تغطية خاصة بالصور – لماذا اختار المخرج فيليب عرقتنجي اولاده لبطولة فيلم ميراث؟
بعد فيلمي “بوسطة” و”تحت القصف” ها هو المخرج فيليب عرقتنجي يطلق فيلم “ميراث” وهو عبارة عن سيرة ذاتية مع ذويه جمع فيه ما بين الارشيف وما عاشه ليكون فيلماً وثائقياً وروائياً جسد من خلاله تاريخ وطن بامتياز.
يتحدث “ميراث” عن مئة عام من حوادث تتكرر حيث يعيد التاريخ نفسه في حلقة مفرغة، انما في أشكال وأشخاص مختلفين حيث بحث “فيليب” في شجرة عائلته فإذا به يكتشف أنّ والده وجدّته وصولاً إلى 7 أجيال سابقة هربوا على الأقل مرة واحدة في حياتهم من حرب عاشوها مستندا على ارشيف وذكريات موجعة خبأها في قلبه ونشرها بغصة في فيلمه.
عاد إلى لبنان عام 2010 بعد ان غادره عام 2006 الى فرنسا مع عائلته هربا من الحرب للمرة الثالثة لتأتي فكرة الفيلم بعد سؤال ابنته له “لماذا تركتم لبنان؟”، فلم يعرف بماذا يجيبها ولكنه ادرك كونه قادم من عالم وثائقي ان قصته جديرة بأن تتحول فيلما، فقرر البحث هذه المرّة ليس في الخارج انما في الداخل ايمانا منه بكسر هذه الحلقة المفرغة، فمن هنا ولدت فكرة فيلم يروي سيرته الذاتية التي تشبه سيرة أشخاص كثيرين في لبنان فعاد ادراجه لتصوير “ميراث”.
في الفصل الأول يذكر “عرقتنجي” أنّه كان يصور عائلته كي يستعمل تلك المَشاهد بعد سنوات طويلة فأدخل زوجته وأولاده في صراعات الحرب وما تولده من مخاوف داخل كل انسان عاشها، خاصة ان عنوان الفيلم “ميراث” اي ماذا ورثنا من أهلنا وأجدادنا وماذا سنورث أطفالنا، مشدداً على فكرة أنّ الماضي سيعود لا محالة إذا لم نواجهه، وأخطاؤه ستتكرر إذا لم نستوعبه، فكان لحرب عام 2006 تأثيرها المباشر عليه اذ كانت بمثابة ضربة كفّ تلقاها، أيقظت فيه كل مخاوفه الكامنة بسبب الحروب التي عاشها ووالده وأجداده فبعد هذه الحرب اصبح ينظر إلى أمور كثيرة بطريقة مختلفة، لذلك لم يجد افضل من مشاركة اولاده في الفيلم كأنسب طريقة لكي تصل الامور كما هي لهم كونه يرى انها لا بد من ان تفيد اولاده نفسياً وتفيده على الصعيد الشخصي.
لتكون الفصول التالية تدور بعمق في ارشيف هذا الوطن “لبنان”، فحبكة الفيلم مربوطة بتسلسل احداث الماضي اي منذ عام 1913، مرورا بعام 1917 الى عام 1921 فالسيتينات والحرب الاهلية عام 1975 الى الثمانينات وصولا الى عام 2013 وما حصل من تطورات انما الخميرة والاسباب نفسها ليكون سر تكرارها متعلق بالجروح العميقة التي لم تعالج فتوارثت في الدماء بين الاجيال فشكلت سيرة واحدة وقصة واحدة هي “الميراث” الذي استطاع من خلاله “فيليب” ان يصنع دواءً علّه يعالج فيه هذه الجروح العميقة التي تبخرت معالمها الخارجية لكنها تنقلت في باطن وذهن كل من عاشها حتى وصلت الى جيل اليوم لهذا السبب برأيه لا تزال المشاكل نفسها منذ الاف السنين.
تقنيا، لا بد من الاشارة انه عمل كامل متكامل، المشهدية تبكيك في آن وتضحكك في آن، الصور موجعة لكنها لا شك تعلّم الكثير، فهو يتضمن مؤثرات صوتية وغرافيكس من الماضي ومشاهد مصورة مع عائلته وكأنه يحكي قصة كل منزل لبناني هاجر هذا البلد وترك قلبه وذكرياته فيه، مستقصدا فتح باب اغلقه الاغلبية من جيله عله يحرك ما في داخلهم ويعودوا الى هذا الوطن من جهة، ويعلم جيل اليوم قيمة هذا الميراث ونتيجته الخطيرة.
وكان لموقع “بصراحة” حديث خاص مع المبدع فيليب عرقتنجي حول “ميراث” حيث عبر عن تفاؤله، معتبرا هذا الفيلم مبادرة منه بغية اخراج اللبنانيين من الحلقة المفرغة خاصة اننا كلبنانيين نتمتع بكل القدرات اللازمة لانتاج فيلم ونشره في كل العالم لنحكي قصتنا ولو انها موجعة الا انها تفيد.
كما اكد ان ثقلا كبيراً ازيل عن كتفه بعد ان عرّف اولاده عن سبب رحيلهم من بلدهم، مشيراً انه استشار اطباء نفسيين قبل مشاركة اولاده التمثيل في الفيلم ولكنهم اقنعوه انها الطريقة الانسب لهم وله خاصة ان الموضوع شكل لديه ككل لبناني من ابناء جيله مخاوف من الحرب وجروح كثيرة التي انتقلت اليه بالميراث من اجداده ليكون السبب الاول والمباشر في تكرار المشاكل نفسها.
ووجه كلمة الى كل اللبنانيين حث فيها على اهمية التعمق في “ميراث” ومشاهدته ليس لانه صاحب الفكرة فحسب انما لانه يعني كل لبناني ويعكس حكاية وطن بكامله وذلك للتوعية من خطورة ما نحن نعيشه اليوم وعدم الرضوخ الى الواقع ومعالجته للتخلص منه والتقدم والابتعاد عن المشاكل والانقسامات التي من شأنها ان تمحي وطن وذاكرته وتاريخه.
وكشف انه قصد تذكير كل لبناني من خلال “ميراث” بقصص الحرب لاعادة لفت الانتباه على خطورة الماضي التي لا تحتوي الا على الحروب وللتنبيه من الحرب القادمة كي لا يعيد التاريخ نفسه، اما حول اختياره الممثل الكوميدي ماريو باسيل لادائه دور تمثيلي صغير في فيلمه رد “عرقتنجي” قائلا: “مشكور ماريو على المشاركة وهو شخصية كوميدية محبوبة في لبنان والمشهدية بحاجة الى شخص مثله ليؤديها كونه بائع اسلحة في الحرب انما بمشهدية مضحكة، لذلك وقع الاختيار عليه حيث ادى دوره بامتياز”.
كما اشار ان الفيلم ليس موجه للبنانيين فقط انما على صعيد الدول العربية لانهم معنيين ايضا بالموضوع أملاً ان ينال اعجاب كل من يشاهده ويصل الى اكبر نسبة ممكنة من الناس .
وشكر عبر منبرنا كل افراد عائلته لمشاركته هذا العمل ومساندتهم له خطوة بخطوة.
نذكر ان فيلم “ميراث” سيبدأ عرضه في 27 من شهر آذار-مارس في كافة صالات السينما اللبنانية.
شاهدوا الصور