عرض مقاطع من افلام ممنوعة اثارت الجدل في لبنان والعالم في سيرة وانفتحت
بمناسبة “مهرجان الأفلام الممنوعة” وقبل أيام من افتتاحه انفرد برنامج “سيرة وانفتحت” الاثنين الماضي بعرض أول لمقاطع من أفلام لبنانية وعالمية ممنوعة أثارت الجدل في السنوات الأخيرة. خصص زافين الحلقة للحديث عن حرية التعبير وحرية الرأي والرأي الآخر، وحرية الإبداع في لبنان وكل الوطن العربي. كما ناقش الأسباب التي جعلت الرقابة اللبنانية تحظّر وتمنع عرض هذه الأفلام في بيروت، وسأل عن المعايير والآلية التي تعتمدها وعن المواجهة بين مقصّ الرقابة وحرّية الإبداع الفني مستضيفاً رئيسة “مهرجان بيروت الدولي للسينما” كوليت نوفل ومسؤول الصفحة الثقافية في جريدة “الأخبار” اللبنانية بيار أبي صعب.
استعرض زافين في بداية الحلقة المواقف والحلقات التي خصصها من اجل الحريات في لبنان، وخصوصا فيما يتعلق بفيلم “شو صار” للمخرج اللبناني ديغول عيد فقال: “أواخر السنة الماضية وجدنا أنفسنا مثل كثير من الزملاء الإعلاميين وسط حملة للدفاع عن فيلم وثائقي منعت الرقابة اللبنانية عرضه لأنها رأت انه يثير النعرات الطائفية. الفيلم بعنوان “شو صار” للمخرج اللبناني المقيم في باريس ديغول عيد . ولأننا نعرف أن نقول “لا” نعرف أيضا أن نقول شكراً، حيث كان من المقرر توجيه كلمة شكر إلى الأمن العام اللبناني بعد سماحه بعرض هذا الوثائقي ضمن مهرجان الأفلام الممنوعة يوم الأربعاء المقبل. يعرض المهرجان خمسة أفلام منع عرضها سابقاً في مهرجان السينما اللبنانية في العام 2009 والعام 2010، ولكن (يا فرحة ما تمت) لأنه وبخطوة مفاجئة صباح اليوم تراجعت الرقابة اللبنانية عن السماح بعرض أحد الأفلام الخمسة، وتحديداً الفيلم الإيراني “الأيام الخضراء” الذي يحكي عن التظاهرات التي شهدتها شوارع إيران عام 2009″. ماذا حصل حتى أعيد قرار المنع من جديد؟ وما هي النعرات التي يمكن أن يثيرها هذا الفيلم في بيروت؟ ولماذا سمح بعرضه وأعيد منعه من جديد؟… أسئلة طرحها زافين بداية الحلقة على كل من أبي صعب ونوفل بعدما خصص خطاً ساخناً خاصاًً لأي من المسؤولين في الأمن العام للمشاركة وشرح وجهة نظرهم في قرار المنع ومعاييره بعدما تعذر حضور ممثلاً عنهم خلال الحلقة.
أبي صعب رأى أن قضية الحريات فالتة وغير مضبوطة وقرارات المنع بحق الأفلام والكتب وكل الإنتاجات الفكرية والثقافية تصدر عن الأمن العام بشكل استنسابي لا يستند إلى معايير محددة. “أنا احترم مؤسسة الأمن العام ولكن لدي بعض التحفظات على ممارساتها فيما يتعلق بشأن الحريات الفكرية والإبداعية، بحيث يعود اغلب قرارات المنع فيها لأسباب سياسية”. وبالنسبة للحريات في لبنان وموقف الحكومة منها يقول: “إن أغلب الحكومات التي تعاقبت منذ الستينيات وحتى اليوم لم يكن موقفها أفضل. وللأمانة لبنان والعالم العربي كله بشكل عام محكوم بثلاثة أشياء لا يمكنه الاقتراب منها وهي: السياسة، الدين والجنس وكلها مرتبطة ببعضها”. وناشد أبي صعب عبر البرنامج وزير الداخلية الحالي ودعاه إلى إعادة عرض الفيلم الإيراني، كما توجه إلى وزير الثقافة الجديد ووضعه أمام تحدي للتدخل من أجل إطلاق حرية الفكر وإبراز وجه لبنان المنفتح والحضاري.
أما نوفل فتحدثت عن آلية قرار منع الفيلم الإيراني وإلغائه والموافقة عليه ومن ثم إعادة منعه من جديد، وعبرت عن أسفها لهذا الأسلوب الذي لم تجد له تفسيراً، “أنا أعلم أن خلف قرار منع عرض الأفلام سلطات أعلى من الموظفين الذين يراقبونها ويتواصلون معنا”. ونوهت أن عملية منع عرض بعض الأفلام واقتطاع بعض المشاهد منها هي نوع من تسجيل موقف ليس إلا، لأن كل المشاهد والأفلام التي يتم منع عرضها متوفرة على الانترنت وعلى عدة مواقع كـ “اليوتيوب” وغيرها…
وصرح أبي صعب خلال الحلقة عن عدة مواقف وخطوات سيتم اتخاذها في الأيام المقبلة من أجل العودة عن قرار منع الفيلم الإيراني، “إذا لم يسمح بعرض هذا الفيلم خلال المهرجان ستلجأ مجموعة من المؤسسات الثقافية إلى عرضه في مراكز خاصة دون إذن من الأمن العام اللبناني، وستكون هذه الخطوة كنوع من العصيان المدني للتعبير عن حقنا بالحرية. القضية لا تتعلق فقط بالفيلم الإيراني بل هي موضوع حريات، وهو مطلب المثقفين منذ الستينيات، وعلينا خوض هذه المعركة لتحقيق مطالبنا الثقافية. على جميع المؤسسات والجمعيات الثقافية والإعلامية التحرك لهذه الغاية”. ولفت أبي صعب إلى ضرورة وجود لجنة خاصة ومنفصلة في مؤسسة الأمن العام، تضم مجموعة من العلماء والمفكرين والمختصين لتحديد وتصنيف الأفلام التي يجب أن تمنع أو تعرض لفئة معينة من الناس. أما نوفل فدعت الإعلام للتحرك لإعادة عرض الفيلم ولنصرة الحريات الفكرية في لبنان. وقالت أن هنالك اتجاه أو تفكير لتعليق المهرجان أو إلغائه أو ربما تحويله إلى بداية تحرك لصياغة علاقة جديدة مع الرقابة، لكنهم لم يتخذوا القرار بعد.
وبعد الحديث عن الفيلم الإيراني “الأيام الخضراء” الذي مازال قرار عرضه مع وقف التنفيذ، تحدثت نوفل عن فكرة “مهرجان الأفلام الممنوعة” والهدف منه، واعتبرته خطوة تمهيدية لمهرجانات مستقبلية أكبر وأشمل سيتم خلالها عرض عشرات الأفلام الممنوعة. وتمنت أن يكون المهرجان خطوة نحو الحريات الثقافية والفكرية، بعيداً عن الاستغلال والتسييس.
استعرضت نوفل أبرز الأفلام التي كانت ممنوعة وسيتم عرضها خلال المهرجان، وهي: “شو صار” للمخرج اللبناني ديغول عيد الذي يتحدث عن الحرب اللبنانية. “الأيام الخضراء” للمخرجة الإيرانية هانا مخملباف، “أغنية العروسة” للمخرجة الفرنسية من أصل جزائري كارين ألبو وتدور أحداثه في تونس أثناء الحرب العالمية الثانية، ويحكي عن علاقة التعايش بين المسلمين واليهود، من خلال قصة فتاتين تعيشان في حي يجمع مسلمين ويهود. والفيلمان الأخيران: “كونفورتينو” (1992) و”غوستانزا دا ليبيانو” (2000) للإيطالي باولو بينفينوتي المعروف بأعماله ذات المنحى الديني التاريخي. كما تحدثت عن أسباب منعها وشروط عرضها، كتحديد سن الجمهور أو إضافة جملة معينة في بداية الفيلم… وتم خلال الحديث عن هذه الأفلام عرض مقتطفات منها والتعليق عليها.
وفي نهاية الحلقة شدد كل من أبي صعب ونوفل على أهمية المهرجان والحريات الثقافية والفكرية. فقالت نوفل انه فرصة لعرض ومشاهدة أفلام ذات قيمة فنية وثقافية غير تجارية، يهدف إلى إطلاق الحريات وإلغاء الرقابة كما في باقي دول العالم. أما أبي صعب فطالب بخطوة إصلاحية تتمثل بقانون عصري ولجنة مختصة تابعة لوزارة الثقافة تضم علماء ومفكرين، تأخذ بعين الاعتبار العصر الذي نعيشه وتصنّف الأعمال بحسب الفئات العمرية والمستويات الفكرية، وتمثّل الناس والحريات العامة. كما طالب بتحرك الرأي العام المتهم بعدم مد يد العون للحريات لتفعيل العمل ضد القيود على الحريات الثقافية.