رأي خاص- قطبة مخفيّة ناقصة تحول دون تفوّق مسلسل (باب ادريس) على مسلسلات رمضان الأخرى وعذراً كلوديا مارشليان
يستمر مسلسل “باب ادريس” الذي يعرض على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال lbc باستقطاب أكبر عدد من المشاهدين ، ولا ننكر ان معظم هؤلاء المشاهدين من مشجّعي الدراما اللبنانية ، الذين وبالرغم من المنافسة المحتدمة بين المسلسلات الرمضانية المصرية والسورية يتقصّد يومياً ان يشاهد مسلسل “باب ادريس” الذي يتحدّث عن فترة الانتداب الفرنسي للبنان وعن نضال الثوّار وتفاصيل حياتهم اليومية .
لا شك في ان المسلسل ضمّ خيرة ممثلي الدراما اللبنانية ووجوهاً محبّبة جداً لدى اللبنانيين وهذا ساهم وساعد الى حدّ بعيد بالتسويق للمسلسل. فيوسف الخال، كارلوس عازار، بيتر سمعان، يوسف حدّاد، مجدي مشموشي ،نادين نسيب نجيم جويل داغر وديامان بو عبود وتقلا شمعون ونغم ابو شديد، هم من أهم ممثلي الدراما اللبنانية، وجمعهم في مسلسل واحد كان ضرباً موفقاً جداً خاصة وان المسلسل يعرض خلال شهر رمضان المبارك، فكان لا بدّ من زجّ بعض الاعمال اللبنانية في اتون المسلسلات الرمضانية، لكي تجرّب الدراما اللبنانية حظّها في المنافسة.. ونعتقد انها نجحت.
ولكن وقبل ان نبدي رأينا بالممثلين المشاركين، لا بدّ في ان نبدي رأينا بالمسلسل ككّل. وهنا نستأذن من الكاتبة كلوديا مارشليان التي نحبّ ونقدّر كثيراً في موقع “بصراحة” ، فنحن كنا نتمنى ان يكون للمسلسل ثقلاً أكبر من حيث القصة والسيناريو والاحداث، وهو مسلسل يصلح للعرض خلال الاشهر العادية من السنة وليس في شهر رمضان المبارك، حيث يكشّر أكبر المنتجين عن انيابهم ويكشفوا لنا عن عضلاتهم ويستعينون بأهم الاسماء على الساحة الدرامية ، فمسلسل “باب ادريس” قليل الاحداث وبطيء جداً، وهو من الصنف الذي نتوّقع نهايته سلفاً ولا يستفّزنا كمشاهدين ولا يستفّز حواسنا ، فنحن كنا نتمنى ان تكون قصّته متشعبّة ومعقدّة وكثيرة الاحداث ، تنطوي على قُطب مخفية تشعر المشاهد ببعض الاثارة وشغف الانتظار، الا ان المسلسل “بارد” بعض الشيء ، فبعض الرتابة في الاحداث تجبرنا على استعمال الريموت كونترولر والبحث عن مسلسلات شيّقة أكثر على محطات أخرى.
وبالعودة الى الممثلين ، لا شك في ان كل ممثل من الممثلين المشاركين هو بطل المسلسل لبراعة كل واحد فيهم في تأدية دوره بشكل محترف وممتاز ولا شك في ان الممثل اللبناني هو بطل حقيقي في ظل كل الظروف التي تمّر بها الدراما اللبنانية ومشكور على كل ما يقدّمه باحتراف كبير وبمحبّة أكبر ونحن فخورون بهم وسنستمر بدعمهم لانهم يستحقون ذلك.
خروج بيتر سمعان أي الكومندون الفرنسي ” تييري” من المسلسل في منتصفه كان منطقياً ولكن كان باكراً بعض الشيء، لان مشاركة بيتر عادة تضيف نكهة خاصة الى اي مسلسل يشارك فيه، فلبيتر كاريزما خاصة وحضور محبّب ولو ان الكومندون شخصية منفِّرة ومجنونة ولكن قويّة وصاخبة كان يحتاجها المسلسل أكثر بعد، لكسر جدار الرتابة . وهنا ننوه بالدور الذي لعبه بيتر سمعان والذي ابدع في رسمه وتأديته فكان حقيقياً ومقنعاً.
أما يوسف الخال الذي لعب دور “راشد” في المسلسل فلا شك انه تفوّق على نفسه كالعادة فيوسف لا يرضى بانصاف الحلول و”هوي بروح للآخر” بكل ما يقوم به فيشارك باندفاع شديد وحماسة لافتة وبجدّية متناهية، فلا مزاح مع يوسف الخال فيما يتعلّق بأدواره وهو يعيش الحالة بكل ابعادها،ولكننا فعلاً نفتقد الى أحاديث قيمة في المسلسل ، حوارات تجعلك تفكّر وتحلّل وتتفاعل وهذا لم يحصل ، واقتصرت الحوارات على بعض الجمل المختصرة والخاطفة . لم نسمع يوسف الخال كثيراً في المسلسل ولو انه هارب في معظم الاحيان ولكن اين خطابات الثوار القيّمة ، تلك التي تحرّك وطنيتنا وتستفزّها والتي تؤنّب ضمائرنا وتجعلنا نعيد حساباتنا ونحاسب انفسنا؟؟ كان من الممكن استغلال احداث هذا المسلسل لتوجيه رسائل كثيرة لأي مواطن عربي في ظلّ كل الاحداث الحاصلة وكانت فرصة ذهبية لكلوديا مارشيليان لتعيد بعض الامل لشبابنا العربي وتحثّه على الثورة في وجه الظلم والاستعباد ولكنها لم تفعل مباشرة …
اما يوسف حداد ، فلا شك انه البارع دوماً في تأدية كل الادوار وكما نقول باللبناني “كيف ما تزتّوا بيجي واقف” ، فهو يذوب في ادواره لدرجة انك تضيّع يوسف حداد وتغوص في الشخصية الجديدة التي يجسّدها وشخصية “زكريا” قريبة جداً من القلب لانها رومنسية ، محبّة وحنونة وقد ضحّى كثيراً من أجل حبّه والمرأة التي يحّب، ففاز بعطف المشاهد الذي تفاعل معه كثيراً.
اما كارلوس عازار فلعب في هذا المسلسل دوراً صعباً ومركبّاً ويعالج وضعاً انسانياً صعباً للغاية يحتاج الى قدرات تمثيلية كبيرة لكي تصدّق معاناته وهذا الضياع الذي يعيشه جراء بحثه عن هويّته الحقيقية وانتمائه المتأرجح بين الاختياري و المفروض ، فكان كارلوس على مستوى الثقة التي اعطيت له للعب هذا الدور وكان الرجل المناسب في الدور المناسب ، ونتوّقع ان تتبلور هذه الشخصية أكثر في الحلقات المتبقية، فنواكب تطوّرها وكيف سينتهي بها الامر بعد ان تختار هويتها وتقرّر مصيرها. اثبت كارلوس عازار مرة اخرى انه رقم صعب على الساحة التمثيلية وهو يثبّت خطواته أكثر فأكثر، يوماً بعد يوم، ليحافظ على مكانه الثابت في الصفوف الامامية.
اما مجدي مشموشي فهو “بركة” كل المسلسلات وهذا الممثل القدير يضيف الكثير على اي مسلسل يشارك فيه وهو من جيل الممثلين المبدعين في لبنان وخبرته الطويلة تعزز دائماً مكانته في اي مسلسل يشارك فيه ، مهما كان حجم الدور الذي يلعبه ، لانه ببساطة يضيف كثيراً للدور والمسلسل ويعطيهما قيمة أكبر ، فمجدي مشموشي من الاسماء الكبيرة التي ترفع من شأن اي عمل تشارك فيه ، لانه مثال الممثل المحترف والمبدع الذي يحتذى به وهو شرف كبير للدراما اللبنانية التي تكبر بأمثاله.
اما البطولات النسائية في “باب ادريس” فنترك مناقشتها في مقالات لاحقة.
يتبع….