رأي خاص- جو معلوف قنبلة موقوتة في وجه الفساد والمفسدين، من يحاربه ومن يحميه؟
منذ زمن طويل لم نسمع الجمهور والمشاهدين يقولون ويتهامسون “الله يحميه” خاصة عندما يتحدثون عن اعلامي وليس عن شخصية سياسية اعتدنا ان تكون مثيرةً للجدل او معرّضة للاغتيال او التصفية الجسدية او المعنوية ، وان يكون الاعلامي بهذه الجرأة وبهذه الذهنية الانتحارية وبهذا الهجوم العنيف على اوكار الدبابير فهذا أمر نادر فعلاً في ايامنا هذه، والاعلاميون الذين رفعوا سقفهم وصوتهم وتحدّوا وواجهوا يكاد عددهم لا يتخطى عدد اصابع اليد الواحدة. وحين تسأل الناس اليوم من هو الاعلامي الاجرأ في البحث في الامور الانسانية والاجتماعية ومتابعتها حتى أخر فاصلة منها والتورط في مخلّفات وعواقب هذه القضايا التي تكون في معظم الاحيان شائكة ومعقدة ومتورّطة فيها جهات امنية وسياسية ومالية ومافياوية كثيرة يجيبونك طبعاً جو معلوف .
جو معلوف اسم برز في الاعلام المسموع عبر اذاعة “جرس سكووب” التي يترأس جو ادارتها قبل ان ينتقل الى المرئي فيُسمع صوته بشكل أوسع ويصل الى شريحة كبيرة من مشاهدي محطة “ام تي في” اللبنانية من خلال برنامج “إنت حرّ”، ولا شك في ان الرأي العام انقسم بين مؤيّد لوجود جو على الشاشة الصغيرة وبين معارض ورافض لوجوده، وذلك ليس بسبب جو نفسه بل لسببين يستحيل ان يكون لهما ثالثاً.
أولاً جو يطّل عبر شاشة “ام تي في” المقرّبة أكثر لجمهور 14 آذار وهذه ليست تهمة انما بطبيعة الحال سيرفض جمهور 8 آذار المحطة وكل البرامج التي تعرض عليها ومن بينها “أنت حرّ” وسواه من البرامج، وهذا أمر منطقي في ظل الانقسام الحاد الحاصل في البلاد مهما قدّم لهم جو من موضوعات او إستمات لحلّها ومهما شقي لمساعدة الناس الذي يعانون من المشاكل الاجتماعية الخانقة، فبعض المتطرفين والمتعصبين لتيّاراتهم وأحزابهم وحتى للأسف لطوائفهم يصمّون آذانهم ويغمضون عيونهم ويرفضون تقبّل الآخر مهما كان مهماً ما يصرّح به ويقوله فبرأيهم مرفوضٌ كل ما يصدر عنه حتى قبل ان يستمعوا اليه.
وهذا تُرجم بوضوح في بعض الصحف اللبنانية التي تنتمي الى تيّارات مناهضة لتيار 14 آذار مع ان جو معلوف وبرنامجه لا يفرّقان بين حالات تابعة لأي فريق او تيّار وهو يهاجم كل المسؤولين المتورطين من أي حزب كانوا ولأي تيار انتموا ، فلا دين ولا مذهب ولا حزب ولا تيار يعترف بالفاسدين والمفسدين، فلمَ لا تعطوا فرصة لأنفسكم وتستمتعوا بما يقدّمه جو كل أسبوع، لأنها مواضيع تعنيكم مباشرة لأنها من صلب المجتمع وهي لا تفرّق بين منطقة وأخرى وبين شارع وآخر، بل تعني آلام الناس والمجتمع بالصميم فهل لوجع هؤلاء دين او تيّار؟
ثانياً لجو معلوف ماضٍ اعلامي هو يعترف انه لا يفتخر به وله خبرة خجولة على محطة سابقة أقفلت منذ زمن ولكنه لا يزال يسكن ذاكرة الجمهور الذي نفر منه في حينه ولم يتلقّفه او يتقبّله، فحمل معه الى الاذاعة ومن ثم الى محطة “ام تي في” وزر التجربة السابقة ولكن ليس من العدل ان نستمر بحكمنا عليه استناداً الى ما انطبع في ذاكرتنا عنه منذ اكثر من خمس سنوات ، فدائماً ما تكون تجاربنا الاولى متعثّرة، والا لمَ نسميها تجربة او محاولة قبل ان نحترف العمل ونعطيه ابعاداً ابداعية كثيرة ومتعددة، فالاهمّ من ماضي جو معلوف هو حاضره ومستقبله نحاسبه فقط عليهما فلا ندينه على ماضيه ونصدر حكمنا المسبق عليه.
يبقى ان نشير الى ان برنامج “انت حر” نافذة حرّة تطّل على سماء الحرية وتصيب الشعب اللبناني في الصميم ولا يمكنكم ان تنكروا جرأة هذا البرنامج وسقفه العالي وعنفه في مواجهة الفساد وصلابته في متابعة كل الامور الشائكة ان احببتم واستلطفتم مقدّمه الاعلامي جو معلوف او لم تحبوه وتستلطفوه، فالهدف الاكبر هو مصلحة الشعب والمجتمع بعيداً عن أي مصلحة شخصية او فردية ، فهذا الشاب يضع بعد كل حلقة “حياتوعلى كفّو” فيخاطر بحياته ويذهب برجليه الى المجهول فقط ليقدّم ما لا يتجرّأ سواه على تقديمه في هذا الزمن الامني والسياسي الرديء والمتفلّت، فأقلّه ان نقف الى جانبه وندعمه بكل ما اوتينا من قوة، ولكن شرط ان يعدنا جو ان يحافظ على سقفه في محطة “ام تي في” وان لا يقبل ان يحيّد مسؤولين من أي تيار كانوا خاصة ان كانوا متورطين في الفساد، حتى لو كانوا محسوبين على المحطة ،فلا يعطي انطباعاً انه يحارب فقط فعاليات 8 آذار فيخسر مصداقيته والهدف الاسمى الذي وجد من اجله هذا البرنامج فيبقى “انت حرّ” لكل اللبنانيين وليس حكراً على فئة معينة منهم او يعتقدون حتى انه كذلك ، فنحن بأمسّ الحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى برامج مماثلة، وهذا البرنامج لن يحقق الكثير بل لن يحقق شيئاً ان لم ندعمه جميعاً كلٌّ في مجاله، علّ صوتنا يصل الى اعلى المرجعيات فيزعجهم صوتنا ويمتثلوا لطلبات هذا الشعب “المعتّر” الرازح تحت اغلال الفقر والظلم والفساد، فبمَ يهمّني الى اي تيار ينتمي جو معلوف او تنتمي محطة “ام تي في” ان كان المطلوب المشترك رفع الغطاء عن كل السياسيين الذين يغضون الطرف عن الفساد ويغطّونه او يشاركون فيه، وان كان الهمّ الاكبر محاربة الجريمة والظلم والاضاءة على المخالفات والسرقات والدفاع عن المغتصبات والقاصرات وايواء المتشردين وتأمين لقمة عيش نظيفة بعيداً عن سموم التلوث والجراثيم ، فعن أي تيار وجهّة سياسية تتحدثون في ظل هذا المشهد الاجتماعي والانساني قاتم السواد؟
جو معلوف قالها لك الجمهور ونقولها لك نحن اليوم “الله يحميك” لانك النقطة الاعلامية الانسانية المضيئة اليوم على شاشاتنا التي تتلهّى في معظم الاوقات ببرامج الفراغ في حين المطلوب اليوم اكثر من اي وقت مضى اعلاماً قادراً يضرب بيد من حديد، لأننا جميعاً نلفظ اليوم أنفاسنا الاخيرة في ظل التسيّب والفساد اللذين نخرا عظام هذا الوطن حتى اهترأ، ونتمنى الاّ تخذلنا يا جو او تخذل المواطنين الذين آمنوا بك وشجعوك وشاركوك شجونهم ودموعهم ووثقوا بك وسلموك حاضرهم ومستقبلهم، ونحن نعلم ان ما تقوم به ربما ليس كافياً لذا انت تحتاج الى دعم كل الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب لتوصل الصوت فالقضية أكبر من برنامج على شاشة واكبر من “وجاهة” وشهرة و”أضواء”، الموضوع انساني اجتماعي بحت وهو يحتاج الى تضافر الجهود لأن “حلنا نتعلّم بهل بلد” ان يداً واحدة لا تصفّق منفردة ، فلم هذا التعنّت والاحكام المسبقة على برنامج مشكور على جهود معدّيه ومقدّمه؟
فكروا مرتين….