خاص- اذكر يا انسان انك من التراب وإلى التراب تعود
“اذكر يا انسان انك من التراب والى التراب تعود”
عبارة يردّدها منذ صباح هذا اليوم الكهنة المنتمين الى الطائفة المسيحية الكاثوليكية حيث يقومون بمسح جبين ابناء الرعيّة بالرماد على شكل الصليب بمناسبة بدء زمن الصوم المقدّس الذي تتكلل نهايته بعيد الفصح المجيد ، العيد الاهم لدى الطائفة المسيحية اذ يعني لها تجديد العهد مع يسوع المسيح الذي قام من بين الاموات ليفدي الانسان الذي صلب من اجله .
فريضة الصوم كانت فريضة عامة منذ تأسيس الكنيسة ، والكنيسة تأخذ بعين الاعتبار وضع الاشخاص الصحي فالصوم وبحسب الكنيسة ليس الهدف بحدّ ذاته بل هو وسيلة للتقّرب أكثر من الله علّنا بذلك نعودالى ذاتنا وهي دعوة لنعترف بخطأنا وضعفنا ،لذا نصوم عن الرذائل و الخطايا والاذية والحقد والضغينة ….
“أذكر يا انسان انك من التراب والى التراب تعود”
كم يجب ان نحتقر انفسنا حين نسمع هذه العبارة ، فنحن سنعود عاجلاً ام آجلاً الى التراب الذي منه خلقنا ، تاركين وراءنا المجد الباطل الذي من أجله نبيع ضمائرنا وكرامتنا وعزّتنا ومن اجله نتخلى عن احبائنا واقرب الناس لنا ، ومن اجله نخون بعضنا ونرضى بالذّل والمهانة، ومن اجله نبيع ارضنا وعرضنا، ومن اجله ندوس على قلوب من أحبّنا ، ومن اجله لا نعيش كإنسان على صورة الله ومثاله بل نتحوّل الى حيوان مفترس لا يهمه سوى رغباته وحاجاته واشيائه ، وننسى …نعم ننسى اننا تراب والى التراب سنعود يوماً مخلفين وراءنا كل الاشياء المادية التي لهثنا طوال حياتنا وراءها ونأخذ معنا الى مثوانا الاخير الندم والخذي والعار والخطيئة والضعف والهزيمة واحتقارنا لذواتنا ونخلّف وراءنا حياة كتبت لنعيشها بمحبة و تضحية في سبيل من نحب ، نعيشها بحرمان الجسد لتخلّد الروح، نعيشها بخوف ومحبة الله ، نمارس خلالها كل طقوس الانسانية فنكون على صورة الله ومثاله…
“اذكر يا انسان انك من التراب والى التراب تعود”
زمن الصوم محطّة لنحاول تصليح أمورنا قبل فوات الاوان فنحن “غبار” في هذا الكون الكبير ، فلا اموالنا ولا ثرواتنا ولا القابنا ولا انجازاتنا ولا قصورنا ولا ملابسنا ولا حياة الترف التي نعيشها ولا حياة الرذيلة تدوم ، كله مجد باطل ويوم الحساب سنقف عراة امام الله فيحاسبنا على كل ما اقترفت ايدينا ، سيحاسبنا على كل الشرّ الذي مارسناه على الآخرين وكل الضغينة التي تجذّرت في قلوبنا ، سيحاسبنا على كل الأذية التي تسبّبنا بها وكل المكائد التي نصبناها ، سيحاسبناعلى كل “فلس” حرام جنيناه على حساب كرامتنا واخلاقنا وتعاليم الهنا ، سيحاسبنا على كل دمعة تسبّبنا بذرفها ، على كل حرقة قلب ، كل وجع ، كل ألم ، سيحاسبنا على كل ما لم نقم به لنرسم الابتسامة والفرح على وجه الآخر .
“اذكر يا انسان انك من التراب والى التراب تعود”
ربما يجب ان نذكر أكثر اننا لا نساوي حفنة تراب ان تجردنا من انسانيتنا وايماننا وحبنا للآخر كما علمنا يسوع المسيح ، فمع بداية شهر الصوم المبارك اليوم نجدد تأملاتنا بكل تفاصيل حياتنا ونعيد حساباتنا فلتكن هذه فرصة لتجديد الايمان والالتزام بتعاليم الكنيسة ولنغير مسار حياة اخفقنا في عيشها كما علمنا الهنا ، ولنعود الى الحقيقة ، الحقيقة الوحيدة الكاملة والنهائية اننا من التراب….والى التراب نعود!!