زافين قيومجيان يكشف عن مجموعة صور ورسائل نادرة لأم كلثوم
ناقش زافين في برنامجه “سيرة وانفتحت” الاثنين الماضي أدب السيرة الذاتية عند العرب ودور التلفزيون في اعادة الاعتبار إلى القصة الحقيقية والوجه الاخر لكبار النجوم والمشاهير العرب. وطرح زافين خلال الحلقة اسئلة عديدة اختلفت وتنوعت ما بين الادب والقانون والفن والتعريفات الاكاديمية، فناقش الموضوع من الناحية الادبية والفنية مع الكاتب والناقد السينمائي، الاستاذ ابراهيم العريس، ومن الناحية القانونية مع الخبير في مواضيع الملكية الفكرية والسير الذاتية، المحامي شربل غنام. أما من الناحية الفنية فاستضاف كل من: الصحفية هدى قزي من مجلة الشبكة، الصحفية نسرين ظواهرة من دليل النهار الاسبوعي، صاحب ومدير موقع ميوزيك نايشين الفني خالد آغا والصحفي سليمان اصفهاني من مجلة نادين.
من ابرز الاسئلة التي طرحت في هذه الحلقة: ما هي السيرة الذاتية؟ لماذا أدب السيرة الذاتية ضعيف في عالمنا العربي؟ لماذا حين يكتب الادباء سيرهم الذاتية يغلفونها بالروايات والخيال لتخبئة قصصهم الحقيقية؟ كيف ينظر القانون اللبناني الى النزاعات الناشئة عن مسلسلات السير الذاتية ؟.
كما طُرح نقاش حول تغطية اخبار الفنانين بين الخصوصية والرأي العام: أين الخط الفاصل بين نعمة المعرفة ولعنة الشهرة ولعبة التسويق؟ متى ينتهي حق العامة في معرفة الامور الخاصة عن الفنانين؟ وكيف نرى الخط الرفيع بين الشهرة وانعدام الخصوصية؟
كما كشف زافين عن صور ورسائل خاصة غير منشورة لكوكب الشرق أم كلثوم، تعود لفترة مراهقتها واجرى حديثا خاصاً مع صاحب هذه المجموعة .
بدأ زافين الحلقة في رسم الاطار العام للموضوع من الناحية الاكاديمية مع الاستاذة ياسمين نجا التي تحضّر رسالة ماجستير عن السيرة الذاتية عند العرب في العصر الحديث، والتي تحدثت عن مفهوم السيرة الذاتية والغيرية والفرق بينهما. وقالت: “أكاديمياً “البيوغرافيا” تعني “السيرة الذاتية” أو “السيرة الشخصية” أو “سيرة الحياة” التي يكتبها أي شخص عن شخصية مشهورة. أما “الاوتوبيوغرافيا” فهي السيرة التي يدوّنها الانسان عن نفسه، وقد اشتهر كتّاب وادباء كثر في كتابة “السيرة الذاتية” أو “السيرة الغيرية” وهي موجودة اكاديمياً لانها بدأت مع السير النبوية وسير القديسين.
وعرّفت نجا “السيرة الذاتية” بأنها قصة نثرية تتناول حياة شخصية سياسية أو فنية أو ادبية مميزة أو ذات انجازات مهمة في المجتمع. ظهرت في القرن الثامن عشر عند الرومان واليونان وانتقلت فيما بعد الى العرب، أما قبل ذلك فكانت موجودة على شكل ملاحم ادبية وشعرية وكانت تتحدث عن البطولات. وكانت السير الذاتية عند العرب فن تقليدي لا يتم التطرق اليه كثيراً بسبب عدم جرأة الكتّاب العرب في الحديث عن سيرهم الخاصة وكشف تفاصيل دقيقة في حياتهم. وعادة لا يتم اخذ موافقة صاحب السيرة لكتابة قصته، لانه يكون غائباً في اغلب الاحيان.
بعد هذا التعريف، توقّف زافين مع تقرير مصوّر مع الروائي حسن داوود الذي علّق على موضوع السير الذاتية والاسباب التي تجعلها اعلانات سياسية وبطولات وتكريم لاصحابها أكثر منها سير ذاتية حقيقية. وقال: “يعود سبب الخوف من ذكر الوقائع والاحداث الحقيقية في السير الذاتية لمحظورات عدة ابرزها: عائلي، ديني، سياسي وجنسي، اضافة الى مجموعة من الممنوعات الاخرى التي تجعل الكتابة عن السير الذاتية خارجية. ان الروايات التي تصدر في العالم العربي فيها قدر كبير من احساس الفرد بفرديته. وما نلاحظه عادة طرح الكاتب حياته الشخصية من خلال ابطال قصته.”
شاهد داوود على الشاشة الصغيرة مسلسلان عن قصة حياة صديقين له، الاول قصة الرسام الكاريكاتوري الراحل ناجي العلي، والثاني قصة الشاعر الراحل محمود درويش، وقال ان امله خاب من العملين لانه لم يجد فيهما الصديقين اللذين عرفهما. فلا محمود درويش كان شخصاً حالماً كما صوّره المسلسل، ولا ناجي العلي كان كثير الحركة وديناميكياً كما لعب دوره الفنان نور الشريف، ولا حتى الوقائع والاحداث التي طرحت في العملين كانت حقيقية مئة بالمئة.
الكاتب والصحفي ابراهيم العريس أكّد على كلام داوود، لانه هو ايضا كان معاصراً وصديقاً لكل من محمود درويش وناجي العلي وقد استفزته الصورة التي ظهرا بها. وهنا سأل العريس هل اذا كتب الشخص سيرته الذاتية بنفسه ستكون صحيحة؟ مجيباً بنفسه على سؤاله: “بالطبع لا، لانه حتماً سيخفي اشياء كثيرة مثيرة للاهتمام لا يريد البوح بها.”
واضاف العريس: “في الغرب عندما تكتب السير الذاتية تكون اما مسموح بها أو غير مسموح . وانا افضل السير الغير مسموح بها لانها تكون اصدق وبعيدة عن التحريف والتجميل. نحن نقول كل ترجمة من لغة الى لغة خيانة، فكيف بالترجمة من حياة الى حياة ثانية!”. ويضيف العريس: “في الواقع لا احد يستطيع ان يعرف سيرته الحقيقية، ولهذا ارى أن من قدم سيرة “الشحرورة” أو سيرة “محمود درويش” أو “ناجي العلي” أو غيرها كتب عن نفسه بقدر ما كتب عن الاخر. الكتابة هي تعبير عن ذات الكاتب، كما هي تعبير عن ذات المكتوب عنه.” ورأى العريس ان فيلم “ناجي العلي” تافه جداً لانه صوّر بطولات الكاتب والسيناريت ومنتجو الفيلم الذين ارادوا ان يحوّلوا ناجي العلي الى اسطورة مثالية ومقاتل ومناضل واخفوا الجوانب الاخرى من شخصيته.
وتحدّث العريس عن فن كتابة السيرة الذاتية الحقيقية، واعتبر انها غير موجودة لدى العرب إلا عند المتنبي وميخائيل نعيمة وبعض الكتاب القلائل جداً، أما سير ابن سينا وابن خلدون والغزالي فهي نوع من الكتابة الخارجية. وشرح انه في القرن العشرين قلّد بعض الكتاب العرب ادب “جان جاك روسو” لكن بعيدا عن الاعتراف وتعرية الذات، فجاءت سير هؤلاء نوع من الدروس في الاخلاق والوعظ وابراز الحسنات أكثر من ذكر تفاصيل حقيقية عن الذات. واضاف ان السبب وراء ذلك يكمن في خوف المجتمع العربي من الحقيقة اضافة الى الموانع الدينية والاجتماعية .
وعن دور التلفزيون بإعادة الاعتبار للقصة الحقيقية للمشاهير والنجوم، قال العريس ان التلفزيون يعيد الاعتبار للقصة وايضا يعيد الاعتبار للموانع “التابو”. واضاف ان كل مسلسل سيرة ذاتية قدم في التلفزيون فيه الكثير من التنازلات لدرجة اخفاء حقيقة الانسان خلف الفنان. التلفزيون فتح على نوع ادبي جديد، إلا انه سكّر على مقدار ترجمة حياة الشخصية بشكل حقيقي وصادق. وختم قائلا: “احببت مسلسلي “ام كلثوم ” و”اسمهان” وغيرهما الا انني لم ارى فيهم القصة الحقيقية للشخصية المتناولة.”
واستضاف زافين في الحلقة ايضا، المحامي بالاستئناف شربل غنّام الذي شرح الوجهة القانونية لكتابة السير الذاتية والنزاعات بشأنها. وقال ان هناك مشكلتان في هذا الموضوع ، الاولى تتمثل بالاعتراضات التي تأتي من قبل الاشخاص الذين يحيطون بالشخصية المتناولة، والثانية الاعتراض الذي يتقدم بها صاحب السيرة عندما لا يكون موافقا عليها.
وقال غنّام انه لا يوجد نص صريح في القانون اللبناني يلحظ هذه المشاكل، الا هناك نصوص تمنع التعرض للحياة الخاصة والضرر بها. واضاف ان القانون لا يمنع احداً من كتابة السيرة الذاتية لاي كان، الا انه يضع ضوابط ابرزها عدم المس بكرامة الشخصية وعدم التجريح والقدح والذم بها. “ان القضاء ينظر في النزاعات من مبدأ حماية الحياة الخاصة ويفرّق ما بين حياة المشاهير وحياة الاشخاص العاديين، لكنه في نفس الوقت يعطي الحرية للصحافة والاعلام والادب بحدود معينة منصوص عليها في قانون المطبوعات والصحف .”
وعن الجانب الفني للسيرة الذاتية ناقش زافين هذا الموضوع مع ضيوفه الصحفيين. فقالت هدى قزي انها ليست ضد كتابة او تصوير السير الذاتية شرط ان تكون بموافقة صاحبها، واستغربت سعي العرب الدائم لكتابة السيرة الذاتية المثالية، فكل انسان معرّض للخطأ والفشل، ولا ضرر بعرض حقيقة الامور طالما ان صاحب العلاقة موافق.
أما نسرين ظواهرة فقالت انها انها لم تعد تصدق اي سيرة ذاتية بعد الذي شاهدته من خلال مسلسلات السير الذاتية التي عرضت مؤخرا، فما حصل شكك الناس بالقصة ومقدميها.
ورأى سليمان اصفهاني انه لم يعد يستطيع ان يثق بأي مخرج او منتج او كاتب سيرة ذاتية، ووافق خالد آغا على كلام زميله اصفهاني مضيفا ان الفنان يعيش جزءا كبيرا من حياته في اللهو والمجون والمشاكل وهذا ما لم نراه في اي من المسلسلات التي تناولت السير الذاتية. وأضاف ان الكاتب او المخرج يُظهر الشخصية بقالب مقدس بعيد عن الاخطاء والمشاكل فيما الحقيقية غير ذلك تماما.
اما مفاجأة الحلقة فكانت عرض صور ورسائل نادر لأم كلثوم، تعرّفنا من خلالها على أم كلثوم المراهقة والشابة.
عن هذه الصور تحدّث عبر السكايب السيد اكرم ريحان الذي شرح كيفية حصوله عليها وقارئا رسائل كتبت بخط يد أم كلثوم.
وبما ان الحديث عن الفن وخاصة عن أم كلثوم يطول دائما، أعطى زافين موعداً للسيد اكرم ريحان الاسبوع المقبل لاستكمال عرض الصور النادرة التي نكتشف من خلالها ام كلثوم جديدة .
برنامج سيرة وانفتحت
إعداد وتقديم زافين قيومجيان
يعرض الاثنين 9:30 ليلا بتوقيت بيروت والمملكة العربية السعودية