل هل كل ما يحصل ويقال حقيقي فعلاً ام انه يُخيّل الينا انه حاصل لأن فيلم “حلاوة روح” فيلم اجتماعي بإمتياز يعالج واقعاً حاصلاً في مصر والتحرش او الاغتصاب الجنسي بات في السنوات الاخيرة الشغل الشاغل لكافة الجمعيات التي تعنى بحقوق المرأة وبأمور التحرش الجنسي بها والفيلم جيّر كل امكانات وخبرات الممثلين فيه للاضاءة بجرأة -لا ننفيها ابداً-على هذا الواقع المؤلم وكان لا بدّ من المبالغة ببعض مشاهده لإستفزاز الرأي العام واثارة قلقه حيال ما يحصل في الشارع المصري او العربي.

وكنا لنتوقع اعتراضاً على الفيلم من قبل بعض المجتمعات المتحجّرة والمنغلقة على ذاتها والتي ترفض واقعها المرير وتتستّر عليه ولكن ليس من مصر التي صدّرت الى العالم افلاماً تفوق فيلم “حلاوة روح” جرأة وإثارة وصدّرت ممثلات اشتهرن بالاغواء والاغراء، فكيف تعترض اليوم على فيلم يؤدي رسالة اجتماعية محقّة ابدعت بطلته اي النجمة هيفا وهبي في تجسيد الدور باحتراف كبير .

هند رستم، ماجدة الخطيب، سهير رمزي، شمس البارودي، لبلبة، سما المصري، الهام شاهين، سعاد حسني، يسرا، نجوى فؤاد، شويكار،سوسن بدر، ناديا الجندي وغيرهن، جميعهن لعبن ادواراً جريئة ومثيرة وصورن مشاهد ساخنة ضمن افلام عرضت على كافة الشاشات العربية غير المشفّرة وهي متوفرة ايضاً على موقع “يوتيوب” لكافة زوار الموقع صغاراً وكباراً فهل المشاهد في “حلاوة روح” هي الاولى من نوعها في مصر والوطن العربي؟ وهل هيفا وهبي هي من أثارت هذا الموضوع وشاركت لأول مرة في مشاهد جريئة وخادشة للحياء كما وصفها بعض المتخلفين؟ هل يجوز لنجمات السبعينات ما لا يجوز لنجمات القرن الواحد والعشرين؟ ام لأن هيفا فنانة محرّم عليها تحقيق نجومية سينمائية مطلقة في البلد الذي صدّر السينما الى العالم العربي؟ وهل الاعتراض على مشاركة الطفل كريم الأبنودي في الفيلم يجوز في حين لا يجوز الاعتراض على تمثيل الطفلة سعاد حسني وسواها من الاطفال النجوم الذين بدأوا مسيرتهم في افلام الابيض والاسود؟ الم يخدم دور هذا الطفل العظيم القصة والقضية الاصلية لايصالها بأمانة الى الجمهور العربي؟ اولا يستحق هذا المبدع الصغير ان يفخر به صناع السينما المصرية لما قدّمه من اداء استثنائي خدم القصة وتخطى كل التوقعات؟ الم يكن لدور “سيد” رسالة اجتماعية تستحق غضّ الطرف عن بعض الاتهامات السطحية؟

وكنا لتتفهم هذا الموقف المعترض على الفيلم لو كانت مصر لا تزال ترزح تحت حكم الاخوان المسلمين حيث شهدت على اقسى درجات شد الخناق على الحريات العامة من ضمنها الحرية الفنية ولكن ان تتحدث الصحافة عن جرأة سينمائية في مرحلة ما بعد الاخوان فالامر مستهجن بعض الشيء.

أسئلة كثيرة لا نتوقع ان تلقى اجابات لأن الهدف وراء هذه التهم الموجهة الى منتج الفيلم والى ابطاله جائرة وغير منطقية والاهم انها غير موضوعية ، فمن كان بيته من زجاج يا سادة لا يراشق الناس بالحجارة.

لقراءة تفاصيل تغطية العرض الاول من فيلم حلاوة روح في بيروت اضغط هنا