شهود يهوه في (أحمر بالخط العريض): قصة التوبة في حبكة تلفزيونية.. وريتا نجمة الحلقة
تحولت الحلقة السابقة من برنامج «أحمر بالخط العريض»، عبر قناة «ال بي سي أي»، حول «شهود يهوه»، الى شاهد حي على إمكانية تناول برنامج «توك شو» موضوعا إشكاليا، بطريقة حيوية وواقعية. بحيث ثبُت بأن نجاح العمل التلفزيوني ليس مرتبطا دائما بتغيير الديكور، أو عصرنة الصورة فقط، أو بحسن اختيار الموضوع المطروح فحسب، وإنما يتوقف بالدرجة الأولى على أسلوب المعالجة.
شكلت ريتا حنا محور الحلقة. الشابة التي جاءت تروي حكاية إيمانها بـ«شهود يهوه» منذ 14 عاما. والتي راحت تدافع بحماسة كبيرة عن معتقدها، وتقول للضيوف المشاركين في الحلقة: «أنتم ضالون… كل الأديان باطلة… الكنسية شيطان، والبابا ممثل الشيطان على الأرض».
لا شك أن في هذه المفردات ما هو نافر، وما يتخطى حدود الجرأة بكثير، ولكنها نجحت في شد أعصاب المشاهد، وفي استمالته لسماع المزيد في آن، حول تجربتها الشخصية، وحول «شهود يهوه»… من هم، ما هي معتقداتهم، وطقوسهم الدينية، ومساحة تواجدهم؟
فاضت ريتا في الشرح، وتحدّت مقدم الحلقة مالك مكتبي والضيوف، وواجهتهم بما ينتظرهم: «ستنشب حرب، سيموت فيها كل الناس الا نحن». ومما قالته أيضا: «لدينا انجيلنا الخاص… كل الناس الى زوال بعد الموت الا نحن، سنعود الى عالم جديد على الأرض». «عددنا ثلاثة آلاف و500 شخص في لبنان… ولدينا مدافن خاصة في منطقة الكورة»…
كان كلام ريتا شبيها بتأثيره «بالصدمات» الكهربائية المتتالية، وهو الذي طال ايضا المسلمين، بقولها: «ما فعله سلمان رشدي بالقرآن الكريم شكّل فرحة بالنسبة لنا»! كاشفة عن رسالة التبشير لدى «شهود يهوه»، التي يستهدفون عبرها أساسا المسلمين لاستقطابهم.
ولكن انتقال الزميل مكتبي الى زينة، لتروي أيضا تجربتها مع «المبشرين» من «شهود يهوه»، وتأثرها بهم، هي وعائلتها، نقل الحلقة الى الجزء الأكثر تشويقا، ومدَّها بخيوط جذب إضافية، فيما كانت على شفير نهايتها!
فجأة، وفي حركة غير متوقعة، خرجت ريتا من دورها التمثيلي، وكشفت عن سلسلة في رقبتها تحمل إشارة الصليب، معلنة عودتها الى الكنيسة منذ سبع سنوات قائلة: «بشكر الله اللي نورني».
إذاً، لم تكن تمارس ريتا سوى «كذبة» شبيهة «بالخدعة السينمائية»، وإنما هي كذبة بيضاء، أراد من خلالها القيمون على البرنامج، الإضاءة على تجربة شخص دخل الى «يهوه» ثم خرج منها، اولا لنقل عالمها من الداخل بأمانة، وثانيا لكشف عوامل النفور التي استدعت الخروج منها. في محاولة «ذكية» لإدانة من «يرفضهم الدين والقانون» بحسب مكتبي.
وفي جو استقطابي، انتقل الحوار لدقائق بين ريتا المنتقلة من «يهوه» الى المسيحية، وزينة المتحولة من المسيحية الى يهوه. في محاولة لإقناع الثانية بالعودة الى الكنيسة.
وهكذا، قامت الحلقة على ما يشبه الحبكة الدرامية، مستفيدة من حسن أداء ريتا وقدرتها على الإقناع في الحالين. فالشابة التي كانت تفتخر بداية بانتمائها الى عائلة «عريقة» في «شهود يهوه» تضم 35 شخصا، تقول لاحقا بأنها تدعو لهم بالهداية، وبأنها خسرت عائلتها، ولكنها ربحت حياتها.
إنها «لعبة» احترافية مارسها البرنامج، وقد تقاطعت عناصر عدة لتوفير النجاح لها. كإعداد تقارير ميدانية لرفع منسوب الإقناع لدى المشاهد، حول زيارات «افتراضية» قامت بها ريتا الى بعض المنازل للتبشير بمعتقدها، بمرافقة كاميرا البرنامج. وهو الدور الذي كانت تمارسه بالفعل منذ سنوات كـ«مبشرة»!
غير أن التلاعب بتواريخ نهاية العالم، والكبت الذي يعيشونه…، ساهم في نفورها منهم، حسب توضيحها.
وهكذا تحول زخم المرافعة عن «يهوه» الى الدفاع عن الدين. الذي دفعت ريتا للعودة اليه ثمنا كبيرا، كتزوير أوراق واتهامها بالجنون، حسب قولها. ولكنه الزخم الذي تحوّل الى ألم، عبرت عنه باكية في الختام، لدى ذكر والدتها التي يحجبها عنها شيوخ «يهوه» باعتبارها مرتدة بنظرهم!
إذن، بعيدا عن التنظير وأساليب التلقين المباشرة، تمكنت الحلقة من تحقيق هدف تثقيفي عن «يهوه»، وآخر تحذيري من الوقوع في فخ «المبشّرين» فيها، من خلال جولات يقومون بها الى المنازل في بعض المناطق اللبنانية، باعتبارها «حركة منظمة، هدفها ضرب الدين للتبشير بمعتقدات الحركة الصهيونية» كما قال بعض المشاركين في الحلقة.
غير أن نقطة ضعف الحلقة تبدت من خلال «برودة» ردة فعل الضيوف وجمهور الاستديو، إزاء «مفاجأة» ريتا في الكشف عن هويتها الجديدة، كابنة للكنيسة. فبدا من حيث الشكل، وكأن ثمة تواطؤا من قبل الجميع، ما أفقد الجزء الأخير من الحلقة عفويته و«حرارته»، مع التنويه بأداء مكتبي، ومشاركة الأب بولس فغالي.
ولكن ريتا كانت بلا شك… «نجمة» الحلقة!
نقلاً عن جريدة السفير اللبنانية، كتبت المقال فاتن قبيسي تاريخ 1 حزيران 2012