حصري- الاعلامي منتظر الزيدي لبصراحة: تنازلت عن وسام الشجاعة لعائشة القذافي، سبّبت هاجساً للرئيس بوش ،أنا ضدّ ما يحصل للنجمة أصالة وهذا ما اطلبه من الرئيس بشار الأسد
رمى حذاءه بوجه رئيس الولايات المتحدّة الأمريكيّة حينها “جورج بوش”، شاكرا ايّاه على سرقة دماء الشهداء ودموع الامهات، وكرامة الآباء، والاموال و الموارد وحتى ضمائر البعض.
كان الصحافيّ الأجرأ حينما قام بفعلٍ نتيجته الحتميّة الموت بعد تعذيب ولكنّ رعاية الله أنقذته وأعادته الى أهله وأوطانه سالما معافى، واعتبر من قبل البعض بطلا عربيّا ودخل ربما التاريخ من أبوابه العريضة شئنا ام أبينا الاعتراف بذلك.
أصدر كتابه “التحية الأخيرة للرئيس بوش” أواخر العام 2010 مستهلّا غلافه برائعة مفادها: ” عندما كنت ملقى على الأرض..وكان الجلاد يسحق بقدمه رقبتي…ولأننا في الليل…ولأننا في النصف السفليّ من الكرة الأرضيّة…لم يع ذلك الجلاد المعتوه، أنّه يقف على رأسه، وأنّي أسحق على قدمه برقبتي!!”
لكلّ ذلك، أردناه ضيفا عزيزا على صفحات موقعنا، وكان معه هذا الحوار الشيّق، والناريّ، والذي عبّر خلاله الأستاذ منتظر الزيدي عن توجهاته ومعتقداته وآرائه الخاصّة التي تخصّه، والتي قد نوافقه على بعضها ونتعارض معه في بعضها الآخر، ولكن تبقى آراؤه الحرّة التي من أجلها رمى بوش بحذاء كرامة عربيّة…والتي من أجلها هو مستعدّ للموت، اليكم التفاصيل:
أستاذ منتظر، ان عدت بك الى حوالي الثلاث سنوات، ماذا تذكر من تلك الحادثة؟
الموضوع الذي أعود اليه اليوم، هو انّ الحادثة ما كانت الا ردّة فعل شخص على “واحد” قتل شعبه. لن يكون هناك “لمَ”، او “لماذا”، او “لو”. وعندما أعود الى الوراء لا أحصي التضحيات، ولا الضريبة التي دفعتها. هذا الموضوع الوحيد في حياتي، الذي يستحيل أن أندم عليه.
عندما أقدمت على خطوة رمي بوش بالحذاء، الم تكن على يقين بأنّ الموت هو النتيجة الحتميّة لها؟
ذكرت هذا الامر في كتابي، وركّزت عليه كثيرا، لأنّ النفس تضعف أحيانا عندما نفكّر في الموت والعذاب الذي قد نتعرّض له، ولكن عندما فكرت في بلادي وما فعله هذا الرجل فيها، لم أفكّر في النتيجة النهائيّة، بل أقدمت على رميه بثقة.
من انت اليوم بالنّسبة لبوش؟ وهل تعتقد أنّك تركت أثرا في حياته؟
سأذكر لك حادثة حصلت مع بوش في الأيام الأخيرة، وهي موجودة بالفيديو على المواقع الالكترونيّة، حيث كان الأخير يشاهد مع زوجته لعبة “بايسبول”، فطارت الطابة وتوجّهت نحوه هو بين كلّ الحاضرين، فارتعب وقام بنفس ردّة الفعل التي قام بها حين تهرّب من الحذاء، وابتسم أيضا نفس الابتسامة الصفراء التي وزّعها حينما تلقّى الحذاء. وهذا ان دلّ على شيء فعلى الهاجس الذي أصبح يعانيه من الأشياء الطائرة التي توجّه اليه!!
ذكرت في كتابك، انّك ستعود يوما الى العراق، وستعمل على تدمير وازالة السّجون هناك، لم؟ وهل لا يزال هذا الحلم قائما؟
لن نرتاح، طالما هذه السّجون موجودة. لانّ الشعب العراقي يعذّب فيها ويهان فيها. ومؤخرا عندما القي القبض عليّ، وضعوني في زنزانة انفراديّة مواجهة لتلك التي سجنت فيها أول مرّة. وأحسست أنّها مفارقة، تزيدني اصرارا على تدمير تلك السّجون.
أستاذ منتظر، يدّعي البعض انّك وسيلة لتنفيذ مشاريع خارجيّة، ذات تبعيّة طائفية ودينيّة معيّنة، ما ردّك؟
دائما في العالم العربيّ، نضع خلف أيّ حادثة محرّض، ومفبرك وصانع. اكتفي بالقول أنّ الأنبياء لم يجتمع عليهم أحد، وتعرّضوا للكثير من الضغوطات والانكار والتشرّد والرفض. حتى الله عزّ وجلّ، يأتي البعض ليعلنوا عدم ايمانهم بوجوده. فكيف بي أنا، من الطبيعيّ أن ينقسم حول قضيّتي النّاس.
تعرّضت للتعذيب والضرب أثناء سجنك…ما نعرفه أنّ الضرر الجسديّ تتم معالجته ويتوارى مع الوقت. ماذا عن الضرر النفسيّ؟
بكلّ صراحة، بالنّسبة للضرر النفسيّ، حاولت أن أعالج نفسي نفسيّا وهذا الأمر يعتمد على الانسان. أي عندما أترك هذا الموضوع وأضعه بعيدا. واعتبر أنّ ما حصل معي هو نصر، وكلّ ضربة كنت أتعرّض لها، كنت أراها تأكيدا على النصر الذي حققته، وتأكيدا على حجم الغضب الذي سببته لهم. وكل جلدة كانت تؤكّد لي أنّهم يفكرون بي. وأسهل أمر أن تضرب انسان كما أن تقتله، ولكن أصعب أمر، أن تهدم حياة انسان. الشرّ سهل دائماً، والخير صعب، وأنا حامل للخير في حياتي، وهو الأمر الصعب بالنسبة لي.
ذكرت أيضا في كتابك، أنّك كنت تتلاعب على ذهنك داخل السجن الانفراديّ باستعادة الذكريات، وتزيين السجن، وكتابة الأشعار وغيرها من الوسائل لتمرير الوقت. من أين أتيت بهذه التقنية لذهنيّة لتنقذ عقلك وجسدك من التعب؟
الحاجة أمّ الاختراع. كنت احاول ان أهرب بفكري، وأفصل جسدي عن فكري. وأكثر مكان هربت اليه كان “بيروت”، هذه المدينة التي احتضنتني، كنت أقصد الأماكن التي كنت ازورها مع أصدقائي، كنت أزور الحمرا وزواريبها، الروشة وغيرها من المناطق التي تعني لي الكثير. وكانت ذاكرتي تسعفني لما فيها من مخزون فائض.
قبل الاقدام على هذه الخطوة، الم تفكّر في الشهرة والمناصب التي قد تنهال عليك لو نجيت وعدت حياً، كما حصل اليوم؟
أبدا لم أفكر في الأمر، ولم أكن أتوقع أبدا أن تلقى الحادثة هذا الصدى العربيّ العالميّ. كنت أتصوّر أن العراق في فقاعة، والدنيا سائبة، والعرب كلّ مشغول في أحواله. آخر ما توقعته ان أحظى بهذه الشهرة وحبّ النّاس. لم أعرف أنّ العراق لا يزال مرتبطا بالضمير العربيّ، كنت أعتقد أنني سأوضع ضمن فئة المفقودين، وأنّه رويدا رويدا ستنتهي القصّة.
وهذا التضامن الشعبيّ، كم ساهم في رفع معنوياتك؟
كثيرا جدا، خاصّة أن التضامن العربيّ كان عظيما، اضافة الى تضامن عالميّ من أمريكا، اوروبا ومختلف دول آسيا. وهذا ان دلّ على شيء، فعلى أنّ الرسالة وصلت وسريعا جدا.
هل صحيح أنّ المنزل الذي أعطي لك سحب منك، وأنّ التبرعات التي أعطيت لك للمساهمة في انشاء جمعيّتك الانسانيّة تبددت بمعظمها؟
هذا الموضوع يحزنني جدا، فالأمر تحوّل الى مزاد علنيّ حول منتظر الزيدي. جزء من هذه التبرعات كان تعاطفا شعبيّا، وجزء آخر كان سعيا وراء الشهرة ولفت الأنظار، أما الجزء الثالث فكان تضخيما أمريكيّا لتفريغ القضيّة من مضمونها. ولعبوا على هذا الوتر كثيرا، قائلين أنّ المال والبنون والنساء والذهب تمطر عليّ، كل ما قيل مضخم ولا يمت الى الواقع بصلة. فمن اين أتوا بشائعة تبرّع أمير قطر لي بحصان من ذهب؟ كما بتبرّع فلان بملايين الدولارات وغيرها؟
ولا أخفي أنّني عندما كنت في السجن، خفت من الفتنة، اي خفت عندما أخرج أن تنسيني هذه الأموال قضيّة الناس، لذلك طلبت من أخي أن يؤكّد للجميع أنّ كل ما سأحصل عليه سيذهب لصالح الجمعيّة الانسانيّة المعنيّة بشؤون النساء والأطفال العراقيين. أمّا المنزل فقد قدّم لي من قبل ادارة محطة البغداديّة، الذين طبّلوا مع من يطبّل حينها، ومن ثم عادوا وسحبوا المنزل منّي معتبرين أنّ ما أهدوني ايّاه غير مسموح التبرّع به. ولم أحزن فالله الغنيّ.
وفي احدى المواقع، سألوني نفس السؤال، فأجبتهم :” للأسف كان كلّه كلام”. رأسا أصدروا خبرا بعنوان:” منتظر الزيدي يأسف لأنّه لم يحصل على التبرعات”. وهذه المواقع والصحف حتما تابعة لاعلام أمريكا. ومن ثمّ طبّلت بها “الشرق الأوسط” وغيرها. ان سكتنا يقولون منتظر لا يريد البوح وان تكلّمنا يقولون يشكو “والله احترنا وياه العالم”. حتى أنّ “الشرق الاوسط” عنونت احدى افتتاحياتها بـ “صحافيّ الحذاء يشكو”، عيب!!
اليوم استطعت أن تؤسس هذه الجمعيّة، ولكن ما مصيرها، وما الذي تنفذه اليوم من خلالها؟
الجمعيّة ما زالت معطلة، لأنّ المشاريع بحاجة الى دعم، والدعم يحتاج الى حماس النّاس ومساهماتهم.
ان كانت حادثة كحادثة الزيدي لم تدفع النّاس الى التبرّع، ما الذي قد يدفعهم لذلك؟
أخي العزيز القصّة ليست كذلك، ما الأمر الّا أنّ النّاس يكرهون أمريكا، ولكن يخشون أن يحاربوها ويهاجموها. يتصدّون لها عندما تهاجمهم نعم، ولكن لا يحاربونها هم من تلقاء نفسهم. لا زلنا في طور المقاومة. فالحروب نوعان هجوم ودفاع. ونحن أقصى ما لدينا وأفضل ما عندنا هو المقاومة، ولم نصل بعد الى مرحلة أن نكون منافسين خطرين، او ان نكون الندّ او أن نهاجم!!
لذلك معظم الزعماء العرب يهاجمون أمريكا في العلن، ولكن في السرّ يخشون محاربتها، لأنّ من تضعه أمريكا في رأسها تدمّره وتنسفه عن الأرض. لذلك ترى كلّ الذين يعادون أمريكا غرباء عن هذه الأرض وغير مستقرين.
عندما نرى ما يحصل في العراق نتساءل لم العراق، ما رأيك؟
العراق لديه موقع استراتيجيّ، فهو ملتقى الحضارات من آلاف السنين. العراق يتمتّع بثروات نفطيّة وغيرها تؤهله ليكون في طليعة الدول العالميّة المنتجة والمصدّرة. اضافة الى أنّه بلد الأنبياء، وكأنك تشاهد فيلما تاريخيا، من النبي يونس، الى النبي صالح، الخضر، الى مقامات أهل البيت عليهم السّلام، وغيرهم من الرموز الذين حوّلوا العراق الى مزار دينيّ.
كما أنّ وجود “بابل” في العراق، والتي غزت يوما اليهود وسبتهم، لا تزال تشكل وصمة عار على جباههم. لذلك اليوم وبكلّ أدبيات الصهيونيّة، يصفون بابل بالعاهرة، ويصوّرونها على أنّها تقتل النّاس. لذلك بعد دخولهم الى العراق، أكّد أحد الجنود العرب، أن ال CIA عندما دخلوا المتحف الوطني العراقي سرقوا نصب “نبوخذ نصر” وقالوا بالحرف الواحد:” ها قد عدنا يا نبوخذ نصر الى بابل لنأخذك أسيرا الى أوراشليم”!!
انّ سرقة المتحف الوطني كانت كارثة حقيقيّة، لأنّ الأمريكان حاولوا من خلال ذلك نسف ثقافتنا وتاريخنا عن بكرة أبيها، ولم يتحرّك أحد، ما رأيك؟
العرب قابعون في زنزانات ديكتاتوريّاتهم. ففاقد الشيء لا يعطيه، لأنّ حريّتهم مسلوبة، فكيف يمنحون الحريّة للآخرين؟ أمّا مسألة العراق فهو لم يسقط، لأنّه بعد كلّ ما حصل، نشأت مقاومات شيعيّة وسنيّة قتلت العدوّ وجعلته يغيّر أجنداته وخططه. وما الانسحاب الأخير الّا ثمرة لهذه المقاومات. سياتي اليوم ونأخذ بثأرنا ونرجع كلّ ما ضاع.
هل من أمل في استعادة ما ضاع؟
طبعا، طالما هناك حياة، وطالما هناك نفس يدخل ويخرج “في أمل”.
اذا، لن يستطيعوا محو تاريخنا؟
لن يستطيعوا طبعاً. أتعرف لم؟ لأنّنا شعب حيّ، وحتى ولو أبادوا الشعوب بأكملها لن يستطيعوا. نحن لسنا حضارة الـ “الأنكا والأسكا”، او حضارة الهنود الحمر، وهي ليست بحضارة بل بقبائل، حتى يبددوننا.
نحن شعوب حيّة في العالم كلّه، فاسرائيل مثلا “ذابحة حالها” حتى تعمّم اللغة العبريّة في العالم، “وفي كم واحد ملطوش بيحكي عبري”، كما أنّ الانجليزيّة تتغيّر وتتطوّر مع الأيّام، كما أنّ اللاتينيّة شبه منقرضة وظلّت في اليونان. بينما العربيّة حفظتها الكتب السماويّة المقدّسة، والألسن العربيّة وستظلّ ممتدة، فمن سيستطيع محو تاريخنا؟
تفاجأت بالجرأة المعتمدة في كتابك، حيث ذكرت أسماء من عذّبك و قسى عليك داخل السّجن، كيق تجرات على ذلك وهم لا يزالون في سدّة الحكم؟
ليس غرورا، ولكنّني أرفض الخوف ولا أعترف به، وهذا ليس تهوّرا، ولكنّني مؤمن من أنّ الخوف لا يحصّل لك حقّك، وطالما هناك خوف، هناك حقوق مهدورة. عندما يصبح الانسان شجاعا في رأيه و قراره وكلمته “ليش يعيش ميّـت والسّلام”، مثلما يقولون هناك من يعيش ميّتا، و من يموت حيّا. أصحاب كلمة الحقّ لا يموتون. لم لم يمت المسيح، ولا الرسول صلى الله عليه وسلّم، ولا الحسين، ولا غاندي ولا شي غيفارا؟ لأنّه كان لديهم مواقف مشرفة. وحتى لو متّ، ليس لديّ ما أخسره، لأنّ الذي خسرناه كثير، والحقّ يحتاج الى صوت وجرأة.
هل انت ممنوع من دخول العراق؟
طبعا لا، لا أحد يستطيع منعي من دخول العراق، هذا بلدي وهم الغرباء.
من يحمي منتظر الزيدي؟
الله عزّ وجل
كلنا يحمينا الله…ولكن كيف تجرؤ على دخول العراق ورأسك مطلوب هناك؟
انا انسان بسيط و ايماني “على قدّي”، ولدي ثقة بالله عزّ وجلّ، وأؤمن أنني حتى لو مشيت على الزجاج لن يحصل لي شيء ان كان الله لا يريد ذلك. اعلم أنّ الله هو الحامي. وها هم من حمتهم البارجات والسيارات المصفّحة أصبحوا في مهبّ الريح!!
اليوم تتنقل بحريّة كاملة؟
نعم طبعا أتمتع بحريتي الكاملة
ولكنّك تلعب مع أمريكا، مع قوّة ضاربة ومخيفة؟
أريد أن أسأل الشباب العرب: لمن أنت حيّ ولماذا؟ ستنتهي عاجلا أم آجلا. لذا اطلب منهم أن لا يكتفوا بكونهم شهابا يمرّ بسرعة البرق، بل أن يصبحوا نجوما يضيؤون هذه الدنيا ونقتدي بهم. لا تكونوا غير مبالين، عيشوا من أجل هدف وموتوا من أجل هدف. لأنّ اللامبالاة ستجعلنا عددا بين المليارات من الذين يقصدون الدنيا ويرحلون عنها.
بكلّ صراحة، أيهما أفضل عراق اليوم ام عراق صدام حسين؟.
العراق لم يختلف، بل انتقل من السيء الى الأسوأ. تحكمه اليوم مجموعة ولكن أيضا ديكتاتوريّة. وأنا دائما أقولها، الشعب العراقيّ لم يرتح أبدا. كثر يقولون لي أنّ العراق كان حرّا سيّدا، بينما أعتبر أنّه كان في حال سيئة وأصبح في حالة أسوأ.
ما رأيك بما يطلق من شائعات حول عودة صدام حسين القريبة، وأنّه لم يمت،بل تمّ شنق شبيه له؟
هذا الأمر ما…لا تعليق.
الثورات العربيّة:
أستاذ منتظر، ما رأيك بالثورات العربيّة بشكل عام؟
انّها صرخة الـ “لا” في وجه الظالم
هل هي نتاج الشعوب أم نتاج خارجيّ؟
لا طبعا هي نتاج الشعوب العربيّة المقموعة. فالضغط يولّد الانفجار. أصبح الانسان العربيّ يتمنّى أن يكون كلبا أو حيوانا في أوروبا، بدل أن يكون مواطنا في بلده. فهناك، الحيوان مدلّل ومكرّم ولديه جمعيات تدافع عن حقوقه. بينما هنا أنظر الى السجون العربيّة، والى أحوال العرب في الدول العربيّة. الزعماء العرب كسروا الشخصيّة العربيّة!!
عوّدونا على الخنوع والاستسلام؟
للأسف نعم، هؤلاء العسكر وأقولها بالفم الملآن، العسكر هم أمقت النّاس. كلّ الدول التي كانت تخضع لممالك بريطانيّة، قمع العسكر شعوبها. فالعسكر ينفّذون الأوامر ويبطشون بالنّاس.
ما رأيك بثورة مصر وتونس؟
هي طبعا ثورات كريمة، وأتت نتيجة تراكم الفساد والديكتاتوريّة.
الى أين مصر ذاهبة؟
(يتنفس الصعداء) أنا خائف على مصر، يحاولون افتعال الفتن الطائفيّة فيها. أخاف من أن يذهب ديكتاتور ليأتي ديكتاتور جديد!!
هل الوضع في ليبيا مختلف؟
عندما سمعت وشاهدت ما يحصل في ليبيا، اتّصلت بالجهات المقرّبة من “عائشة القذافي” التي سبق ومنحتني وسام الشجاعة وتنازلت عنه.
ولكن ما يحصل اليوم مؤسف جدا، اذ تحوّل الأمر الى صراع بين ليبيّ معارض وليبيّ موال. وآسف أن نسمح لقوّات النيتو أن تخترق أجواءنا بطائراتها وتضرب أرضينا. هل رأينا يوما طائرة تابعة لدولة عربيّة تشارك في حرب غربيّة؟ أعتقد أنّه على النّظام الليبيّ ان يتنحّى، كما على المجلس الانتقالي التنحي أيضا، وليتركوا الشعب الليبيّ يقرّر مصيره.
وعن البحرين ماذا تقول؟
للأسف تمّ التعاطي مع ثورة البحرين كما الأردن بأسلوب مختلف. لم نصبغ بعض الثورات التي لا تعجبنا بصبغة الطائفيّة؟ لم نقف الى جانب ثوّار مصر وتونس وليبيا ولا نقف الى جانب ثوّار البحرين والاردن؟…وفي السّعودية أيضا
حصلت بعض المظاهرات وتمّ قمعها والتعتيم الاعلامي عليها، لماذا؟
في البحرين يجنّسون الباكستانيّ و الهنديّ ويضمونه للجيش حتى يقمع اخوانهم الشيعة هناك، تخيّل!!. وهذا الأمر ليس ببعيد عن معظم الأنظمة في الخليج، فهم يحترمون الغريب أكثر ممّا يحترمون أبناء وطنهم من الشيعة.
وفي سوريا، كيف ترى الأوضاع اليوم؟
شخصيّا عندما تسألني عن النّظام السوريّ، اذا جرّدت نفسي من كل شيء وتكلمت بأنانيّة أقول لك أنا مع النّظام ومع المليونين عراقيّ، لأنّ كلّ الأبواب العربيّة سدّت في وجه العراقيين، الّا أبواب سوريا، كما الأردن. وسوريا هي الدولة العربيّة التي وقفت ولا تزال في وجه اسرائيل.
وما رأيك بالثورة في سوريا؟
لا دخان من دون نار، وطبعا يحقّ للشعب السوريّ أن يطالب بالاصلاحات . وأنا حزين لما يتعرضون له ولما يحصل معهم. وعلى النظام ان يلتفت لمطالبهم وان يسعى الى اجراء الاصلاحات التي يريدها الشعب بأكمله.
وأنصح الرئيس بشار الأسد بالاستقالة، والاشراف على الانتخابات الجديدة، وانا متأكّد أن أكثر من 77% من الشعب السوريّ سينتخبه مجددا، لأنّهم يحبّونه.
أسئلة عامة:
أستاذ متتظر ما رأيك بالاعلام العربيّ اليوم؟
هناك تحسّن في أوضاع الاعلام العربيّ، الذي أصبح قادرا أكثر على احداث التغيير وايصال الكلمة والصورة. ولكن عليه أن يتخلّص من التبعيات السياسيّة.
ما رأيك بما يثار حول “الجزيرة” و “العربيّة” وغيرهما من المحطات التي تنقل ما يحدث في العالم العربي؟
هي قنوات مشاهدة وموجودة، ولكن لكلّ منها أجنداتها الخاصّة التي تمشي على أساسها وتنفّذها!!
اذا لا يوجد الرأي والرأي الآخر؟
هناك الرأي والرأي الأوحد!!
ما رأيك بالصحافة الالكترونيّة، التي قال فيها يوما الاعلاميّ اللبنانيّ “زياد نجيم”، أنّها استطاعت أن تغتصب الرقابة؟
المعلومة صارت تسري أسرع مما يسري الدم في الجسد. والصحافة الالكترونيّة غزت بشكل سريع. ولم تعد المعلومة حكرا على الزعماء او المنظومات السياسيّة. وأصبحنا قادرين على استقاء المعلومات من آلاف المصادر الموجودة على الانترنت. أتوقع أن تصبح الصحافة الالكترونيّة بعد عشر سنوات الوسيلة الأهمّ.
مع و ضدّ:
مع أو ضدّ أن تقوم المرأة السعوديّة بقيادة السيارة؟
طبعا مع لأنّ ذلك من حقّها
مع او ضدّ التوقيع على معاهدة السلام مع اسرائيل؟
طبعا ضدّ، لأنني لا اعترف باسرائيل أصلا
مع أو ضدّ أن يأخذ الفنان او الوجه العام طرفا في القضايا السياسيّة؟
من حقّه أن يعبّر عن رأيه. ولكن أفضل أن يبقي الوجه العام نفسه بعيدا عن الانحياز لطرف ضدّ آخر، لأنّ ذلك سيأثر عليه سلبا.
اليوم أصالة تتعرّض لأفظع حملة، وهي مهدّدة بسحب الجنسيّة منها وبقتلها ان دخلت سوريا، ما رأيك؟
انا ضدّ ما يحصل لأصالة وغيرها، عليها أن تقصد سوريا وأن تدلي برأيها الحرّ هناك. لكلّ منّا الحريّة في التعبير عن رأيه مهما كان. وهذا الأمر نعاني منه في الدول العربيّة، لدينا الرأي الواحد فقط، ومن لديه الرأي الآخر يصبح عدوّا و خائنا ومتآمرا وهذا ليس صحيحا.
من خلال تجربتك، انت مع ام ضدّ ما يقال حول عدم ارتفاع نسبة المهتمين بالقراءة بين أوساط الشباب؟
مع الأسف، فمبيعات كتابي مثلا لم تتعدّى الكميّة المتوقّع بيعها للأسف، وأعتقد أنّ الشعب العربيّ لا يقرأ ولا يزال بعيدا عن الكتاب.
ما هو البلد الأقوى عربيّا، والذي يقف سدّا منيعا في وجه المخططات الخارجيّة؟
برأيي سوريا
من هو الزعيم الأقوى عربيّا اليوم؟
السيّد حسن نصرالله
ما هي القناة الأقوى اليوم؟
كلّ القنوات مشاهدة، ولكنّ الجزيرة تتمتّع بالقاعدة الجماهيريّة الأقوى.
تعرضّت في فرنسا لحادثة غريبة من قبل أحد الصحافيين، أخبرنا عنها أكثر؟
نعم صحيح، قام أحدهم برمي حذائه عليّ في احدى اللقاءات الصحافيّة، وقام معظم الموجودين بضربه، فطلبت منهم أن لا يفعلوا ذلك، وهذا الشخص قبض 10000 دولار من رئيس جمهورية العراق ليفعل ما فعله. وهذا الشخص، توجّه الى السّفارة الأمريكيّة في فرنسا، فرحوا بما فعله، ولكن من سوء حظّه “طلع السفير ديموقراطي”، فقال له:” من قال لك أنّنا مع سياسة بوش وأننا نعادي منتظر الزيدي” وطلب منه الرحيل. وللأسف الشديد يحتسب عليّ لأنّه عراقيّ في النّهاية.
ضربت بوش سابقا، من تودّ ان تضرب اليوم من بين الزعماء العرب؟
تمنيت منذ أيّام قليلة، عندما كان الخنزير الصهيونيّ يتكلّم على التلفزيون حول مسألة الاعتراف بفلسطين دولة شرعيّة، أن أكون هناك لأرميه بحذائي، ردا على الكلام المقيت الذي كان يقوله بحقّنا. وفرحت جدا، عندما رأيت امراة فلسطينيّة تشتمه، وحاولت ضربه بحذائها ولكنّهم لم يسمحوا لها بذلك.
هلّلنا كثيرا لأوباما، وصنعنا له هالة المخلّص، هل كان أفضل من آل بوش؟
منذ ان تمّ انتخابه، وقبل أن يكشف عن وجهه الحقيقيّ، كنت أقول :” ذهب الكلب الأبيض، وجاء الكلب الأسود”. لديهما نفس الأجندة السياسيّة المعدّة مسبقا وعليهما أن ينفذاها. فهو عندما تحدّث مرّة عن دولة فلسطينيّة منزوعة السّلاح، “شدولوا اذنه”، فخرج ليقدّم ولاءات الطاعة وليؤكّد أنّه يمنحهم full support
وانا هنا أستغرب، لم لا نستطيع كعرب أن نشكلّ لوبي ضاغط، خاصّة أنّ عددنا كبير جدا ونحن منتشرون في معظم الدول الغربيّة. لأنّ العربيّ مهما غيّر في لباسه ولغته وحتى ولو غيّر دمه، سيبقى بنظرهم مواطن عربيّ درجة ثانية!!
لم تقل لي من من الزعماء العرب تودّ رميه بالحذاء، وان لم تكن تحبّ هذه العبارة، من تودّ محاسبته؟
اودّ محاسبة كلّ الزعماء العرب بلا استثناء، فأنا ضدّهم جميعهم، كلّهم طابور واحد، وكلّهم يعشقون الكراسي والمناصب ويؤمنون بالتوريث.
أستاذ منتظر هل تودّ الانتقام ممن عذّبك؟
لم أفكر يوما بمبدأ الانتقام، ولو أردت ذلك لفعلتها وانا هنا في لبنان. كثر طلبوا منّي أن أعطيهم الأسماء وأن أمنحهم الضوء الأخضر كي يصفّوهم، ولكنّني رفضت. سآخذ حقّي عبر القانون والعدالة.
كيف ترى الوضع العراقيّ اليوم؟
العراق للاسف حبيس الآراء الطائفيّة، حبيس للمنظومة الدينيّة. فالرموز الدينيّة أصبحت تؤثّر في حياة، أكل وشرب العراقيين. أحترم الرموز الدينيّة وأقدّرها، ولكنّ السياسة شيء والدين شيء آخر.
كثير منهم رفض خروج العراقيين في مظاهرات للمطالبة بلقمة العيش، والكرامة والحياة وهذا ظلم. وانا أعتقد أنّه على العراقيين الخروج من معتقد الخوف من العذاب الأليم الذي سيلقوه ان خرجوا عن تعاليم رجل الدين أيا كان سنيّ شيعيّ او مسيحيّ!!
وانا لديّ أمل كبير في مظاهرة 610 التي سيطالب فيها العراقيّون بجريّتهم.
كلمة أخيرة للشعب العراقيّ؟
أتمنّى أن ينعم العراق بالسلام والأمن قريبا. وأعتقد أنّ الصراع القائم ما هو الا صراع نفوذ وسلطة. وأودّ أن أنوّه الى مسالة اعتبار ايران اليوم العدوّ اللدود الذي سيحكمنا، وبتنا نطلق عليه القابا كثيرا كالفرس، والغزو الشيعيّ وغيرها. حتّى أنّ البعض في الدول العربيّة، يخاف من ايران أكثر مّما يخاف من أمريكا العدوّ الأكبر.
أذكر أنّ احد كبار رجال الدين في العراق قال لي يوما:” ايّاك وايران فهي تكره العرب والمسلمين”…فقلت له:” على حدّ علمي، انّ صاحب أكبر مرجع مذهب اسلاميّ هو “ابو حنيفة النعمان” وهو فارسيّ. اضافة الى كبار علماء الدين الذين أثروا الأحاديث النبويّة الشريفة. وغيرهم من الكتّاب والعلماء كابن سينا وغيره. فلننظر للأمور بشفافيّة، لم لا نكره تركيا، وحكمنا العثمانيّون 400 سنة بالحديد والنّار؟
قبل أن نختتم حوارنا، أستاذ منتظر أنت شاب كأي شابّ، أين المرأة في حياة منتظر الزيدي؟
المرأة (يستدرك) هناك امراة واحدة في قلب منتظر الزيدي (وابتسم)، وعندما يصبح الموضوع أكثر (أقاطعه)
عريس ال2011؟
أتمنّى ذلك، انشاءلله “بس هيّ توافق” (وضحك مطوّلا)
كلمة أخيرة لقراء موقع بصراحة؟
أتمنّى عليهم أن يحوّلوا الردود على هذه المقابلة الى حلقة حوار قيّمة، نتبادل فيها أراءنا وتوّجهاتنا المختلفة، ونعبّر فيها عن اعتقاداتنا الحرّة. وأعد بأنني سأتابع هذا الموقع باستمرار، وأتمنى أن يصبح موقع بصراحة من أهمّ المواقع الالكترونيّة العربيّة، وأن يتحوّل الى مكان يجمع الشباب العربيّ.