زاوية القراء- الموت حياة لطالبيها
هبّت رياح الخوف من نافذتي، رفرفت ستائر غرفتي أغضبت الساعة، سَقطت، تحطّمت، اوقفت عقاربها الزمن لحظة لفظتَ آهات الالم في مجاهل الغربة ومتَّ غدراَ . اعتقدت ان الموت نهاية، تنتفي الاحاسيس مع غياب الجسد، ينسحب
الامل لجلالة التعاسة.
اليوم، فهمت الموت، يدّمر الذات تعود تستقوي على قدرية ومشيئة الحياة، الموت يفتّت الجسد، يمحو الملامح يحيلها الى التراب فيزهر الحبيب وردة او يعاقب ينبت شوكة او ربما سنديانة اما الروح لا يقوى عليها الموت ترفرف الى مسكنها
الابدي لها فسيح فضاء السماوات.
الموت صاعقة ترديك شتات انسان، مبتور النفس، تائه، مفكّك تبحث عن نصفك لتسير قدماَ، تنظره من حولك، تحاول استلقاطه، مهاتفته خارج نطاق الخدمة تعاود الكرّة تجيبك نبرة صوت آخر، تقفل تبكي تحطّم كل الاشياء، تلجأ الى غرفته
علّك تعثر عليه يستريح هناك، تناديه، ترفع البطانية، تحدّق تحت السرير ووراء الباب علّه يلاعبك الغميضة كعادته، تبتعد تجلب طبقه المفضّل و القهوة وتعود تغريه، تتعرّى تغلّ في فراشه، تردّد كلمات تدلّعه …لا يجيب، تصرخ تنادي اشتاقك يردد صوتك الصدى …تلمحه ها هو يبتسم، يغويني، ما اجمل صوره، وما اعمق عذابي أعلقّ كل يوم آمالي مشاهد ملونة داخل اطارات على جداري اهندس مشوار ذكرياتي ارتب حزمة اشرطة تختزن صخب الليالي.
الموت، ما اصعب الموت، سارق، مجرم، مريض نفسي يسلخ الاحباء عن بعضهم، يسلب الفرح و يزرع الدموع وشماَ في العيون…ترضخ لواقع الفراق، تحضن كتفيك بيديك وتتأرجح في حركة مستمرة، تشحذ الصبر والسلوان، تهاب الجنون تراه
هنا و في ارجاء البيت في حنايا الحديقة و في كل مكان …تصلّي تطلب له الرحمة الالهية… تتسلل الى غرفته تستكين، تعانق ملابسه ترتديها، ترشّ عطره تستحضره تراقص طيفه، تتعثر ترتطم بالحقيقة تضيق انفاسك تخرج الى الشرفة، تقرأ كتبه، تكتب حكاية عشقك والحنين على ضوء قمر مكتمل وباقة نجوم، تلفتك واحدة مشعة، تغمزك، تهبط تقبّل وجنتيك وتعلو ببطئ ترافق رحلة الغيوم …اكان هو؟ ايساهرني؟ ام ان هلوسة البعد ولوعة الشوق سرقت عقلي؟ ام اني متّ ولم
ادرك؟ امسكت قلمي و خطّيت بالخط الكبير: الموت يخلق منك انساناَ مختلفاً، يهديك حياة جديدة، تدفن امسك مع جثة الغالي يدخل هو حياتاً ابدية، تُسكنه الذاكرة وتبني لك خططاً وجسوراَ في مسرح الحياة الفانية تعبّد الطريق التي تودي بك، حين يأتي خاطف الارواح الى اللامعلوم اين مكانه هناك حيث يرقد الحبيب.
ميريلا الصحيح