تغطية خاصة- ميشال فاضل كما لم تروه من قبل… اعترافات عن العائلة، الفنّ والخسارة

في هذه الحلقة الخاصّة، يفتح الفنّان والملحّن اللبنانيّ ميشال فاضل قلبه أمام الجمهور، مستعرضًا رحلته الفنّيّة والشّخصيّة منذ طفولته حتى يومه هذا. تحدّث عن أسرار بداياته في الموسيقى، وعن تجاربه مع الشّهرة وحبّه للحياة ولعائلته وعلاقته بأبنتَيه، وصعوبات حياته على المسرح وخلف الكواليس، مع لمحة عن فلسفته في الفنّ والحياة، وكيف ساهمت هذه التّجارب في تشكيل شخصيّته المتميّزة.

استهلّ ميشال فاضل حديثه مع ريان حايك ضمن برنامجه “بيناتنا”، بالحديث عن طفولته في بيئة عائليّة دافئة، إذ  كان والداه يمثّلان له نموذج الحبّ والانضباط. وصف والدته بأنّها الحاضنة الأولى والأكثر حرصًا على الأسرة، بينما كان والده صارمًا لكنّه مُلهم، إذ تعلم منه الالتزام والانضباط، وهو ما شكل شخصيّته الفنّيّة في ما بعد. حتى طفولته كانت مفعمة بالموسيقى، فقد كان يعزف على البيانو منذ الصّغر، ويشارك في المسابقات الموسيقيّة المحلّيّة، ليصبح معروفًا بين أقرانه في لبنان.

روى ميشال لحظات طفوليّة مضحكة ومؤثّرة، مثل محاولاته الأولى على البيانو، وكيف كان والده يشجعه على التّكرار والصّبر، حتّى لو أخطأ. كما تحدّث عن مغامراته الطّفوليّة مع أشقّائه وأصدقائه، وعن رحلات الصّيف الّتي كان يقضيها مع العائلة في الطّبيعة بعيدًا عن وسائل التّواصل والهواتف، إذ تعلم الاستمتاع باللحظات البسيطة وعيش الحياة بتلقائيّة.

بعدها، انتقل ميشال للحديث عن فترة دراسته في فرنسا، حيث عاش خمس سنوات مفعمة بالتّحدّيات والتّجارب الجديدة، وهو ما ساعده على صقل مهاراته الموسيقيّة. رغم بعده عن الوطن، بقيت الرّوابط العائليّة قويّة، مؤكّدًا أنّ كلّ تجربة في حياته شكلّت جزءًا من شخصيّته اليوم.

تحدّث ميشال عن دخوله إلى عالم الشّهرة من خلال مشاركته في “ستار أكاديمي”، وكيف كان حظّه وحسن اختياره للمشاريع بمثابة مفتاح النّجاح، رغم أنّ البداية لم تكن سهلة، إذ واجه تحدّيات الإنتاج والإعلام، لكنّه تمكن من التّعامل معها بشجاعة وإبداع. وأوضح أنّه بالرّغم من الانشغال بالعمل، فإنّه دائمًا ما يسعى للحفاظ على صداقاته وعلاقاته الشّخصيّة، معتبرًا أنّ الدّعم العاطفيّ والاجتماعيّ هو أساس الاستمراريّة.

ولم يغفل ميشال عن حياته الأسرية، فهو أب لابنتَين، يحرص على تربيتهما بالحبّ والحريّة، مع غرس قيم الانضباط والاحترام. تحدّث عن علاقته بزوجته، مبرزًا ذكاءها وقدرتها على إدارة شؤون المنزل والأولاد، وكيف أنّ دورها الأساسيّ في حياته لا يقلّ أهميّة عن عمله الفنّيّ. كما شارك ابنتيه تفاصيل يوميّاته، من السّفر والأنشطة العائليّة، إلى اللعب معهما ومراقبة نموّهما، مؤكّدًا أنّ هذه اللحظات تمنحه السّعادة الحقيقيّة.

تطرّق ميشال أيضًا إلى فلسفته في الحياة، مؤكّدًا أنّ السلام الدّاخلي هو الأهمّ، وأن الحبّ والموسيقى هما مفتاح السّعادة. وبيّن أنّ الفنّ بالنّسبة له ليس مجرّد مهنة، بل حياة كاملة، وأنّ الموسيقى جزء لا يتجزّأ من كيانه اليوميّ. وأضاف أنّه يسعى دائمًا لإنتاج أعمال فنّيّة تعبّر عن قلبه وروحه، بعيدًا عن ضغط الشّهرة والمجتمع، مع الحفاظ على قيمه وأصالته.

في ما يخصّ صعوبات الحياة، استحضر ميشال مواقف مؤلمة مثل فقدان أصدقائه المقرّبين، وكيف أنّ هذه التّجارب علمته الصّبر والتّحمّل.

تحدّث ميشال فاضل بحرقة عن خسارته صديقه الأقرب الدّكتور وليد مصطفى الّذي وصفه بأنّه “أطيب رجل في العالم”. وأشار إلى أنّ علاقتهما كانت أعمق من مجرّد صداقة، قائلًا إنّ مصر أحبّها من خلاله، وإنّه كان السبب وراء ارتباطه المهنيّ والعاطفيّ بهذا البلد.

وكشف فاضل أنّه قبل صعوده على المسرح في دبي بنصف ساعة فقط، تلقّى خبر وفاة وليد، وهي الصّدمة الّتي وصفها بـ“الضربة الأقسى في حياته”. ورغم الانهيار الدّاخليّ الّذي أصابه، اضطرّ إلى إكمال الحفل احترامًا للجمهور والتزامًا بعمله، مشدّدًا على أنّه لا يعرف حتى كيف استطاع مواجهة تلك السّاعة على المسرح.

وأضاف أنّه لم يتمكّن من حضور الجنازة، لأنّ الدّفن كان سريعًا، والطّائرة الأولى الّتي تمكن من اللحاق بها كانت قد وصلت بعد انتهاء المراسم، معتبرًا أنّ القدر ربما لم يشأ له أن يراه في تلك اللحظة القاسية.

وتابع بحزن أنّه ما زال يسمع رسائله الصّوتيّة، وأنّ غيابه ترك في قلبه جرحًا كبيرًا، قبل أن يختم قائلًا إنّ “الحياة لا تساوي شيئًا أمام لحظة غياب مفاجئة… كلّ شيء يذهب بثانية”.

كما كشف عن الضّغوط الماليّة والإداريّة الّتي يواجهها في إدارة أعماله الفنّيّة، مؤكّدًا أنّه رغم كلّ شيء، يفضل الاستمرار في الإبداع والموسيقى بدلًا من أن يتنازل عن شغفه.

أما عن الموسيقى نفسها، فقد وصف ميشال أعماله بأنّها انعكاس لحياته، وأنّه حين يعزف على المسرح ينسى كلّ ما حوله، ويكرّس نفسه لكل من يفهم الموسيقى، سواء كان جمهورًا صغيرًا أو كبيرًا. وأوضح أنّه لا يسعى للظهور أمام الأعداد فقط، بل يريد أن يشعر كلّ من يسمع أعماله بالصّدق والإحساس.

تحدّث ميشال فاضل عن طموحه الفنّيّ، مؤكّدًا أنّ غايته الكبرى هي أن تصل موسيقاه إلى كلّ العالم، وأن يسمعها كل من يقدّر قيمة الموسيقى الحقيقية.

وتوقّف ميشال فاضل عند مفاهيم يعتبرها ركائز في حياته، فاختصر الإيمان بكلمة واحدة: الأمان. أما الحياة فهي الحبّ، فعبّر عنه بأنّه حياته، الجزء الّذي يمنحه معنى ودفئًا واندفاعًا للاستمرار. وحين سُئل عن مستقبله بعد عشر سنوات، قال إنه يرى نفسه يقدّم ستّ حفلات موسيقيّة فقط في السّنة، على مسارح حقيقية مع ثلاثة أو أربعة مغنّين من مستوى عالميّ، مؤكّدًا أنّ النوعيّة أهمّ بالنّسبة إليه من الكم.

وأضاف أنّه بعد عمر طويل يتمنّى أن يجد نفسه في بيتٍ جبلي تحيط به الطّبيعة، مع أرض يعتني بها وبيانو يقف في وسط الحقل، وحوله الدّجاج، في حياة بسيطة وهادئة تشبه روحه أكثر ممّا تشبه صخب المدن. وأشار إلى أنّ هذا الحلم لا ينتظر السّنوات، بل قد يحقّقه قريبًا لأنّه يشعر بانتماء عميق للأرض وللبنان.

تمثّل المقابلة شخصيّة ميشال فاضل الصّادقة والعفويّة، فهو لا يخشى الكشف عن تفاصيل حياته الشّخصيّة والفنّيّة، ويشارك ذكرياته الصّغيرة والكبيرة بحبّ ودفء. يظهر ميشال كفنّان متفانٍ، عاشق للحياة والموسيقى، يجمع بين الشّغف بالعمل الفنّيّ والحنان العائليّ. صراحته وروحه المرحة تجعلان الجمهور يقترب منه ويشعر بأنّه يروي قصصه دون تصنّع، مع قدرة فائقة على تحويل التجارب الصعبة إلى دروس وعبر. ذكرياته عن الطفولة، عن والديه، عن أولاده، وعن رحلاته الفنّيّة، كلّها تجعل منه شخصيّة متكاملة، تجمع بين الأصالة والموهبة، بين الحياة البسيطة وحب الفن والموسيقى.

مقالات متعلقة

Back to top button

Adblock Detected

Please disable ads blocker to access bisara7a.com