رأي خاص- هل تشمل قوانين حماية المرأة من العنف اللفظي او الجسدي محاسبة الفنانين والشعراء الذين يشجّعون عليهما؟

“رزقالله ع ايام زمان” نبدأ بهذه الجملة لنترحّم بداية على الفن ايام زمان، على الكلمة المرهفة الجميلة التي كانت تحرّك مشاعر العشاق وتحملهم الى عالم من الخيال والاحلام الجميلة، الى عالم تحكمه المشاعر على اختلافها فكانت تهزّ كيان المستمع وتقلبه رأساً على عقب. اما اليوم فأصبحت “تهزّ بدنه” وتوتّره وتستفزّه، وبين غرام ايام زمان وغرام آخر زمان فقدت الكلمة الشاعرية هويتها وفقدت سحرها وسرّها وتأثيرها على قلوب وعقول المستمعين الذين للأسف استسلموا لما يقدّم لهم اليوم من عنف لفظي مغنّى يأخذ مجده على هواء الاذاعات والمحطات مقابل ما يعرف “بالدعم” الذي “خرَب بيت” الاغنية العربية وتحديداً اللبنانية ، فبتنا نسمع ما لم نتوقعه يوماً وما لم يخطر على بالنا وهذا ما نعتبره أسوأ مرحلة فنّية يشهدها الذواقة الذين يعانون من مرارة وضراوة الكلام الذي يكتب عشوائياً دون حسيب او رقيب ودون الالتزام بحدود دنيا للّياقة والرقي ضارباً بعرض الحائط الاصول والمبادىء واحترام الذوق العام .

الاستخفاف بالكلام المغنّى ظاهرة تتفشى في الجسم الفنّي في السنوات الاخيرة ولعلّها حكراً على الفنانين الشباب الذين يعتمدون مبدأ “خالف تعرف” للفت الانتباه وتعريف الناس عليهم لاجئين الى الكلام المتوفّر بأبخس الاثمان من شعراء مغمورين او مبتدئين في ظل ألاسعار الخيالية للاغنيات الراقية و”الثقيلة” التي تتضمن كلاماً “عليه القدر والقيمة” فيتبنّوه ويعتمدوه وتساهم بعض الاذاعات الفنية للأسف في الترويج له مقابل دفع مبلغ معين من المال فتلوّث الاغنية الذوق العام وتسمّمه وبعض هذه الاغنيات تتضمن عنفاً لفظياً تجاه المرأة فتتوّجه اليها بأبشع الكلام والنعوت والتهديد. وان أظهرت بعض الدراسات على عيّنة من 300 إمرأة لبنانية عام 2008 أن نسبة اللواتي يخضعن لعنف كلامي هن بنسبة 87% فلا شك في ان الاغنيات الهابطة في السنوات الاخيرة ساهمت في تعزيز هذه النسبة لما تتضمنه هذه الاغنيات من اهانة للمرأة.

وان كانت الجمعيات النسائية تطالب بردع المعتدين على حقوق المرأة ومعاقبة مغتصبي حقوقها فهذه الجمعيات معنية بمحاربة الاغنيات المسيئة الى المرأة والتي تهينها مباشرة لما تشجّع هذه الاغنيات على العنف اما اللفظي اما الجسدي ولن ندخل اليوم في دهاليز التسميات الا اننا نطالب على الفور بايقاف هذه الاغنيات على الهواء ومحاسبة كاتبيها وسنّ قانون يغرّمهم مبلغاً من المال مقابل كل اعتداء على كرامة المرأة لفظاً علّها توقفهم عند حدّهم فلا يتجرأوون بعد اليوم على كتابة أغنيات هابطة تشجع على العنف ضدّ المرأة فهي كيان المجتمع وأحد اهم دعائمه .

في النهاية لا يسعنا الا ان نثني على أهمّ كبار الشعراء اللبنانيين والعرب الذين كرموا المرأة وكافأوها على رسالتها الانسانية السامية في المجتمع العربي والذين ساهموا الى حدّ بعيد بالاعلاء من شأنها وتقديرها وايفائها حقّها ونتمنى ان يكونوا هم الاكثرية غير الصامتة.

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com