تغطية خاصة بالصور – اليسا (عطر الليل) في بيروت لامست الاحساس بالاحساس
راكيل عتيق: “متى الكل صاروا يغنوا بصيروا يحبوا” . هذه كانت وصية فخر الدين لعطر الليل ، وبصوت نصري شمس الدين كان البدء.
غنت اليسا لبنان ، وكان اختيار أغنية “عاسمك غنيت” لفيروز ذكياً وصائباً ، إذ من الأغنية الأولى حركت الأحاسيس وأشعلت المسرح . للسنة الثالثة على التوالي ، يمتلئ مسرح مهرجانات بيروت ليلة حفل اليسا ، فلا ترى كرسيا واحدا فارغة.
توجه محبو ومستمعو اليسا من لبنان ومن عدد من الدول العربية إلى واجهة بيروت البحرية ليلة الواحد والعشرين من آب كي يغرفوا ويملأوا . ويغرفوا ويملأوا من بحر أحاسيس يأخذها الموج ويعيدها ، يرميها على شط هنا وينسيها على شط هناك . تتفاوت وتتباين مع الجزر والمد . تتأثر وتتفاعل مع العواصف فتندمج بها تارة وتثور وتنتفض عليها تارة أخرى . تهدأ وتطمئن بتماهيها مع نسمات ليل الربيع وربيع الليل.
تتفاوت مع الفصول والظروف ، تبخل أم تبذل ذاتها بحسب البحارة وحسب “حالة الحب”. إلا أنها لا تجف ولا تزول ، فأي بحر يجف ؟ وأي حدود للاحدود ؟ “كنت دايماً اتمنى تكون هالحفلة بوضع طبيعي ومش تنثبت إنو نحنا عم نحارب بثقافة الحياة ، وهالشباب عم بموتوا تنحنا نعيش من هيك ريع الحفلة راح يكون للجيش اللبناني .”
ويعلو التصفيق وتعلو الأيدي والأهم تعلو الرؤوس شموخاً ، اعتزازاً وفخراً . تغريدات تويتر ، تعليقات الفايسبوك ، الغاء الحفلات غير الناجحة متلطين وراء حجج دعم الجيش والوضع الأمني ، تقديم أغنية وطنية (تعود بربح مادي على المغني) ، أشكال متعددة للتعبير عن التضامن مع الجيش اللبناني ، ولكنها ساقطة ، فاشلة وبلا جدوى . فالجيش يبذل خيرة شبابه كي يمنع حلول وسيطرة الظلام على وطننا ، كي يمنع من يحاول اسكاتنا ومن يريد تغيير وجه وطننا وثقافتنا من لمس حبة تراب من أرض الحرية . فالغاء الحفلات هو دعم لأهل التكفير وليس للجيش إذ يريدون إطفاء شعلة أفراحنا فيا للسذاجة أنطفئها بأيدينا ؟!
من بيروت صرخت اليسا عالياً معلنةً انتصار الجيش فغنت الفرح والسلام والأمان . شربت النخب عالياً فقد انتصر لبنان. أما الدعم فهو كما الأحاسيس حقيقي واضح وصريح ، مباشر موجه من القلب إلى القلب ومن اليد إلى اليد.
غنت اليسا من البومها الجديد ومن ألبوماتها السابقة ، غنت فيروز ، غنت الطرب . هل “نشذت” ؟ هل نسيت كلمات أغنياتها كعادتها ؟ هل تعاملت مع المعجبين بتعالٍ؟ هل استطاعت ان تغني لفيروز؟ إليسا تطرب؟
أسئلة تدور بأذهان الصحفيين والنقاد الحاضرين ، وأسئلة يبثها الحاقدون بسخرية وتهكم . فلنواجه هذه الأسئلة ونرد عليها مباشرةً . “النشاذ” لم يبق منه إلا القليل ، ذاك القليل الموجود عند معظم الفنانين فلنوع الموسيقى عامل فاعل ، للحر ولمكان المسرح عامل فاعل ، لأصوات الجمهور عامل فاعل، وتتعدد وتتنوع العوامل.
أما التعالي ، فهو صحيح ولكنه التعالي عن الثرثرات الصحفية ، التعالي عن العلاقات والصداقات الزائفة ، التعالي عن الرد على معميي العقول والقلوب . فلا تنازل عن المبادئ وعن القناعات ، لا الدينية ، لا الوطنية ولا حتى الحزبية . من يريد ملاقاتها عليه أن يتعلم كيف يرتفع ليصل إليها ، فهي لا تعرف لا الانحناء ولا “درب النزول”.
من ناحية المقارنة مع فيروز ، ف”ياجماعة” كفوا عن مقارنة فيروز بأي أحد فالمعادلة غير صحيحة وغير متوازنة . قارنوا الأحاسيس بالاحاسيس والحب بالحب . أعظم الأصوات غنت لفيروز وسقطت بفراغ التواصل وبانعدام الاحساس . أما اليسا فوازت الاحساس بمستوى مماثل ودخلت إلى عمق العمق ملأت الفراغ “بكمشة” مشاعر ورحلت.
العلاقة مع المعجبين هي وحدها تملك سر نجاحها ومفتاح استمرارها وما نفع الكلام امام الملايين المتزايدة ، وليس الملايين المزيفة . فملأت المسرح بكمية جمهور كبيرة وبنوعية من مشاهير وأصدقاء ومحبين ومستمعين ، أما غيرها من أصحاب الأصوات “اللي بصرخوا” فلم يستطيعوا جذب ربع هذا العدد من الجماهير.
حضر الحفل عدد من الوجوه الاعلامية الفنية والسياسية نذكر منها : السفير البريطاني توم فليتشر (رحبت به اليسا وشكرته لدعمه المتواصل للبنان ) ، الاعلامي نيشان ، الاعلامي جورج صليبي ، الاعلامي زافين ، الاعلامية ريما نجيم ، الاعلامية باتريسيا هاشم، الاعلامي الدكتور جمال فياض، الموزع ناصر الاسعد، الشاعر أحمد ماضي، الكوميدي عادل كرم ، المخرج ناصر فقيه ، المنتج طارق كرم ، المخرجة ميرنا خياط ، الفنانة تانيا قسيس ، ملكة جمال لبنان السابقة رهف عبد الله ، ملكة جمال لبنان السابقة أنابيلا هلال وزوجها الدكتور نادر صعب، الاعلامية ريما نجيم، الممثلة سهى قيقانو، المدير التنفيذي في شركة روتانا هادي حجار وزوجته سالي موسى، الفنان وديع ابي رعد، خبير التجميل بسام فتوح ، المخرج سليم الترك، الدكتور ميشال ضاهر، الاعلامي شادي خليفة، الاعلامي وليد فريجي، مقدمة البرامج يمنى شري.
مع كل أغنية ازداد حماس الحاضرين فتفاعلوا مع اليسا وكم تمنوا مع “لو” وكان “عبالهم” أن يعيشوا “أسعد حالة حب ” . عاسمك غنيت ، حلوة يا بلدي ، حب كل حياتي، عايشالك ، قد الأيام ، خدني معك ، أسعد واحدة ، راجعين يا هوى . “وراجعين” . وكانت الاستراحة مع ال”دي.جي.” “أوساين” ملحن وموزع أغنية “أنا مجنونة “. لتعود وتدخل اليسا بعد الاستراحة على أنغام “أنا مجنونة ” ، ولكن الجمهور هو الذي كان مجنون ومبهور بها بعد اطلالتها بفستان أسود وفضي آسر ، وكم “يليق الأسود بك” ، وتقدم لو ، يا مرايتي ، لوفيي ، عبالي حبيبي ، أول مرة ، حالة حب ، نسم علينا الهوى (كرمال عيون بيروت وعيونكم ) ، لولا الملامة ، مالي.
وكما البدء كذلك الختام “بمجدك احتميت ” رافعةً ومحتميةً بالعلم اللبناني . ومعها وككل سنة و”إلى أبد الآبدين ” سنشرب نخب لبنان عالياً ، فجنود الجيش الباسل يسقوا أرضنا من دمائهم الطاهرة كي نرتوي من كؤوس نبيذ الكرامة والفرح.
من جديد يسألون أطربتكم اليسا ؟ لن تفهموا لغتها يا من تسمعون بأذنان ملوثتان جراء الغسل اللغوي المغلف بالحقد المبرمج . فهي لم تدعي يوماً ما لم تملك وليست بحاجة لأي قدرات إضافية فالله قدم “خلطته ” ، ومن “هاك السهل الواسع ” حيث نشأت وكبرت لم تتعود إلا على رؤية دنيا واسعة كبيرة تتيح لها الفرص . وبذكاء ، بقدرة ، بمثابرة ، باقدام تراكمت الامكانيات فصنعت نجمة نفتخر بأنها من وطننا ، فلم تغير اسمها ولم تخبئ انتماءها الديني أو الحزبي في سبيل النجاح والشهرة . لم تتنازل قيد انملة ونجحت.
أما نحن فنسمع بقلوبنا وليس بآذاننا ، والمتلقي لا يحمل دكتوراه بالموسيقى ، إنه ببساطة “طالب حب” يتدرج على سلم أنغام السعادة “فيحس أو لا يحس ” . أما البارحة فالاحساس الموحد الذي انتشر وتغلغل في نفوس الحاضرين فهو “لو فيي ضم البراءة وبوّسها”.
ملاحظات موقع بصراحة :
تاخر بدء الحفل للساعة العاشرة.
عدم حضور الفنان زياد برجي ملحن أغنية يا مرايتي الذي كان من المتوقع أن يؤديها مع اليسا.
أزياء مبهرة لاليسا فارتدت “jump suit”
من تصميم “ستيلا ماكارتني ” وفستان اسود من تصميم “غوتشي ” .
تم توزيع “أساوير”. I love Lebanonعند بداية الحفل على الحاضرين.
بيع ” gadgets” لاليسا على مدخل المسرح.
كان حفل اليسا الأكثر مبيعا وحضورا ضمن حفلات مهرجان اعياد بيروت.
تصوير: ربيكا عتيق
شاهدوا الصور